ج٤ص٣٣٥
عليه من اتصف بإحدى هذه الصفات دون غيره إذ القصد الصلاج والمنافقون ليس فيهم سوى الفساد فلا يستحقونه حسما لأطماعهم فظهر جواب أنه كيف وقعت هذه الآية في تضاعيف ذكر المنافقين وقوله الزكوات تفسير للصدقات ليخرج غيرها من التطوع. قوله :( وهو دليل على أن المراد باللمز الخ ( هذا إشارة إلى أن التفسير الأوّل وهو قوله قيل إنها نزلت في أبي الجوّاظ، وأنه في الصدقات هو المرضيّ عنده. قوله :( والفقير من لا مال له ولا كسب الخ ) هذا قول الشافعيّ رضي الله تعالى عنه، وما حكاه بقيل قول أبي حنيفة رحمه الله فعنده الفقير من له أدنى شيء، وهو ما دون النصاب أو قدر نصاب غير تائم، وهو مستغرق في الحاجة والمسكين من لا شيء له فيحتاج للمسألة لقوته، وما يواري بدنه ويحل له ذلك بخلاف الأوّل حيث لا تحل له المسألة فإنها لا تحل لمن يملك قوت يومه بعد ستر بدنه، وعند بعضهم لا يحل لمن كان كسوبا أو يملك خمسين درهما، ويجوز صرف الزكاة لمن لا تحل له المسألة بعد كونه فقيرا، ولا يخرجه عن الفقر ملك نصب كثيرة غير نامية إذا كانت مستغرقة بالحاجة، ولذا قلنا يجوز للعالم وإن كان له كتب تساوي نصبا كثيرة إذا كان محتاجاً إليها للتدرش!، ونحوه بخلاف العامّي، وعلى هذا جميع آلات المحترفين، ووجه كون الفقير أسوأ حالاً لقوله تعالى :﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ٧٩، إذ أثبت للمسكين سفينة.
وأجيب بأنها لم تكن لهم بل هم أجراء فيها أو عارية معهم أو قيل لهم مساكين ترحما، وبقوله ع!ز :" اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في رّمرة المساكين " ( ١ ( مع ما روي أنه ﷺ تعوّذ من ا!قر، وأجيب بأنّ الفقر المتعوّذ منه ليس إلا فقر النض لما روي أف ط ن ﷺ يسأل العفاف والغنى ( ٢ (، والمراد به غنى النفس لا كثرة الدنيا، واستدل على أنّ الفقير أسوأ حالاً من المسكين بتقديمه في الآية ولا دليل فيه لأن التقديم له اعتبارات كثيرة في كلامهم، وبأنّ الفقير بمعنى المفقور أي مكسور الفقار فكان أسوأ، ومنع بجواز كونه من فقرت له فقرة من مالي إذا قطعتها فيكون له شيء، وأما قوله تعالى :﴿ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ [ سورة البلد، الآية : ٦ ا ] أي ألصق جلده بالتراب في حفرة استتر بها مكان الأزار وألصق بطنه به لجوع فتمام الاستدلال به موقوف على أنّ الصفة كاشفة، وهو خلاف الظاهر، وقوله : يقع صفة كسب والفقار بفتح الفاء عظام الصلب، وقوله أصيب فقاره أي كسر ورمى بمصيبته كقولهم ذكره إذا قطع ذكره، وقوله لا يكفيه أي لنفسه وعيله وكفاية المال للسنة والكسب لليوم، وقوله :( كأنّ العجز أسكنه ( قيل إنه ملائم للعكس. قوله :) وأنه ﷺ كان يسأل الخ ) إشارة إلى ما رواه الترمذي رحمه الله عن أنس رضي الله عنه وابن ماجه والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه، وصححوه :" اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين " ) ٣ ( وقوله :( يتعوّذ من الفقر ) إشارة إلى ما رواه أبو داود عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه ﷺ كان يدعو بقوله :" اللهم إتي أعوذ بك من الكفر والفقر " ) ٤ ( وأما ما اشتهر من أنّ الفقر فخرى فلا أصل له
كما يظنه بعضهم. قوله :( الساعين في تحصيلها ) أي الذين يجبونها يعطي لهم مقدار كفايتهم إلا أن يستغرق المال فلا يزاد على النصف، ولا تقدير فيه والشافعيّ رضي الله عنه قدره بالثمر. قوله :( والمؤلفة الخ ( قال ابن الهمام المؤلفة كانوا ثلاثة أقسام قسم كفار كان رسول الله لمجييه يعطيهم ليتألفهم على الإسلام، وقسم كان يعطيهم ليدفع شرّهم، وقسم أسلموا وفيهم ضعف إسلام فكان يتألفهم ليقوي إيمانهم، وفي الهداية انعقد إجماع الصحابة رضي الله عنهم على انقطاعهم بعده ﷺ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه فإنّ عمر رضي الله تعالى عنه رذهم لما جاء عيينة والأقرع يطلبان أرضا من أبي بكررضي الله عنه فكتب خطاً فمزقه عمر رضي الله عنه، وتال هذا شيء كان رسول الله ﷺ يعطيكموه ليتألفكم على الإسلام، والآن قد أعز الله الإسلام فأغنى عنكم فإن ثبتم على الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف فرجعوا إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا الخليفة أنت أم عمر فقال : هو إن شاء ووافقه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنهم مع احتمال أن فيه مفسدة، كارتداد بعض منهم وإثارة ثائرة، فإن قيل إنه لا إجماع فلا بد من دليل يفيد نسخه قبل وفاته أو يقيده بحياة النبيّ


الصفحة التالية
Icon