ج٤ص٣١٩
بمعنى الوصف، وارد أنه لا يحتاج إلى تقدير الخبر كما أنّ أحداً إذا قال مقالة ينكر منها البعض فحكيت منها المنكر فقط قال في الكشف، وهو وجه آخر حسن في دفع التمحل لكنه خلاف الظاهر أيضا لا ترى إلى قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٣٠ ] وما قيل إنه لا يدفع التمحل غير مسلم وأمّا ما قيل إن ما ذكره الشيخ ليس بمطرد لا في توجه الإنكار إلى الخبر ولا في كون الوصف مسلما كما إذا كان الخبر مسلماً للكل، أو للحاكي والوصف غير مسلم فانه إذا قدّر الخبر في الآية نبينا أو حافظ التوراة لا يتوجه الإنكار إلى الخبر بل إلى الوصف، ولا يبعد أن يكون حذف الخبر للإشارة إليه فيندفع المحذور إلا أنّ حمل كلام رب العزة عليه مخل ببلاغته فحبط، وخلط غريب مع أنه مع إخلاله بالفصاحة والبلاغة كيف ينبغي ذكره، وهل إخلاله إلا لما ذكروه بعينه مع أنه لم يزد على ما قاله الإمام إلا علاوة من الصخور في البراري.
قوله :( مثل معبودنا أو صاحبنا وهو مزيف لآنه يؤدي إلى تسليم النسب وإنكار الخبر المقدّر ) قد تقدّم بيانه على أتم وجه، قيل : كيف ينكر قولهم صاحبنا فالوجه الاقتصار على معبودنا كما في الكشاف، أقول مقصوده أنّ قانون الاستعمال على إنكاره سواء كان منكراً في نفسه أو لا لأنه قد يتوهم في التقدير الأوّل إنّ الإنكار إنما استفيد من قيام الدليل على أنه لا معبود إلا الله، وفيه ردّ على توهم بعض الأذهان القاصرة كما مرّ قبيلة إن الخبر إذا لم يكن منكراً توجه الانكار إلى الوصف المذكور فتنبه، وههنا وجه آخر لا يرد عليه شيء مما ذكروه، ولم يظهر لي وجه تركه مع ظهوره وأظنه من خبايا الزوايا، وهو أن يكون عزير ابن الله والمسيح ابن الله خبرين عن مبتدأ محذوف أي صاحبنا عزير ابن اللّه، والخبر إذا وصف توجه الانكار إلى وصفه نحو أهذا الرجل العاقل، وهذا موافق لقانون البلاغة، وجار على وفق العربية من غير تكلف ولا غبار عليه. قوله :( استحاله لأن الخ ) من لم يكن إلها تنازعه ما قبله واذما لم
يقل من لم يكن ابن الله مع أنه المدعي، ولذا قيل إنّ هذا لا يدل على كونه ابنا لأن ابن الإله لا يكون إلا إلها لاتحاد الماهية كذا قيل، وقيل لما لم يكن عندهم مستقلا بالألوهية لزم كونه ابنا، وفيه تأمل. قوله :( تثيد لنسبة هذا القول إليهم الخ ا لم يرتض شراح الكشاف كونه تأكيد الدفع التجوّز عن الكتابة والإشارة أو كون القائل بعض أتباعهم ونحوها مثل كتبته بيدي، وأبصرته بعيني لأنه غير مناسب، ولذا حمله الزمخشري على وجهين الأوّل أنه مجزد لفظ لا معنى له معقول كالمهملات، أو أنه رأى ومذهب لا أثر له في قلوبهم وإنما يتكلمون به جهلا أو عناداً، ولكن إرادة المذهب من الفول مستدركة لأنّ كون القول بأفواههم لا بقلوبهم كاف في ذلك ترك المصنف رحمه الله تعالى الاحتمال الثاني، ولما رأى المصنف أنّ كون المراد به التأكيد مع التعجيب من تصريحهم بتلك المقالة الفاسدة لا ينافيه المقام كما صرح به العلامة في شرح الكشاف لأنّ التأكيد لا ينافي اعتبار نكتة أخرى لم يلتفت إلى ما ذكر لأنه الشائع في أمثاله ولأنه لا تجوّز فيه، وأما ما قيل إنّ المناسب حينئذ أن يقال، وقالت الخ بأفواههم من غير تخلل قوله :﴿ ذَلِكَ قَوْلُهُم ﴾ ولذا حمله بعضهم على دفع التجوّز في المسند دون الإسناد، والقول قد ينسب إلى الأفواه والى الألسنة والأوّل أبلغ ولذا أسند إليها هنا فغير ظاهر، والمراد بقوله في الأعيان في نفس الأمر فلا يرد عليه ما قيل المفهومات أمور معنوية لا وجود لها في الخارج لشيوع مثله في كلامهم من غير مبالاة به. قوله :) فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ) فانقلب مرفوعا أو هو تجوّز، كقوله :﴿ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾ أسورة يوسف، الآية : ٥٢ ] أي لا يهديهم في كيدهم فالمراد يضاهون في أقوالهم. قوله :( والمراد قدماؤهم الخ ( فالمضاهي من كان في زمنه منهم لقدمائهم، ومعناه عراقتهم في الكفر على الوجه الذي بعده هو شامل لهم كلهم وأما كون المضاهي النصارى، ومن قبلهم اليهود فخلاف الظاهر مع أنّ مضاهاتهم علصت من صدر الآية، ولذا أخره المصنف رحمه الله لكنه منقول عن قتادة. قوله :( والمضاهاة المشابهة الخ ) فيقال ضاهيت وضاهأت كما قاله الجوهري : وقراءة العامة يضاهون بهاء مضمومة بعدها واو وقرأ عاصم بهاء مكسورة بعدها همزة مضمومة وهما بمعنى من المضاهاة وهي المشابهة وهما لغتان، وقيل الياء فرع