ج٤ص٣٠٣
فسكون العهد والعبارة محتملة له، ولا يضر تفسير الذمّة به لأنه غير متعين وكونه مؤكداً أو تفسيراً يأباه إعادة إلا ظاهراً، وقد اختلف في معنى الألّ بكسر الهمزة وقد تفتح على أقوال منها ما ذكره المصنف رحمه الله، وأشار إلى أنّ منها ما يحتمل أن يكون مجازاً وهذا كله منقول عن أئمة اللغة، والمفسرين فالمناقشة فيه ليست من دأب المحصلين. قوله :( لعمرك الخ ) من شعر لحسان رضي الله عنه يهجو به أبا سفيان رضي الله عنه يقول له : إن عذك من قريش مع ما فيك كما يعذ بعض الناس النعام من الإبل كما قيل في المثل إنه قيل للنعامة طيري فقالت أنا جمل فقيل لها احملي فقالت : أنا طائر، ولذا تضاف إلى الإبل في غير لغة العرب، والسقب ولد الناقة، والرأل بالهمزة ولد النعام، والجؤار بضم الجيم وفتح الهمزة والراء المهملة الصراخ وصوت البقر، وقوله : ثم استعير أي من العهد للقرابة لأن بين النسبتين عقد أشد من عقد التحالف، وكونه أشد لا ينافي كونه مشبهاً لأنّ الحلف يصرح به ويلفظ فهو أقوى من وجه آخر، وليس التشبيه من المقلوب كما توهم، وقوله :( من ألل الشيء إذا حدّده ) وفي تلك الأمور حذة ونفاذ، وكونه من أل البرق لظهور ذلك، وعلى كونه بمعنى الإله فالمعنى لا تخافون الله ولا تراقبونه في نقض عهدكم، وقد ضعف هذا بأنه لم يسمع في كلام العرب الّ بمعنى إله، ولذا ذكر المصنف رحمه الله أنه عبرفي، وأيده بأنه قرئ أيلا وهو بمعنى الإله عندهم. قوله :( عهدا أو حقاً بعاب على إغفاله (
أي تركه وسمي به العهد أيضاً لأنّ نقضه يوجب الذم وقولهم في ذمتي كذا سمي بها محل الالتزام، ومن الفقهاء من قال هو معنى يصير به الآدميّ على الخصوص أهلاً لوجوب الحقوق عليه، وقد يفسر بالأمان والضمان وهي متقاربة. قوله :( ولا يجوز جعله حالاً من فاعل لا يرقبوا الخ ا لأن الحال تقتضي المقارنة، وهم في حال عدم المراعاة فإن حملت على ما يشمل مراعاتها ظاهرا وباطناً صح مقارنتها لإرضائهم في الجملة لكن عدم المراعاة الواقع جزاء لظهورهم وظفرهم متأخر عنه لتسببه وترتبه عليه، والإرضاء المذكور مقدم على الظهور فيلزم تقدّمه على المراعاة التي هي جزاء له، وهو المانع في هذا الوجه، وهذا رد على جعلها حالأ منه كما ذهب إليه بعض المفسرين، ونقله أبو البقاء رحمه الله وأشار إلى رذه وأما احتمال نفي القيد فتكلف لا داعي له. قوله :( ولأن المراد إثبات إرضائهم الخ ( فالاستبطان الإخفاء في الباطن، وهو من قوله وتأتي قلوبهم يعني أنّ بين الحالتين منافاة ظاهرة لأنّ حال الإرضاء بالأفواه فقط حالة إخفاء للكفر، والبغض مداراة لهم، وهذه حالة مجاهرة بالعداوة مناقضة لهذه الحال فلا وجه لتقييد إحداهما بالأخرى، والفرق بين هذا الوجه والذي قبله أن المانع في الأوّل التقدم اللازم من الشرط، والحالية تقتضي المقارنة والمانع في هذا أنّ بين الحالتين تضاذاً يأبى اجتماعهما وتقييد إحداهما بالأخرى لأنّ المراد بعدم المراعاة أنهم لا يبقون عليهم أي لا يرحمونهم ولا يرقون لهم في إيقاع المكروه بهم وهذه مجاهرة تنافي معنى تلك الحال فالمانع في نفس ما جعل الحال منه لا من خارج وهو الشرط فاعرفه فإن الفرق بين الوجهين خفيّ، وقد وقع للمحشي هنا كلام معقد لم ينتج شيئا فتركته لقلة جدواه. قوله :( متمرّدون لا عقيدة تزعهم الخ ( إشارة إلى دفع ما يقال أنّ الكفر أقبح من الفسق فما معنى وصف الكفار في مقام الذم به، وان الكفر فسق فما وجه إخراج البعض بقوله أكثرهم، با! المراد بالفسق التمزد وارتكاب ما لا يليق بالمروءة مما يقبح حتى عند الكفرة ويجرّ المذمة ويجعل صاحبه أحدوثة كالغر والكذب ونحوه مما يتجنبه بعض الكفرة أيضا فلذا وصف به أكثرهم بعد تقرر كفرهم، وتزعهم بالزاي المعجمة والعين المهملة بمعنى تكفهم وتمنعهم والرح قريب منه، والتفادي التحامي والتباعد والأحدوثة ما يتحذث به من القبائح مما اشتهر. قوله :( استبدلوا بالقرآن الخ ) يعني أنه استعارة تبعية تصريحية، ويتبعها مكنية وهي تشبيه الآيات بالمبتاع، أو مجاز مرسل
باستعمال المقيد وهو الاشتراء في المطلق وهو الاستبدال كالمرسن، ولذا تعذى إلى الثمنية بنفسه وأدخلت الباء على ما وقع في مقابلته وقد مرّ الكلام فيه مفصلاً، وقوله :( بالقرآن ) قيل أو التوراة إن أراد بالذين كفروا اليهود وكان ينبغي له ذكره لما سيأتي قريبا. قوله :( بحصر الحجاج ) أي بحبسهم ومنعهم