ج٤ص٣٥٨
قيل المنافقون من قوم حولكم ومن اهل المدينة وهو من عطف المفردات، ويكون قوله مردوا الخ جملة مستأنفة أو صفة لقوله منافقون لسكن فيه الفصل ب ق الصفة وموصوفها ولذا عد بعيدأ أو الكلام تم عند قوله منافقون من أهل المدينة خبر مقد! والمبتدأ بعده محذوف تامت صفته مقامه وحذف الموصوف، واقامة صفته مقامه إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في مقدم عليه مقيس شائع نحو منا ظعن، ومنا أقام كما تقرّر في النحو وقد مرّ تحقيقه، والتقدير ومن أهل المدينة قوم ماردون على النفاق، وما قيل جرت العادة بتقدير الموصوف في الثاني فعلاً كان أو ظرفا دون التقدير في الأوّل ليكون باقياً على أصله من التقديم لا يخفى ما فيه من القصور وقد سبق رده فتذكر. قوله :( ونظيره في حذف الموصوف الخ ) هو نظير له في مطلق حذف الموصوف بالجملة لا في خصوصه لأن حذت الموصوف بعد مجرور بمن، وهو بعضه مقيس وبدونه كما في البيت ضرورة، أو نادر فلا يرد عليه الاعتراض بأنه ليس مما نحن فيه. قوله :) أنا ابن جلا الخ ( هو بيت هكذا :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني
وهو من قصيدة لسحيم بن وثيل الرياحي وفيه للنحاة تأويلات فقيل إن الفعل والضمير المستتر فيه صار علما فحكي كما تحكى الجمل، وقيل إنه فعل فقط سمي به ولم يصرف وقيل جلا مصدر مقصور معناه انحسار الشعر عن الرأس أي أنا ابن ذي جلا أي انحسار شعر رأسه لكثرة وضع البيضة عليه، أو جعل نفس الانجلاء مبالغة وعلى هذه الأقوال لا شاهد فيه، والمشهور أنه فعل ماض بمعنى بين وأظهر غير منقول إلى العلمية والمعنى أنا ابن رجل كشف الأمور الشدائد وأوضحها بمباشرته لها، وطلاع الثنايا جمع ثنية وهي العقبة كناية عن ارتكاب عظائم الأمور كما يقال طلاع أنجد جمع نجد وقوله متى أضع العمامة يعرفوني أي لانحسار شعر رأسي، أو أنه يريد كثرة مباشرة الحرب فلا يراه الناس إلا بغير عمامة ولا يعرفونه إلا بزقي المحارب، أو متى حاربت عرفت بشجاعتي واقدامي على الحرب، وقوله :) كلام مبتدأ ) أي مستأنف استئنافا نحويا أو بيانياً كأنه قال : ما دأبهم ووصفهم فقيل مردوا الخء قوله :( تمرئهم وتمهرهم في النفاق ( يشير إلى أن أصل معنى التمرّد التمرن أي الاعتياد والتدزب في الأمر حتى يصير ماهراً فيه لاتخاذه صنعة ودينا له، ولذا خفي نفاقهم عليه لمجب! مع كمال فطنته وفراسته،
وقال الراكب : إنه من قولهم شجرة مرداء أي لا ورق عليها أي إنهم خلوا. من الخير، وروى أهل الجنة جرد مرد، وهو محمول على ظاهره أو المراد أنهم خالصون من الشوائب والقبائح وصرج ممرّد أي مملس كما قال :
في منزل شيدبنيانه يزل عنه ظفر الطائر
قوله :( لا تعرفهم بأعيانهم الخ ) وان عرفهم إجمالاً قيل والظاهر المناسب لا تعرف نفاقهم والتنوّق كالتأنق التصنع، والتكلف بإظهار النيقة وهي الحذق وما يعجب الناظر، وفي المثل خرقاء ذات نيقة، والتحامي الاجتناب والتلبيس عليه بالاعتذار والحلف. قوله :( بالفضيحة والقتل الخ ) اختلف في المرتين على أقوال ذكر المصنف رحمه الله منها ثلاثة، وقيل المراد التكثير كقوله :﴿ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ [ سورة الملك، الآية : ٤ ] لقوله :﴿ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ١١٢٦ وقال الآمدي الأوّل عذاب الدنيا مطلقاً والثاني عذاب الآخرة والقتل إئا فرضيّ إذا أظهروا النفاق أو المراد خوفه وتوقعه، ونهكه المرض بمعنى أضناه وأثقله فالمراد به ظاهره لأنّ المرض كفارة للمؤمن وعقوبة عاجلة لغيره، أو المرض المعنوي وهو ما في قلوبهم. قوله :( وآخرون اعترفوا الخ ( معطوف على منافقون أي وممن حولكم آخرون أو من أهل المدينة آخرون ويجوز أن يكون مبتدأ واعترفوا صفته وخبره خلطوا كذا قال المعرب وغيره وقيل عليه أنه يقتضي إن اعترافهم مفروغ منه والمقصود بالإفادة غيره، وليس كذلك إذ هو المقصود بالإفادة فآخرون مبتدأ وهو الخبر وسوغ الابتدا أنه صفة موصوف مقدر وفيه نظر لأنّ اعترافهم شاهد بربطهم أنفسهم فالمقصود بيان أنهم ممن تاب الله عليه فلا وجه لما ذكر. قوله :( وهم طائفة من المتخلفين الخ ) اختلف في عددهم هل هم خمسة أو ثلاثة أو عشرة، وهلى هم منافقون أو لا لكنهم اتفقوا على أن أبا لبابة رضي الله