ج٤ص٣٢١
وقيل استعارة أخرى، واضافته إلى الله قرينة أو تجريد، وقوله بشركهم أو تكذيبهم متعلق بيطفئوا لا تفسير للأفواه، وقوله إلا أن يتم نوره إن كان المراد به النور السابق فهو من إقامة الظاهر مقام المضمر دهان أريد كل نور له أعم من الأوّل فهو تتميم له وقوله :(، علاء التوحيد ) ناظر إلى الوجه الأوّل، وما بعده لما بعده، وقوله :( عن أن يكون له شريك ) إشارة إلى أنّ ما مصدرية. قوله :( وقيل إنه قمثيل لحالهم في طلبهم الخ ) هو معطوف بحسب المعنى على قوله حجته الخ أي هو استعارة تمثيلية والمستعار جملة الكلام لأنّ حالهم في محاولة إبطال نبوّته ﷺ بالتكذيب هو المشبه المطوي، والمشبه به حال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبث في الآفاق أي منتشر المعنى بقوله :﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ وقوله :﴿ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ﴾ ترشيح لأنّ إتمام النور زيادة في استنارته، وفشوّ ضوئه فهو تفريع على الأصل المشبه به، وقوله هو الذي أرسل وسوله بالهدى الخ تجريد وتفريع على الفرع وروعي في كل من المشبه،
والمشبه به الإفراط والتفريط حيث شبه الإبطال بالإطفاء بالفم، ونسب النور إلى الله ومن شأن النور المضاف إليه أن يكون عظيماً فكيف يطفأ بنفخ الفم فلذا قال : عظيم منبث في الآفاق مع ما بين الكفر الذي هو ستر وازالة للظهور والاطفاء من المناسبة، وقوله بنفخه متعلق بإطفاء، والضمير المضاف إليه راجع لمن. قوله :( وإنما صح الاستثناء المفرغ الخ ( يعني إن إلا أن يتمّ استثناء مفرغ وهو في محل نصب مفعول! به، والاستثناء المفرغ في الأغلب يكون في النفي إلا أن يستقيم المعنى، وهذا نفي في المعنى لأنه وقع في مقابلة يريدون ليطفؤوا نور الله فدل التقابل على أن معناه كما قال الزمخشرفي : لا يريد إلا تمام نوره، وقال الزجاج : المستثنى منه محذوف تقديره ويكره الله كل شيء إلا إتمام نوره فالمعنى على العموم المصحح للتفريع عنده فللناس في توجيه التفريع هنا مسلكان، والحاصل إنه أن أريد كل شيء يتعلق بنوره بقرينة السياق صح إرادة العموم ووقوع التفريع في الثابتات كما ذهب إليه الزجاج إذ ما من عام إلا وقد خص فكل عموم نسبي لكنه يكتفي به، ويسمى عموماً ألا ترى أن مثالهم قرأت إلا يوم كذا قد قدروه كل يوم، والمراد من أيام عمر. لا من أيام الدهر فإن نظر إلى الظاهر في أمثاله كان عاما، واستغنى عن النفي وان نظر إلى نفس الأمر فهو ليس بعام فيؤوّل بالنفي، والمعنى فيهما واحد وإنما أوّل به هنا عند من ذهب إلى تأويله لاقتضاء المقابلة له إذ ما من إثبات إلا ويمكن تأويله بالنفي، فيلزمه جريان التفريغ في كل شيء، وليس كذلك كما صرّج به الرضي، ولذا قيل الاستثناء المفرغ وإن اختص بالنفي إلا أنه قد يمال مع المعنى بمعونة القرائن، ومناسبة المقامات فيجري بعض ا!إيجابات مجرى النفي في صحة التفريغ معها، كم! قيل في قوله تعالى :﴿ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٤٩ ] وهذا ما يقال لا يجري في الإثبات إلا أن يستقيم المعنى ولو اكتفى بمجرّد جعل المثبت بمعنى نفي مقابله الجري في كل مثبت ككرهت بمعنى ما أردت وأبغضت بمعنى ما أحببت وهكذا، وإنما قدره المصنف رحمه الله لا يرضى، ولم يقدر لا يريد كما قدره الزمخشرفي لأنّ المراد بإرادة إتمام نوره إرادة خاصة، وهي الإرادة على وجه الرضا بقرينة قوله :﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [ سورة الصف، الآية : ٨ ] لا الإرادة المجامعة لعدم الرضا كما هو مذهبنا بخلاف من يسوّي بينهما فمن فسر كلام المصنف رحمه الله بكلام الزمخشرقي غفل عن إرادته، ومن الناس من أورد هنا بحثاً وهو أنّ الغرض من إرجاع الإثبات إلى النفي بالتأويل تصحيح المعنى، ولا يخفى أنه لا فرق هنا بين أن يؤولط بلا يرضى، وعدمه في عدم صحة المعنى فإن عدم رضاه تعالى إتمام كل شيء غير نوره لا يصح فالآية مشكلة على كل حال!، فإن قيل المعنى يأبى كل شيء يتعلق بنوره إلا إتمامه فالمعنى صحيح من غير تأويل بالنفي، والحاصل أنه إن عم الأباء كل شيء فالنفي، وعدمه سيان في بمدم صحة المعنى، وان خص فلا حاجة إلى التأويل، وقد علمت مما قرّرناه لك أنّ هذا البحث من عدم الوقوف على المراد، وربما استصعبه من لم يعرف حقيقة الحال. قوله :
( محذوف الجواب ) وتقديره يتمّ نوره، وقوله كالبيان لأنّ المراد من إتمام نوره إظهاره، ولكونه بحسب المآل بمعناه ذيله بما ذيله به بعينه لكنه عبر عن الكافرين بالمشركين تفاديا عن صورة التكرار، وظاهر كلامه أنه فسر