ج٤ص٣٢٣
توقدها، ثم جعلت مستعلية على الكنوز فطوى ذكرها وحول الاسناد إلى الجار والمجرور فأفاد شدة حرّ الكنوز المكرى بها وقرىء تحمى بالتاء الفوقية بإسناده إلى النار كأصله وقراءته بالياء لأنّ الفاعل ظاهر والتأنيث غير حقيقي، وبها فاصل. قوله :( وإنما قال عليها والمذكور شيثان الخ ( أي الظاهر في هذه الضمائر والتثنية فلم أتى بضمير المؤنث فذكر أن وجهه أنه ليس المراد بهما مقدار معين منهما، والجنس الصادق بالقليل والكثير منهما بل الكثير لأنه هو الذي يكون كنزا فأتى بضمير الجمع للدلالة على الكثرة ولو ثنى احتمل خلافه وأيده بما روي عن علي كرّم الله وجهه كما رواه ابن حبان وابن حاتم موقوفا عليه، والتوجيه الآخر أن الضمائر عائدة على الكنوز أو الأموال المفهومة من الكلام فيكون الكلام عاما، ولذا عدل فيه عن الظاهر والتخصيص بالذكر لأنهما الأصل الغالب في الأموال لا للتخصيص والقانون لفظ روي معرّب جمعه قوانين، وهو في الأصل بمعنى المسطر، ثم استعمل بمعنى الأصل. قوله :( أو للفضة الخ ) وجه آخر وهو أن الضمير للفضة واكتفى بها لأنها أكثر والناس إليها أحوج ولأنّ الذهب يعلم منها بالطريق الأولى مع قربها لفظا. قوله :( لأنّ جمعهم وامساكهم الخ ) بيان لوجه تخصيص ما ذكر بالذكر كونه مكتوبا بأن غرضهم من جمعها طلب أن يكونوا عند الناس ذوي وجاهة أي رآسة بسبب الغنى من قولهم هو وجه القوم لسيدهم، وليس المراد ما تعارفه الناس،
وأن يتنعموا بالمطاعم الشهية التي تشتهب يا أنفسهم، والملابس الب كية ذات البهاء، وهو حسن المنظر فلو جاهتهم ورآستهم المعروفة بوجوههم كأنّ الكيّ بجباههم ولامتلاء جنوبهم بالطعام كووا عليها ولما لبسوه على ظهورهم كويت. قوله :) أو لأنهم ازورّوا الخ ) وجه آخر والازوراء الانحراف عن السائل، وهو بالوجه فيكون سبب كيّ الجباه، والإعراض أن يولي عنه جانبه فهو مناسب لكيها وتولية الظهور في غاية الظهور، وقوله :( أو لأنها الخ ) يعني تخصيصها لاشتمالها على أشرف الأعضاء بالذات لأنها رئي! الأعضاء كما صرّح به الأطباء أو لأنها أصول الجهات الأربع فالمفاديم الإمام، والمآخر الخلف والجنبان اليمين والشمال فيكون كناية عن جميع البدن، قيل ولم يذكر نكتة لبيان الاقتصار على هذه الأربع من بين الجهات الست. قوله :( على إرادة القول الخ ) أي يقال لهم هذا، وقوله لمنفعتها إما إشارة إلى تقدير مضاف أو إلى محصل معنى الكلام، واللام للتعليل ولم تجعل للملك لعدم جدواه، وقوله :( عين مضرتها ) إشارة إلى أنهم حصل لهم خلاف ما قدروه في العاقبة. قوله :( وبال كنزكم ) يشير إلى أنّ ما مصدرية مؤوّلة بمصدر من جنس خبر كان لأنّ في كون الناقصة لها مصدر كلاً ما ولذا قال بعض النحاة لا مصدر إلا للتامة، وهو الكون ولأن المقصود الخبر وكان إنما ذكر لاستحضار الصورة الماضية، ولذا خالف الزمخشرقي في تقدير كونكم كانزين، وقدر له مضافا وهو وبال بمعنى ألمه وشذته بالكيّ، وقوله أو ما تكنزونه إشارة إلى موصوليتها وتقدير العائد، وفي قوله ذوقوا ما الخ استعارة مكنية وتخييلية أو تبعية وكنز يكنز كضرب يضرب وقعد يقعد لغتان وبهما قرىء. قوله :( أي مبلغ عددها الخ ا لما كانت العدّة مصدراً كالشركة، واثنا عشر ليس عينها فلا يصح حمله عليها قدر الكلام بما يصححه، والمبلغ المقدار الذي يبلغه، وقيل إنما قدر المضاف مع عدم الحاجة إليه في تأدية المعنى لأنّ المقصود الردّ على المشركين في الزياد بالنسيء، وهو إنما يحصل به لا بدونه وفيه نظر. قوله :( معمول عدّة لأنها مصدر ) أي حالاً كما هو الظاهر، وقيل بحسب الأصل وهو كاف للعمل في الظرف لأن العدد خرج عن المصدرية وهي بمعناه، وهو تكلف لا حاجة إليه وعدة مبتدأ وعند الله معموله، وفي كتاب الله صفة اثنا عشر ويوم معمول كتاب الله على مصدريته أو العامل فيه معنى الاستقرار وفي الإعراب
وجوه آخر مفصلة في محلها، وشهرا تمييز مؤكد لأنه مع قوله :( عذّة الشهور ) أي شهور السنة لو حذف استغنى عنه قيل، وما يقال إنه لدفع الإيهام إذ لو قيل عذة الشهور عند الله أثنا عشر سنة لكان كلا ما مستقيما ليس بمستقيم، وهو غير وارد لأنّ مراد القائل أنه يحتمل أن تكون تلك الشهور في ابتداء الدنيا كذلك كما في قوله :﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ ﴾ [ سورة الحج، الآبة : ٤٧ ] ونحوه


الصفحة التالية
Icon