ج٤ص٢٩١
بدليل قوله تعالى :﴿ تُرِيدُونَ ﴾ ولو قصد بخصوصه لقيل تريد، ولأنّ الأمور الواقعة في القصة كما سيأتي صدرت منهم لا منه ﷺ، وكلام المصنف رحمه الله صريح في أنه المراد لأنه سيذكر الاستدلال بها على اجتهاد النبيّ لمجر وهو يقتضي ذلك، وتأنيث تكون لتأنيث الجمع، وقرئ أسارى تشبيها لفعيل بفعلان ككسلان وكسالى، أو
هو جمع أسرى فيكون جمع الجمع. قوله :( بكثر القتل ويبالغ فيه الخ ( أصل معنى الثخانة الغلط والكثافة في الأجسام، ثم استعير للمبالغة في القتل والجراحة لأنها لمنعها من الحركة صيرته كالثخين الذي لا يسيل، والحطام بالضم ما تكسر من يبسه كالهشيم من الحطم وهو الكسر، وهو يستعمل للمحقرات والعرض! ما لا ثبات له ولو جسما، ويقال الدنيا عرض حاضر أي لا ثبات لها ومنه استعار المتكلمون العرض المقابل للجوهر، ويطلق على مقابل النقد من المتاع وليس بمراد هنا، وقوله : في الأرض للتعميم. قوله تعالى :﴿ وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ﴾ المراد بالإرادة هنا الرضا وعبر به للمشاكلة فلا يرد أنّ الآية تدل على عدم وقوع مراد الله تعالى، وهو خلاف مذهب أهل السنة. قوله :) يريد لكم ثواب الآخرة الخ ( زاد لفظ لكم لأنه المراد وجعله مما حذف فيه المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه وأعرب بإعرابه، وسبب نيل الآخرة التقوى والطاعة، وذكر نيل لتوضيحه لا لتقدير مضافين. قوله :) وقرئ بجر الآخرة ) قرأها سليمان بن جماز المدني، وخرجت على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره، وقدروه عرض! الآخرة فقيل إنه لا يحسن لأنّ أمور الآخرة دائمة مستمرة، فلا يطلق عليها العرض، فإن جعل مجازاً عن مطلق ما فيها فتكلف، ودفعه الزمخشرقي بأنه قدر كذلك لمشاكلة عرض الدنيا، والمراد ما قدره بعضهم من أعمال أو ثواب وهو أحد التأويلين في البيت وقيل- : إنه من العطف على معمولي عاملين مختلفين. قوله :
) قوله أكل مرئ تحسبين امرأ وشار توقد بالليل نارا )
اختلف في قائله فقيل هو أبو داود وقيل حارثة ابن حمران الأيادي من أبيات منها :
ودار يقول لها الرائدون ويلمّ دار الحذاقيئ دارا
يصف أيام تغذيه بالنعم ئم مصيره إلى حال أنكرت عليه امرأته فأنباً ها بجهلها بمكانه، وأنه لا
ينبغي أن تغتر بأمر من غير امتحانه، لكن قال : اين يعيش سيبويه رحمه الله يحمل قوله ونار على حذف مضاف تقديره وكل نارأ لا أنه حذف وقدر موجودا، وأبو الحسن يحمله على العطف على معمول عاملين فيخفض ناراً بالعطف على امرئ المخفوض بإضافة كل، وينصب ناراً بالعطف على امرأ المنصوب، وهذا من أوكد شواهده، وروي وناراً الأول بالنصب فلا شاهد فيه، وفي كامل المبرد نسبة هذا البيت إلى عدقي بن زيد، وتحسبين خطاب لامرأته لا لنفسه كما قيل، وأصل توقد تتوقد. قوله :) يغلب أولياءه الخ ( من التغليب أو الغلبة لأن القوقي العزيز يكون كذلك من اتبعه فجعله كناية عن هذا المعنى بقرينة المقام، وقوله : ويخصه بها أي ما يليق بالحال اللائقة له.
فإنّ للزند حليا ليس للعنق
وقوله :( وخير بيته وبين المن ( حيث قال ة ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ﴾ [ سورة محمد،
الآية : ٤ ] وقوله :( فاستشار فيهم ) أي شاور أصحابه، وفيه دليل على جواز الاجتهاد بحضرته عحييه، وقول أبي بكر رضي الله عنه قومك وأهلك بالنصب على الاشتغال، أو بتقدير ارحم، وقول عمر رضي الله عنه أئمة الكفر أي رؤساء الكفر، وقوله :( مكني ( أي خلج بيني وبينه، ويقال مكنته من الشيء وأمكنته منه إذا أقدرته عليه فتمكن واستمكن، والمراد الإذن والرخصة، وقوله :( لنسيب ) أي قريب النسب منه، وقوله :( فلم يهو ذلك ) أي لم يرضه ويحبه، وقوله :( ألين من اللين ( تمثيل لطيف وفيه إشارة إلى أنه لين خير ورحمة لألين ضعف، وفي قوله :( أشدّ ( دون أقسى لطف لا يخفى، وقوله :( قال الخ ( بيان لوجه الشبه على حذ، وقوله :﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ﴾ [ سورة آل عمران، الآية : ٥٩ ] وفي قوله :﴿ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴾ [ سورة نوح، الآية : ٢٦ ] دقيقة وهي الإشارة إلى ما وقع في خلافته من تطهير أرض الحجاز من الكفرة، وقوله :( أدنى من هذه الشجرة ) أي أقرب منها يراه ويشاهده، قيل والمراد به ما وقع بأحد واستشهد منهم سبعون، كما وقع في الحديث :" إن شئتم فأديتموهم واستشهد منكم بعدّتهم " ) ١ ( كما في
الكشاف