ج٤ص٣٣٠
قيل في صحة الاستدراك على ما قالوا بحث، والظاهر أنّ لكن هنا للتأكيد كما أثبتوه، ودفعه أنه له لما قال : ما خرجوا خطر بالبال أنه عرض! مانع عوّقهم عن الخروج فاستدرك بنفيه، وقال : إنهم تثبطوا أي تكلفوا إظهار التثبط، والعائق ولا أصل له وبين عدم الخروج المستلزم للعائق غالباً، وعدم العائق تضادّ في الجملة ومن لم يتنبه لهذا قال : لم لم يعتبر نفي إرادتهم واعتبر لازمه من الخروج، ولو جعل المعنى ما أرادوا الخروج ولكن تثبطوا ظهر معنى الاستدراك ولم يدر أنّ التعويق إنما يكون عما أريد فتدبر. قوله :( تمثيل لالقاء الله كراهة الخروج الخ ) يعني إنه تعالى جعل خلق داعية القعود فيهم بمنزلة الأمر، والقول الطالب كقوله تعالى :﴿ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾ [ سررة البقرة، الآية : ٢٤٣ ] أي أماتهم، وهو المراد بقوله جعل القاء الله في قلوبهم كراهة الخروج أمر بالقعود، وقوله :( أو وسوسة ) بالجرّ معطوف على القاء وبالأمر متعلق بتمثيل أي تشبيه لهذا أو لهذا به، وقيل إنه مرفوع معطوف على تمثيل، وبالأمر متعلق به، والأوّل أوجه. قوله :( أو حكاية قول بعضهم ) معطوف على تمثيل وأذن الرسول مجرور معطوف على قول بعضهم، ويحتمل الرفع عطفا على تمثيل، وعلى هذين فالقول على حقيقته. قوله :( والقاعدين يحتمل المعذورين ) حكاه بلفظ الواقع في النظم، وفي الكشاف إنه ذم لهم وتعجيز والحاق بالنساء والصبيان والزمني الذين شأنهم القعود، والجثوم في البيوت، وهم القاعدون والخالفون والخوالف، ويبينه قوله تعالى :﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٨٧ ] يعني أنه أبلغ من أقعدوا، وكونوا مع القاعدين لالحاقهم بهؤلاء الأصناف الموصوفيز، بالتخلف الموسومين بهذه السمة، وهو من قبيل لأجعلنك من المسجونيبئ كما مرّ تحقيقه وفي كلام المصنف رحمه الله إجمال وابهام لأنه يحتمل أن يريد بالمعذورين هؤلاء، وبغيرهم من سواهم فيكون مخالفاً لما في الكشاف، ويحتمل أن يريد بالمعذورين الرجال الذين لهم عذر يمنعهم عن الخروج كالمرضي، وبغيرهم من لا يحتاج إلى عذر في التخلف كالصبيان والنساء فيقرب مما في الكشاف، وهو الذي ارتضاه بعض أرباب الحواشي مع قصور في بيانه، وحوله :( وعلى
الوجهين ) أي سواء أريد المعذورين أو غيرهم لا يخلو عن ذم لأنّ المراد بالأمر التخلية والتوبيخ لا حقيقته، وقيل المراد بالوجهين أن يراد بالقول المجاز أو الحقيقة، ولذا قيل : إنه على الأخير لا ذمّ فيه. قوله :( ولا يستلزم ذلك ان يكون لهم خبال الخ ا لما!توهم أنّ زيادة الخبال تقتضي ثبوت أصله، وليس فيهم ذلك جعل بعض المعربين الاسعثناء مفرّغاً منقطعا بتقدير ما زادوكم قوّة وخيراً لكن شرّا وخبالا دفعه المصنف رحمه الله تعالى تبعاً للزمخشركما بأنّ الاستثناء المفرغ يقدر المستثنى منه عاما أي زادوكم شيئا إلا خبالا على صلاحكم فلا يلزم ما ذكره مع أن الاستثناء المفرغ لا يكون إلا متصلاً فلا يصح صناعة، وهذه من الفوائد التي لم يصرّح بها النحاة، وقد التزم بعضهم صحته لأنه كان في تلك الغزوة منافقرن لهم خبال فلو خرج هؤلاء أيضاً واجتمعوا بهم زاد الخبال فلا فساد في ذلك الاستلزام ولو ثبت وكونه لا يكون مفرّغاً لأنه من أعم العام فيكون بعضه البتة. قوله : الآنه لا يكون مفرّكا ( يعني الاستثناء المنقطع لا يكون مفرّغا ) وفيه بحث ( لأنه لا مانع منه إذا دلت القرينة عليه كما إذا قيل ما أنيسك في البادية فقلت ما لي بها إلا اليعافير أي ما لي أني! إلا هذه. قوله :( ولا سرعوا ركائبهم بينكم بالنميمة الخ ( الإيضاع إسراع سير الإبل يقال وضعت الناقة تضع إذا أسرعت وأضعتها أنا، والمراد الإسراع بالنمائم لأنّ الراكب أسرع من الماشي، كما في الكشاف فقيل المفعول مقدر وهو النمائم فشبه النمائم بالركائب في جريانها وانتقالها وأثبت لها الإيضاع ففيه تخييلية ومكنية، وقيل : إنه استعارة تبعية شبه سرة إفسادهم لذات البين بالنميمة لسرعة سير الركائب ثم استعير لها الإيضاع وهو للإبل والتضريب الإفساد من قولهم ضرب البرد النبات، إذ أسده والتخذيل إيقاع الخذلان وهو عدم النصرة، وخلال جمع خلل وهو الفرجة استعمل ظرفاً بمعنى بين فإن قلت قول المصنف ولا وضحعوا ركائبهم ووضع البعير خطأ لقول الأخفش في كتاب المعاياة إنه لا يصح أن يقال أوضعت الركائب ولا وضع البعير، وإنما يستعمل بدون قيد، قلت : هذا غير متفق عليه كما ذكره نقلا


الصفحة التالية
Icon