ج٤ص٢٨٧
وتفسيره الأوّل على تفسيره بالرمي وقيل إنه
جزم به، والزمخشرفي جوزه لأنه ذكر للقوّة معاني، ما يتقوى به والرمي والحصون، وكونه كذلك على الأوّل فقط والمصنف رحمه الله لم يذكر الحصون وأوّل الرمي بكونه الأقوى فلذا جزم به، وقيل المطابق للرمي أن يكون الرباط مصدرأ وعلى تفسير القوّة بالحصون يتم التناسب بينه وبين رباط الخيل لأنّ العرب سمت الخيل حصونا وهي الحصون التي لا تحاصر كما في قوله :
ولقد علمت على تجنبي الردى
أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى
وحصني من الأحداث ظهر حصاني
ومنه أخذ المتنبي قوله :
أعز مكان في الدنيا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
قوله :( تخوفون به الخ ) هذه الجملة حال من أعدوا وفيه إشارة إلى عدم تعين القتال لأنه
قد يكون لضرب الجزية ونحوه، وقوله من غيرهم فسرها بغير لأنها ليست للظرفية الحقيقية. قوله :( لا تعرفونهم بأعيانهم ) جعل العلم بمعنى المعرفة لتعديه لواحد، وقد جوز أن يكون على أصله ومفعوله الثاني محذوف أي لا تعلمونهم محاربين لكم أو معادين وهو تكلف، وقال بأعيانهم لأنّ المعرف تتعلق بالذوات، وقوله يعرفهم أطلق العلم على الله، وهو بمعنى المعرفة والمعرفة لا يجوز إطلاقها على الله على ما عليه الأكثر ولا حاجة إلى أن يقال إنه للمشاكلة لما قبله فلا يرد ما اعترض به عليه وان ذهب إليه في الدر المصون مع أنه وقع إطلاق العارف على الله في نهج البلاغة، ووجهه ابن أبي الحديد في شرحه كما مرّ، وقوله يوف إليكم أي يؤذي بتمامه والمؤذي جزاؤه لا هو فلذا ذكره المصنف رحمه الله إشارة إلى التقدير، أو التجوّز في الإسناد وتضييع العمل إحباطه وعدم الثواب به يعني أنّ الظلم عبارة عما ذكره وان كان له ذلك فإنه يفعل ما يشاء فله تعذيب المطيع فضلاً عما ذكر فتدبر، وقوله ومنه الجناح أي سمي به لأنه يتحرك ويميل، والسلم له معان منها الاستسلام للطاعة. قوله :( وتأنيث الضمير لحمل السلم
على نقيضها فيه ) المراد بالنقيض الضد وهو الحرب لأنها مؤنثة سماعية، وقوله فيه أي في التأنيث. قوله :( السلم تأخذ الخ ( لم أر من عزاه، ومعناه أن السلم أمر مرضيّ ينبغي الاستكثار منه، وأمّا المحاربة فتجتنب الإلداع فتدخل على مقدار الحاجة، وشبهها بمشرب غير طيب يكتفي بقليله لدفع العطش، وأنفاس جمع نفس بفتحتين وأصله من التنفس، وهو إخراج الهواء من الجوف، والمراد به مجازا المزة من الشرب كما في قول جرير :
تعلل وهي ساغته بفيها بأنفاس من الشبم القراج
وجرع بالراء والعين المهملتين جمع جرعة بتثليث أوله، وهي حسوة من ماء وهو من المجاز كما يقال تجرع الغيظ كما ذكره في الأساس فمن ظنه جمع جزعة بكسر الجيم، وضمها والزاي المعجمة وهي القليل من الماء وقال : إنه صحح في النسخ فقد أساء الرواية والدراية، وقراءة فاجنح بضم النون على أنه من جنح يجنح كقعد يقعد، وهي لغة قيس قراءة شاذة قرأها الأشهب العقيلي والفتح لغة تميم وهي الفصحى، وقوله خداعا أي في السلم والصلح. قوله :) والآية مخصوصة بأهل الكتاب الخ ( أهل الكتاب هم يهود بني قريظة، وهم المعنيون بقوله الذين عاهدت إلى هنا إن كان قوله وأعدّوا لهم لنا قضي العهد كما مر أحد الوجهين فقوله لاتصالها مبنيّ عليه فان كان للكفار مطلقا تكون هذه الآية عامّة منسوخة بآية السيف لأنّ مشركي العرب ليس لهم إلا الإسلام، أو السيف بخلاف غيرهم فإنه يقبل منهم الجزية فالقولان راجعان للتفسيرين على اللف والنشر المرتب وقيل إنه عليهما واتصال بقصتهم لأن ما بينهما اعتراض! في حكم المتأخر. قوله :( محسبك وكافيك ) يعني أنه صفة مشبهة بمعنى اسم الفاعل، وقال الزجاج : إنه اسم فعل بمعنى كفاك فالكاف في محل نصب، وعلى الأوّل في محل جرّ وخطأه فيه أبو حيان لدخول العوامل عليه واعرابه في نحو بحسبك درهم ولا يكون اسم فعل هكذا، ولم يثبت في موضع كونه اسم فعل. قوله :( قال جرير الخ ( تبع فيه الكشاف وشراحه فإنهم قالوا إنه من قصيدة لجرير وأنشدوه هكذا :
إني وجدت من المكارم حسبكم أن تلبسوا حر الثياب وتشبعوا