ج٤ص٣٤٢
بمشابهتهم فلا وجه لما قيل كان عليه أن يؤخره إلى قوله ذئم الخ، وإنما ذكر كونهم أشذ وأقوى ليعلم إنهم أصابهم ما أصابهم مع ذلك فأنتم أولى وأحق به، والخلاق النصيب المقدر من الخلق بمعنى التقدير، وهو أصل معناه لغة، والملاذ بالتشديد اللذات جمع لذة على غير قياس كالمحاسن. قوله :) ذمّ الأوّلين الخ ( إشارة إلى ما في الكشاف من أنّ هنا تشبيهين، أحدهما مجرى على ظاهره، وهو خضتم كالذي خاضوا وثانيهما فيه أطناب لأن أصله فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم فأقي فائدة في زيادة قوله فاستمتعوا بخلاقهم، وأجاب عنه بأنّ الزيادة للتوطئة، والتمهيد للتمثيل لمزيد تقبيح الاستمتاع بشهوات الدنيا ولذاتها وتثبيته في قلب السامع إجمالاً وتفصيلاً فإمّا أن يقدر مثله في الثاني لعطفه عليه أو لا يقدر إشارة إلى الاغتناء بالأوّل، والمخدج بمعنى الناقص وقوله التهائهم هو افتعال من اللهو. قوله :( دخلتم في الباطل الخ ( الخوض الثروع في دخول الماء ويستعار لمباشرة الأمور وأكثر ما يستعمل في الذمّ في القرآن فلذا خصه بالباطل، وقوله :( كالذين خاضوا ) يعني أنه جمع وأصله الذين فحذفت نونه تخفيفاً كما في قوله :
وان الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أمّ خالد
وبحتمل أن يريد أنه مفرد واقع موقع الجمع والعائد إلى الموصول محذوف أي خاضوه وأصله خاضوا فيه فحذف تدريجاً لأنّ العائد المجرور لا يحذف إلا بشروط كجرّ الموصول بمثله، أو الذي صفة لمفرد اللفظ مجموع المعنى كالفريق والفوج، أو هو صفة مصدر أي كالخوض الذي خاضوه والضمير للمصدر، ورجح بعدم التكلف فيه، وقال الفراء : إن الذي تكون مصدرية وخرج هذا عليه. قوله :( لم يستحقوا الخ ) الحبط السقوط والبطلان والاضمحلال وكونها حابطة في الآخرة ظاهر، وفي الدنيا لما لهم من الذل والهوان وغير ذلك، وقوله خسروا الدنيا والآخرة تفسير له بما يتوجه به الحصر ويتضح. قوله :( وعاد وثمود الخ ) غير الأسلوب لأنهم لم يستهزؤوا بنبيهم، وقيل لأنّ كثيراً منهم آمنوا ونمروذ بالذال
المعجمة، وقوله وأهلك أصحابه لم يبين هلاكهم لأنه كان بإبادتهم بعد هلاك ملكهم لا بسبب سماوقي كغيرهم. قوله :( أهلكوا بالنار يوم الظلة ( هي غمامة أطبقت عليهم قيل الذين أهلكوا بالنار يوم الظلة هم أصحاب الأيكة من قوم شعيب عليه الصلاة والسلام، وأما أهل مدين فأهلكوا بالصيحة والرجفة وأجيب بأنه على قول قتادة وأما على قول ابن عباس رضي الله عنهما وغيره فأهل مدين أهلكوا بالنار يوم الظلة، ورجفت بهم الأرض وتفصيله في تفسير البغوي في سورة الأعراف، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى مبنيّ عليه. قوله :) والمؤتفكات الخ ( معطوف على أهل مدين وأصل معنى الائتفاك الانقلاب بجعل أعلى الشيء أسفل بالخسف، وهو قد وقع في قريات قوم لوط عليه الصلاة والسلام فإن كانت مرادة به فهي على حقيقتها وإن كان المراد مطلق قرى المكذبين، وهي لم تخسف بأجمعها فيكون المراد به مجازاً انقلاب حالها من الخير تشبيها له بالخسف على طريق الاستعارة كقول ابن الرومي :
وما الخسف أن تلقى أسافل بلدة أعاليها بل أن تسود الأراذل
وقريات بالتصغير جمع قرية لأنّ جمع المكبر قرى. قوله :) يعئي الكل ) أي جميع ما ذكر
لا المؤتفكات فقط كما قيل لأنّ جمع الرسل على تفسيرها الأوّل يحتاج إلى التأويل برسل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والدعاة لهم وإن صح على الثاني بغير تتأويل. قوله :) أي لم يك وفي نسخة لم يكن من عادته الخ ) قيل إنه من الإيجاز بالحذف، وأصله فكذبوهم فأهلكهم فما كان الخ وهو ردّ على قول الزمخشرقي في قوله فما صح منه أن يظلمهم، وهو حكيم لا يجوز عليه القبيح وهو مبنيّ على مذهبه، وقوله :( من عادته ( أخذه من المضارع المفيد للاستمرار، ولو حمل على استمرار النفي كان أبلغ كما مرّ في قوله لا يستأذنك يعني أنه لا يصدر ذلك، وتسميته ظلما لمشابهته له لو كان أو لأنه يسمى ظلما بالنسبة إلى العباد الفاعلين له فلو وقع منه لم يكن ظلما على مذهبنا، وقوله عرّضوها بمعنى جعلوها عرضة ومستحقة له. قوله :) في مقابلة قوله المنافقون الخ ) وبعضهم