ج٤ص٣١٤
فإنهم عظماء الصحابة رضي الله عنهم. قوله :( فكروا عنقاً واحداً ) أي رجعوا جماعة واحدة أو دفعة واحدة من قوله :﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ [ سورة الشعراء، الآية : ٤ ] أي رؤساؤهم وجماعاتهم فهو بضم العين والنون، وتسكن ويجوز فتحهما بمعنى مسرعين. قوله :( حمى الوطيس ) أصل معنى الوطيس التنور وهذه استعارة بليغة ومعناها اشتدّ الحرب، وفيه نكتة أخرى قل من تنبه لها وهي ما قاله ياقوت في معجم البلدان إنّ أوطاس واد في ديار هوازن وبه كانت وقعة حنين، وفيها قال النبيّ ﷺ :" حمى الوطيس " وذلك حين استعرت الحرب وهو أوّل من قالها، واسم الوادي أوطاس وهو منقول من جمع وطيس كيمين وأيمان ففيه تورية فانظر لفصاحته ﷺ، ومقاصده في البلاغة ورميه بسهام البراعة إلى أغراضها، وهو التنور وقيل نقرة في حجر يوقد فيها النار ويطبخ اللحم، ويقال وطست الشيء وطساً إذا كدرته وأثرت فيه، وأخذه التراب ورميه تقدم الكلام عليه، ورب الكعبة قسم، وقوله :( انهزموا ( خبر وتبشير للمؤمنين. قوله :) شيئاً من الإغناء ) يعني شيئا نصبه إما على أنه مفعول مطلق إن أريد الإغناء أو مفعول به على تضمنه معنى الإعطاء أي لم تعط شيئاً يدفع حاجتكم أو لم تكفكم شيثا من أمر العدوّ. قوله :( برحبها أي سعتها الخ ) أي ما مصدرية، والباء للملابسة والمصاحبة أي ضاقت مع سعتها عليكم، وهو استعارة تبعية إما لعدم وجدان مكان يقرون به آمنين مطمئنين، أو أنهم لا يجلسون في مكان كما لا يجلس في المكان الضيق. قوله :( وليتم الكفار ظهوركم ( قال الراغب في مفرداته : وليت سمعي كذا ووليت عيني كذا أقبلت به عليه قال تعالى :﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ وإذا عدى بعن لفظاً أو تقديراً اقتضى معنى الإعراض، وترك قربه ا هـ فجعله في الأصل متعدياً إلى مفعولين، وتعديته بعن لتضمنه معنى الإعراض!، وهو غير مراد هنا وأما الإقبال فإنما جاء من كون الوجه مفعولاً فقد عرفت وجه ما ذكره فإنه إنما يعتمد في اللغة عليه، ومن لم يقف على مراده اعترض! عليه، وقال : ولي تولية أدبر كما في القاموس فلا حاجة إلى تقدير مفعولين، وتبعه من قال : إن ما ذكره المصنف رحمه الله لا وجه له، والتضمين خلاف الأصل، وكيف يتوهم ما ذكروه مع قوله :﴿ فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ١٥ ] وغير. من الآيات التي وقع فيها متعد بالمفعولين وإنما غرهم كلام القاموس، وليس بعمدة في مثله. قوله :( إلى خلف ( إشارة إلى اشتقاق الأدبار. قوله :) رحمته التي سكنوا بها وأمنوا ) وهي النصر وانهزام الكفار، واطمئنان قلوبهم للكرّ بعد الفرّ ونحوه ولا حاجة إلى تخصيص الرحمة مع شمولها لكل رحمة في ذلك الموطن. قوله :( على رسوله وعلى المؤمنين الذين انهزموا الخ ا لما كان الأصل عدم إعادة الجارّ في مثله إشارة إلى نكتة، وهي بيان التفاوت بينهما فإنهم قلقوا واضطربوا حتى فروا فكانت سكينتهم اطمئنان قلوبهم، وهو لمجج، ومن معه ثبتوا من غير اضطراب فسكينتهم بمعاينة الرسول ع!فه الملائكة، وظهور علامات ذلك لمن معه، وقوله : وقيل الخ يعني المراد بالمؤمنين قيل ولو أخر نكتة إعادة الجا ار عن هذا لكان أولى لجريها فيهما، وفيه نظر، ثم إنه على الوجه الأوّل كلمة، ثم في محلها فلذا اختاروه، وعلى الوجه الآخر يكون التراخي في الإخبار أو باعتبار المجموع لأنّ إنزال الملائكة بعد الانهزام لا التراخي الرتبي لبعده. قوله :( بأعينكم ( يعني أنّ الرؤية بصرية، وا! المراد نفي الرؤية حقيقة لا أنهم رأوها هم أو المشركون وأنّ المراد لم يروا مثلها قبل ذلك، وكما اختلف في عددهم اختلف أيضا هل قاتلوا أم لا. قوله :( وكانوا خمسة الخ ( قيل ونجه الاختلاف في العدد أنه تعالى قال :﴿ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ ﴾ [ سورة آل عمران، الآية : ١٢٤، ثم قال :﴿ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ ﴾ [ سررة آل عمران، الآية : ١٢٥ ] فأضاف الخمسة للثلاثة فصارت ثمانية، ومن أدخل الثلاثة فيها قال إنها خمسة فجعلهم
نهاية ما وعد به الصابرين ومن قال : ستة عشر جعلهم بعدد العسكرين اثني عشر وأربعة وهو كلام حسن، وقوله في الدنيا تنازع فيه كفر وجزاء ودلّ عليه قوله، ثم يتوب الخ وفسر التوبة بالتوفيق للإسلام منهم وهي من
الله قبوله ذلك ولا ينفك عنه أما التوفيق المذكور فقد يكون، وقد لا يكون فهو المعلق بالمشيئة لا قبوله كما يتبادر من النظم فأشار المصنف رحمه الله إلى دفعه، وقوله :( ويتفضل عليهم ) إشارة إلى أنه ليس بطريق الوجوب كما تقول