ج٤ص٣٠١
على وجه يشمل مذهب الشافعيّ رضي الله عنه في قتل تارك الصلاة، ومذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في حبسه، وان كان جعله قرين الزكاة يقرب مذهب أبي حنيفة، ولعل المصنف رحمه الله إنما سلك هذا المسلك لأن في قتله
كلاماً في مذهبهم، وقال الشافعيئ رضي الله عنه إنه تعالى أباج دماء الكفار بجميع الطرق والأحوال، ثم حرّمها عند التوبة عن الكفر وإقام الصلاة وايتاء الزكاة فما لم يوجد هذا المجموع يبقى إباحة الدم على الأصل فتارك الصلاة يقتل، ولعل أبا بكر رضي الله عنه استدل بهذه الآية على قتال مانعي الزكاة، وإنما خصا من بين الفرائض لأن إظهارهما لازم، وما عداهما بعسر الاطلاع عليه، وقد أورد المزني رحمه الله من الشافعية على قتل تارك الصلاة تشكيكا تحيروا في دفعه كما قاله السبكي في طبقاته فقال إنه لا يتصوّر لأنه إما أن يكون على ترك صلاة قد مضت أو لم تأت، والأوّل باطل لأن المقضية لا يقتل بتركها، والثاني كذلك لأنه ما لم يخرج الوقت فله التأخير فعلام يقتل، وسلكوا في الجواب عنه مسالك الأوّل إنه وارد على القول بالتعزير والضرب والحبس فالجواب الجواب، وهو جدليّ، الثاني أنه على الماضية لأنه تركها بلا عذر ورذ بأن القضاء لا يجب على الفور، وبانّ الشافعي رضي الله عنه قد نص على أنه لا يقتل بالمقضية مطلقا، ومذهب أصحابه أنه لا يقتل بالامتناع عن القضاء والثالث أنه يقتل للمؤداة في آخر وقتها، ويلزمه أنّ المبادرة إلى قتل تارك الصلاة تكون أحق منها إلى المرتد إذ هو يستتاب، وهذا لا يستتاب ولا يمهل إذ لو أمهل صارت مقضية، وهو محل كلام فلا حاجة إلى أن يجاب من طرف أبي حنيفة رحمه الله، كما قيل بأنّ استدلال الشافعيّ رحمه الله مبنيّ على القول بمفهوم الشرط ونحن لا نقول به ولو سلم، والتخلية الإطلاق عن جميع ما مز فلا يخلي، ويكفي له أن يحبس على أنه منقوض بمانع الزكاة عنده، وأيضاً يجوز أن يرد بإقامتها التزامهما وإذا لم يلتزمهما كان كافراً ولذا فسره النسفي به فتأمل. قوله :( استأمنك وطلب منك جوارك ) أي مجاورتك وكسر جيمه أفصح من ضمها والاستئمان طلب الأمان والاستجارة بمعناه كما يقال أنا جار لك وقد موّ تحقيقه، وقوله ويتدبره إشارة إلى أنه ليس المراد منه ومجرّد السماع ولا حجة للمعتزلة في الآية على نفي الكلام النفسي كما في شرح الكشاف للعلامة، وحتى يصح أن تكون للغاية أي إلى أن يسمعه ويصح أن تكون للتعليل، وهي متعلقة في الحالتين بأجره وليس من التنازع في شيء. قوله :( موضع أمنه ) يعني أنه اسم مكان لا مصدر ميمي بتقدير مضاف وهو موضع، وان احتمله كلامه إذ الأصل عدم التقدير. قوله :( لأنّ إن من عوامل الفعل ) تعمل فيه الجزم لفظا أو محلاً فلذا اختصت به لأنها تعمل دائما عملاً يختص به فلا يصح دخولها على الأسماء، فلا وجه لما قيل الأولى أن يقول من دواخل الفعل لأنّ عملها يختص بالمضارع دون الماضي، وهي تدخل عليه. قوله :( ريثما يسمعون ويتدبرون ) أي بمقدار زمان يسع السماع والتدبر، والريث في الأصل
مصدر راث بمعنى أبطأ إلا أنهم أجروه ظرفا كما أجروا مقدم الحاج، وخفوق النجم كذلك قال أبو علي رحمه الله في الشيرازيات هذا المصدر خاصة لما أضيف إلى الفعل في كلامهم في نحو قول السلولي :
لا يمسك الخير إلا ريث يرسله
صار مثل الحين والساعة ونحوهما من أسماء الزمان، وما زائدة فيه بدليل صحة المعنى بدونها ألا ترى أنّ قولهم ما وقفت عنده إلا ريث قال كذا وريثما قال كذا سواء وقد جاء الاستعمالان في كلامهم قال الراعي :
وما ثوائي إلا ريث ارتحل
وقال معن :
قلبت له ظهر المجن فلم أدم على ذاك إلاريثما أتحول
وكثر ما يستعمل مستثنى في كلام منفي، وحق ما أن تكتب موصولة بريث لضعفها من حيث الزيادة وكونها غير مستقلة بنفسها، ويجوز كون ما مصدربة. قوله :( بمعنى الإنكار والاستبعاد الخ ا لما كان عهدهم واقعا لا يتصوّر إنكاره أشار إلى أن المنكر عهد ثابت لا ينكث، أو عهد ثان لا مطلق العهد والوغرة شدة توقد الحرّ، ومنه قيل في صدره عليّ وغر بالتسكين أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ فوغرة بفتح فسكون أو بفتح فكسر والأوّل أولى، وقوله :( ولا ينكثوه ) وقع في نسخة ولأن يثبتوه، وقوله : أو لاًن يفي الخ


الصفحة التالية
Icon