ج٤ص٣٦٩
بخلات هذه فإنه يجوز اختلاف فاعلها ومن تعلقت به، وهذا هو الداعي لإعراب التائبون مبتدأ موصوفا بما بعده والآمرون خبره فكأنه قيل الكاملون في أنفسهم المكملون لغيرهم، وقدم الأوّل لا! المكمل لا يكون مكملاً حتى يكون كاملا في نفسه، وبهذا اتسق النظم أحسن نسق من غير تكلف والله أعلم بمراده. قوله :) وقيل إنّ هذا للإيذان بأنّ التعداد قد تم بالسبع ( وفي نسخة بالسابع، وقد مز بيان كون السبع عدداً تاما وتفصيله، وقائل هذا القول هو أبو البقاء تبعأ لغيره ممن أثبت واو الثمانية، وهو قول ضعيف لم يرضه النحاة كما فصله صاحب المغني رحمه الله وذكروه في قوله تعالى :﴿ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ٢٢ ] وسيأتي تحقيقه، وقد نظر فيه بأن الدال على التمام لفظ سبعة لاستعماله في التكثير لا معدودة وفيه نظر. قوله :) يعني به ( وفي نسخة بهم أي بالمؤمنين ولم يقل، وبشرهم بكذا إشارة إلى أنه لأمر جليل لا يحيط به نطاق البيان، وقوله :
) روي الخ ) ) ١ ( أخرجه البخارفي ومسلم رحمهما الله تعالى عن سعيد بن المسيب عن أبيه.
قوله :) وقيل لما افتتح مكة الخ ) الصحيح في سبب النزول هو الأوّل، وهذا حديث ضعيف أخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن قيل موت أبي طالب قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين وهذه السورة من أواخر ما نزل بالمدينة فكيف يتأتى جعل ما مرّ في الصحيحين سببا للنزول، قيل إنه لمجي! كان يستغفر له إلى حين نزولها فإنّ التشديد على الكفار، والنهي عن الدعاء لهم إنما ظهر بهذه السورة كما في التقريب واعتمده من بعده من الشراح ولا ينافيه قوله في الحديث فنزلت لامتداد استغفاره له إلى نزولها أو لأن الفاء للسببية بدون تعقيب، والأبواء بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة والمد جبل بين مكة والمدينة وعنده بلدة تنسب إليه ومستعبراً بمعنى باكيا من العبرة بالفتح. قوله :( بأن ماتوا على الكفر الخ ( خصه لأنه الواقع في سبب النزول، ومثله ما إذا علم بالوحي أنهم مطبوع على قلوبهم لا يؤمنون كما سيشير إليه في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلا اعتراض عليه كما توهم، وقوله :) وفيه دليل الخ ا لأنه إنما نهى عنه بعد تبين أنهم من أهل النار، وهو لا يقطع به في حق كل إحيائهم وطلب المغفرة يستلزم بطريق الاقتضاء إيمانهم، أو هو المراد منه فلا يقال إنه لا فائدة في طلب المغفرة للكافر، وقوله وبه دفع النقض يعني أنّ الآية تدل على أنه لا يصح ذلك وقد وقع من إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه ووجه الدفع ظاهر. قوله :) وعدها إبراهيم عليه الصلاة والسلام أباه
الخ ) أباه بفتح الهمزة وابىء الموحدة يعني أنّ فاعل وعد ضمير إبراهيم عليه الصلاة والسلام واياه ضمير عائد على أبيه بدليل ما قرأه حماد الراوية والحسن وابن السميفع وابن نهيك ومعاذ القارىء كما في الدرّ المصون فإنهم قرؤوا أباه بالموحدة، وقوله :( منفرتك ) أي مغفرة الله لك، وقوله :( بالتوفيق للإيمان ) إشارة لما مرّ، ويجب بالجيم بمعنى يقطع ويمحو وهو عبارة الحديث ولا تنافيئ سبب النزول كما قيل لأنّ معنى الآية ما كان لكم الاستغفار بعد التبيين وأما فعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإنما كان في حياته وقبل النهي عنه فلا وجه لما قيل إنه يشكل قوله تعالى في سورة الممتحنة ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ سورة الممتحنة، الآية : ٤ ] ﴿ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ﴾ [ سورة الممتحنة، الآية : ٤ ] حيث منع من الاقتداء به فيه ولو كان في حياته لم يمنع منه لأنه يجوز الاستغفار بمعنى طلب الإيمان لأحيائهم لأنه إنما منع من الاقتداء بظاهره وظن أنه جائز مطلقا كما وقع لبعض الصحابة رضي الله عنهم وأما قوله في الكشاف على أنّ امتناع جواز الاستغفار للكافر إنما علم بالوحي لأنّ العقل يجوّز أن يغفر الله للكافر، ألإ٨ ترى إلى قوله عليه السلام دعمه لأستغفرنّ لك ما لم أنه فلم يتعرّض له المصنف رحمه الله لأنه لا يلائم قوله تعالى :﴿ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ١٤ ا ] كما ئيل لأنّ وعده بامتثال أمره يقتضي أنه كان قبل موته. قوله :( ويدلى عليه قراءة من قرأ أباه الخ ) قد علمت أنها قراءة الحسن وأنه قرأ بها غير واحد من السلف، وإن كانت شاذة فلا التفات إلى ما قيل إنهم عدوها!حيفان وأنّ ابن المقنع صحف في القرآن ثلاثة أحرف فقرأ إياه أباه، وقرأ في عزة وشقاق في غرة بالمعجمة، وهو بالعين المهملة وقرأ شأن يغنيه يعنيه بفتح الياء وعين مهملة. قوله :( أو وعدها إبراهيم أبوه ا لأنه وعده أن يؤمن، وبهذا ظهر جواب آخر وهو أنه لما وعده الإيمان استغفر له بعد موته