ج٥ص١٠١
والأوض معا، أي فامتثلا ما أمرا به ونقص الماء، ولا يخص غيض الماء بطوفان السماء كما ئوهم، وفيه كلام طويل في الكشف. قوله :( واستقرّت ) يقال استوى على السرير إذا استقر
عليه، وآمل بالمذ وضمّ الميم بلدة. قوله :( هلاكاً لهم الخ ) يعني أن البعد ضد القرب، وهو باعتبار المكان، وهو في المحسوس، وقد يقال : في المعقول نحو ضلوا ضلالاً بعيداً، وأن استعماله في الموت والهلاك استعارة لكن كلام أهل اللغة يخالفه لاختلاف فعليهما، فإنه يقال : في الأوّل بعد يبعد ككرم يكرم بعد بضم فسكون، وفي الثاني بعدا يبعد كفرح يفرج فرحا، كما قيل فالواقع في قول المصنف بكسر العين في الماضي وفتحها في المصدر، وقيل بالعكس، والظاهر أنه فيهما بالضم، لأنّ الواقع في النظم مصدر ل!لمضموم فهو يقتضي أن يكون من البعد المكاني، وأنهما من ماذة واحدة، وهو الذي حمل المصنف رحمه الله تعالى على التجوّز وقوله : إذا بعد بضم العين، وبعدا كقربا ووصف البعد بكونه بعيداً للمبالغة كجد جده، وقوله لا يرجى عوده بيان لشدّة بعده وبيان لاطلاق البعد على الموت، وقد أوضح هذا المعنى التهامي في قوله في مرثيته المشهورة :
أشكو بعادك لي وأنت بموضع لولا الردى لسمعت فيه سراري
والشرق نحو الغرب أقرب شقة من بعد تلك الخمسة الأشباري
وقوله : وخص بدعاء السوء يعتي بعدا مصدر يستعمل للدعاء، كسقيا ورعيا لكنه مخصوص بالسوء كجدعا وتعسا، والمراد بالظلم مطلقه أو تكذيب الرسل عليهم الصلاة والسلام لأنهم به ظلموا أنفسهم. قوله :( والآية في غاية الفصاحة الخ ) ما اشتملت عليه من الفصاحة والنكات مفصل في شرح المفتاح، والمراد بالفصاحة البلاغة، وفخامة لفظها مجاز عن بلاغتها، وكنه الحال حقيقته من إرادة ما ذكر. قوله :) واللراد الآخبار على البناء للمفعول الخ ) يعني أنّ الفاعل قد يترك ويبنى للمجهول لتعينه، لأن تلك الصفات لا تليق بغيره حقيقة، أو ادّعاء وقد صرّج الشعراء بهذا المعنى وتشبتوا به كما قال أبو نواس :
وان جرت الألفاظ يوما بمدحة لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني
قوله :( وأراد نداءه ( أوّله به ليصح التفريع عليه كما بينه، وقيل : إنه تفصيل للمجمل لا! الإجمال يعقبه التفصيل، وقيل : إنّ المعقب ما بعد قوله : رلث، وهو إنما ذكر للتوطئة لما
بعده، وإنّ تأويل المصنف رحمه الله تعالى ليس بحسن لأنّ فعل كل فاعل مختار لا بد أن يعقب إرادته، فليس في ذكره حينئذ كبير فائدة وفيه نظر. قوله :( وإق كل وعد تعده حق الخ ) يعني أنّ كل وعد لك حق وقد وعدت بانجاء أهلي وهو من جملتهم، وهو في قوّة قياس، ومراده استعلام الحكمة في عدم انجائه مع ما ذكر إن كان ذلك بعد غرقه، أو الاستكشاف عن حاله إن كان قبله، وإليهما أشار بقوله : فما حاله أو فما له لم ينج لكنه كان ينبغي أن يقدم قوله ويجوز الخ على ذلك. قوله :( ويجوز أن يكون هذا النداء قبل غرقه ) فإن الواو لا تقتضي الترتيب، قال الزمخشري : وذكر المسألة دليل على أن النداء كان قبل غرقه حين تأبيه عن ركوب السفينة وخوفه عليه، وأمّا جواز أنه لم يعرف غرقه، وأنه تعالى يجوز أن ينجيه بسبب أخر لمقتضى وعده فخلات الظاهر. قوله :( لآنك أعلمهم وأعدلهم الخ ) يشير إلى أنّ المعنى على التعليل، والى أنه إذا بنى أفعل من الشيء الممتنع من التفضيل والزيادة، يعتبر فيما يناسب معناه معنى الممتنع، وقال الإمام ابن عبد السلام في أماليه إنّ هذا ونحوه من أرحم الراحمين وأحسن الخالقين مشكل، لأن أفعل لا يضاف إلا إلى جنسه، وهنا ليس كذلك لأنّ الخلق من الله بمعنى الإيجاد، ومن غيره بمعنى الكسب، وهما متباينان، والرحمة من الله إن حملت على الإرادة صح المعنى لأنه يسير أعظم إرادة من سائر المريدين، وإن جعلت من مجاز التشبيه وهو أنّ معاملته تشبه معاملة الراحم صح المعنى أيضا لأن ذلك مشترك بينه وبين عباده، وإن أريد إيجاد فعل الرحمة كان مشكلاً إذ لا موجد سواه، وأجاب الآمدي رحمه الله تعالى بأنه بمعنى أعظم من يدعي بهذا الاسم، قال : وهذا مشكل لأنه جعل التفاضل في غير ما وضع اللفظ بإزائه، وهو يناسب مذهب المعتزلة فتأمل. قوله :( أو لآنك أكثر حكمة من ذوي الحكم الخ ) يعني على أن يبني من الحكمة حاكم للنسبة، وقيل : عليه إنّ الباب ليس بقياسي