ج٤ص٣٠٩
أنّ عدم علمه به واقعاً يقتضي عدم وقوعه إذ لو وقع وقع في الكون ما لا يعلمه وهو محال أيضاً، وهو من باب الكناية واللزوم فيها معلوم فما الداعي إلى تحريف العبارة وتغييرها فتدبر.
قوله :) عطف على جاهدوا ( وجوّز فيه الحالة أيضاً وفسر الوليجة بالبطانة لأنها من الولوج
وهو الدخول، وكل شيء أدخلته في شيء وليس منه فهو وليجة، ويكون للمفرد وغيره بلفظ واحد وقد يجمع على ولائج، وما موصولة مبتدأ وفي لما صلته ومن بيان له وشبه خبره، وافادة لما توتع الوقوع معروف في العربية. قوله :( يعلم غرضكم منه الخ ) ضمير منه إمّا للجهاد أو لما ذكر وكونه يعلم الغرض منه يعلم من صيغة المبالغة، ومقام التوعد والا فليس في النظم ما يدلّ عليه، وما يتوهم من الآية هو أنه لا يعلم الأشياء قبل وقوعها كما ذهب إليه هشام، واستدل بقوله :( ولما يعلا الله ( ووجه الأزاحة أنّ تعملون مستقبل فيدل على خلاف ما ذكره وما كان نفيه يستعمل لنفي الصحة، والجواز ونفي اللياقة كلا ينبغي، وفسره به ليطابق الواقع فإنهم عمروها ولذا قدره بعضهم بأن يعمروا بحق، وهو مشهور بهذا المعنى حتى صار حقيقة فيه فلا وجه لحمله على ظاهره كما قيل. قوله :( شيئاً من المساجد الخ ) يعني أنه جمع مضاف فيعم في سياق النفي ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أوّليا إذا نفى الجمع يدل على النفي عن كل فرد فيلزم نفيه عن الفرد المعين بطريق الكناية، وما مرّ في البقرة من أنّ الكتاب أكثر من الكتب مبنيّ على أنّ استغراق المفرد أشمل وقد مز ما فيه. قوله :( وقيل هو المراد الخ ( يعني المراد من مساجد الله المسجد الحرام، وعبر عنه بالجمع لما ذكر أو لأنّ كل موضع منه مسجد، ولم يحمل على العموم والجنس لأنّ الكلام فيه. وقوله :( وإمامها ( بكسر الهمزة
جعل المسجد الحرام كالإمام للمساجد لتوجه محاريبها إليه توجه المقتدي لجهة إمامه فيكون التعبير عنه بالجمع مجازأ علاقته ما ذكر، وأما فتح همزة أمامها فركيك مفوّت للمبالغة، والمعنى الذي قصده المصنف رحمه الله فلا تغتر بمن قال : إن معناهما واحد. قوله :( بإظهار الشرك وتكذيب الرسول لمجرو ( يعني أنّ شهادتهم على أنفسهم مجاز عن الإظهار، لأنّ من أظهر فعلآ فكأنه شهد به على نفسه وأثبته لها، وقوله :) حال من الواو ) أي في يعمروا، وقوله : بين أمرين متنافيين لأن عمارة المتعبدين تصديق للمعبود بعبادته فينافيه الكفر بذلك. وقيل : إن الشهادة على ظاهرها والمراد قولهم كفرنا بما جاء به ونحوه، والمصنف رحمه الله لما رأى أن حقيقة الشهادة بما تكون على الغير وهذا الوجه أبلغ وأدق اقتصر عليه. وقوله :( روي أنه لما أسر الخ ( ) ١ ( أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقوله :) نحجب الكعبة ( أي نخدمها ونكون بوابين لها وليس المراد نكسوها كما قيل، لا! الحاجب اشتهر بمعنى البوّاب وجمعه حجبة. والحجيج جمع أو اسم جمع للحاج وفك العاني بمعنى إطلاق الأسير وفك الرقبة اعتاقها وقوله فنزلت أي الآية ما كان للمشركين الخ. وهذا يقتضي أنّ العباس رضي الله عنه لم يكن حينئذ مسلما وفيه كلام. وقوله : بما قارنها متعلق بحبطت، وجملة ﴿ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ عطف على جملة ( حبطت ) على أنه خبر آخر لأولئك وهم فصل يفيد الحصر فيهم دون عصاة المؤمنين. وقوله : لأجله أي لأجل الشرك لأنه سبب الخلود فيها وفيه رذ على الزمخشري في جعله الأعمال بمعنى الكبائر على الاعتزال. قوله :( إنما تستقيم عمارتها الخ ( تستقيم بمعنى تصح فإن الذي تصح منه ويمكن من العمارة سواء كانت بالمكث فيه للعبادة أو بالبناء، والفرش رنحوه من حاز الكمال العلمي والعملي وهو كناية عن الإيمان الظاهر، فإنه يكون بالتصديق
بما ذكر واظهاره وتحققه شرعا بإقامة واجباته، فلا يقال إن توقفه على الإيمان بالله واليوم الآخر ظاهر، وأما توقفه على ما بعده خصوصاً الزكاة فغير ظاهر، ويتكلف له بأنّ مقيم الصلاة يحضرها فتحصل به العمارة، ومن لا يبذل المال للزكاة الواجبة لا يبذله لعمارتها، وأنّ الفقراء يحضرون المساجد للزكاة فتعمر بهم فإنه تكلف نحن في غنية عنه : والصيانة ترك ما لا يليق بها كالحديث في المسجد فإنه مكروه، ولا يرد عليه أن التصذق في المسجد مكروه لأنه لا يلزم من حضورهم فيه لأخذها أداؤها فيه.- قوله :( وعن النبئ ﷺ قال الله تعالى الخ ( ) ١ ( هو حديث قدسيّ روي بمعناه من طرق، لكن قال : ابن حجر رحمه الله : إنه لم يجده


الصفحة التالية
Icon