ج٤ص٣٧٦
المصنف رحمه الله بقوله ذلك أو لكل واحد كما عرفت، وجعله للعمل تكلف محوج إلى تقدير لأنه صفة لما قبله في المعنى وفصل هذا وأخره لأنه أهون مما قبله. قوله :( جزاء أحسن أعمالهم الخ ) قال أبو حيان رحمه الله التقدير أحسن جزاء الذي كانو! يعملون لأنّ عملهم له جزاء حسن، وأحسن فجعله أحسن جزاء فانتصاب أحسن على المصدرية لإضافته إلى مصدر محذوف وهو الوجه الثاني في كلام المصنف رحمه الله، وقال الإمام فيه وجهان الأوّل أنّ أحسن صفة عملهم، وفيه الواجب والمندوب والمباح فهو يجزيهم على الأوّلين دون الأخير قيل، وعلى هذا يحتمل أن يكون بدل اشتمال من ضمير يجزيهم، وأورد عليه أنه ناء عن المقام مع قلة فائدته لأنّ حاصله أنه تعالى يجزيهم على الواجب، والمندوب وأنّ ما ذكر منه ولا يخفى ركاكته وأنه غير خفي على أحد، وقد يقال إنه كناية عن العفو عما فرط منهم في خلاله إن وقع لأنّ تخصيص الجزاء به يشعر بأنه لا يجازي على غيره، ثم قال الثاني أنّ اً حسن صفة لجزاء أي ليجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأفضل وهو الثواب، وقيل عليه إنه إذا كان أحسن صفة لجزاء كيف يضاف إلى الأعمال وليس بعضا منها، وكيف يفضل عليه بدون من ولا وجه لدفعه بأنّ أصله مما كانوا الخ فحذفت من مع بقاء المعنى على حاله كما قيل إذ لا محصل له، وقوله :( جزاء أحسن أعمالهم ) قيل يحتمل أن يكون جزاء منوّناً منصوباً على المصدرية وأحسن مفعوله، وهو مضاف لما بعده والمقصود تقدير العامل الناصب لأحسن لأنّ الفعل نصب الضمير فلا ينصب مفعولاً آخر إلا أن يجعل بدلاً كما مرّ، والمراد بجزاء أحسن الأعمال أحسن جزاء الأعمال، وليس المراد أحسن هذه الأعمال المذكورة حتى يقتضي أنّ الجزاء على بعضها، ويحتمل إضافة جزاء لمعموله، وهو أحسن وهو كالأوّل في المعنى لكنه كان مجرورا فلما حذف انتصب وهذا ثاني وجهي الإمام ( أقول ) هذا مما لا وجه له، فإنّ المصدر الواقع مفعولاً مطلقا لا يعمل خصوصاً في غير ما عمل فيه فعله فلا يصح ضربت زيداً ضربا عمراً ولا يخفى ركاكته، فالظاهر أنه مضاف، وأنه لما حذف قام المضاف إليه مقامه فانتصب على المصدرية في الوجهين والمعنى أنه يجازيهم على أعمالهم بإضعافها كجزائه على الأحسن وقال السفاقسي : أحسن يحتمل أن يكون بدلاً من ضمير ليجزيهم بدل اشتمال أي ليجزي الله أحسن أفعالهم بالأحسن من الجزاء أو بما شاء، ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي ليجزيهم الله جزاء أحسن أفعالهم اهـ. قوله :( وما استقام لهم أن ينفروا جميعاً الخ ) في هذه الآية وجهان مبنيان على كونها متعلقة بما قبلها من أمر الجهاد أو منقطعة لا تختص به أو لبيان طلب العلم فانه فريضة على كل مسلم، والثاني أوفق بصريح
النظم فلذا قدمه المصنف رحمه الله، والمعنى لا يستقيم لهم أن يخرجرا جميعا لطلب العلم كالغزو لأنه تعالى لم بين وجوب الهجرة والجهاد وكل منهما سفر لعبادة فبعد ما فضل الجهاد ذكر السفر الآخر، وهو الهجرة لطلب العلم فيكون النفر والخروج لطلب العلم ولكن المصنف رحمه الله تعالى عمم فيه لبيان أنّ حكمهما واحد فيلتئم بما قبله كالوجه الثاني وقوله :( فإنه يخل بأمر المعاس ) تعليل لقوله أن ينفروا وترك الآخر لظهوره، وهو الأثم ويصح أن يكون تعليلاً لهما فإنّ في ترك غلبة العدوّ غلبتهم المخلة بالمعاس أيضا، والثاني وهو الذي أشار إليه بقوله، وقد قيل الآتي أنه لما شدد على المتخلفين قالوا لا يتخلف منا أحد عن جش أو سرية فلما فعلوا ذلك حتى بقي النبيّ ﷺ وحده نزلت، فقيل لهم لا تنفروا جميعا للقتال ولتقم طائفة معه لتعلم الدين، وتفهم ما صدر عنه ﷺ فإذا رجع المجاهدون أفادوهم ما سمعوا منه ﷺ، وهذا مرويّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قيل : فعلى هذا لا بد في الآية من إضمار والتقدير فلولا نفر من كل فرقة طائفة وأقامت طائفة ليتفقه المقيمون، ولينذروا قومهم النافرين إلى الغزو إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون معاصي الله تعالى عند ذلك التعلم، وردّ بأنه لا حاجة إلى ا!لتقدير إذ يفهم الفرق من قوله :( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) فإنّ الفرق إذا نفر من كل منها طائفة لزم أن تبقى طائفة أخرى فضمير ليتفقهوا يرجع إلى الفرق البانية المفهومة من الكلام وسيأتي ما فيه. قوله :( فهلا نفر من كل جماعة كثيرة الخ ) يعني لولا هنا


الصفحة التالية
Icon