ج٥ص١١٢
لما حذف الحرف صار المجرور مفعولاً على التوسع، لأن الضمير لا يجوز نصبه على الظرفية، والجار لا يعمل بعد حذفه كما تقرّر في النحو، أو جعل الوعد مكذوبا على طريق الاستعارة المكنية والتخييلية، وهو معنى قول المصنف رحمه الله على المجاز، وقيل : معناه أن مكذوب بمعنى باطل ومتخلف مجازاً، أو مكذوب مصدر على وزن مفعول كمفتول ومجلود بمعنى قتل وجلد، فإنه سمع منهم ذلك وإن كان نادراً، وقوله : ويوم شهدناه سليماً وعامرا
تمامه :
قليل سوى الطعن النهال نوافله
فشهد بمعنى حضر متعدّ لواحد، وهو سليما وعامرا وهما اسما قبيلتين صرفا باعتبار الحيّ، وسليم مصغر فشهدناه أصله فشهدنا فيه، وقليل صفة يوم المجرور بعد واو رب، ونوافله فاعله جمع نافلة وهي العطية لغير عوض، ونهال جمع ناهل بمعنى عطشان، ويكون بمعنى مرتو فهو من الأضداد، أو هو جمع نهل اسم جمع لناهل كطلب وطالب، ويروى الدراك أي المتابعة، أي ليس في ذلك اليوم عطايا سوى الطعان فهو كقوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
قوله ( أي ونجيناهم من خزي الخ ) يعني المعمول لا يعطف على عامله، فهو متعلق بمحذوف هو المعطوف، ولا يكون تكراراً للوجهين السابقين، وقيل : الواو زائدة، وفسر الخزي بالهلاك لأنه ورد بمعناه، وان كان المعنى الآخر هو المشهور.
قوله :( أو ذلهم وفضيحتهم الخ ) اعترض عليه أبو حيان رحمه اللّه بأنه لم يتقدم للقيامة
ذكر، والمذكور جاء أمرنا الخ فالتقدير يوم إذ جاء أمرنا وهو الوجه الأوّل، فيتعين والدفع بأن القرينة قد تكون غير لفظية كما هنا فيه نظر، وقيل : القرينة قوله :﴿ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾ السابق فإن المراد به القيامة. قوله :( على اكتساب المضاف ) وهو يوم البناء من إذ فإنه أحد ما يكتسب بالإضافة كما بين في النحو، وقوله : القادر على كل شيء العموم من صيغة المبالغة، وحذف المتعلق والتخصيص لعدم الاعتداد بقدرة غيره وغلبته، أو المراد في ذلك اليوم فيقدر على
انجاء بعض واهلاك آخرين، وسبق تفسير ذلك في قصة صالح ثمة. قوله :( نوت أبو بكر ههنا الخ ) وقع في نسخة قبل هذا قرأ حمزة وحفص ثمود هنا وفي الفرقان والعنكبوت بفتح الدال من غير تنوين، ونونه الكسائي بخفض الدال في قوله قعالى :﴿ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ ﴾ ذهاباً إلى الحيّ، قالوا وهو الموافق لما في كتب القرا آت لا ما في الأخرى، وهي قوله : نونه أبو بكر أي شعبة في ألا أن ثمود، ألا بعدا لثمود، لا في والى ثمود أخاهم، ونونه في النجم أيضاً، أي لا في العنكبوت والفرقان، وقوله : والكسائي في جميع القرآن أي في المواضع الثلاثة في هذه السورة، وفي السور الثلاث أيضا، وقوله : وابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو، في قوله : ألا بعدا لثمود لا في الموضعين الآخرين منها، ولا في باقي السور. قوله :( ذهاباً إلى الحني ( لأنّ أسماء القبائل يجوز فيها الصرف وعدمه نظراً إلى الحيّ والقبيلة، كما هو معروف في النحو، وقوله أو الأب ا!بر يعني أن يكون المراد به الأب الأوّل، وهو مصروف فيقدر مضاف كنسل وأولاد ونحوه، أو المراد به صسرف نظر الأوّل وضعه فتأمّل، وقوله : كانوا تسعة، وقيل : أحد عشر، وقيل : اثني عشر. قوله :( ببشارة الولد وقيل الخ ) في الكشاف الظاهر الأوّل، قال في الكشف لأنه الظاهر من ألاطلاق، ولقوله :﴿ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [ سورة الذاريات، الآية : ٢٨ ] وان كان يحتمل أن ثمة بشارتين، وأن يحمل في كل موضمع على واحدة منهما، والتبشير يهلاك الكافرين، لأنه أجل نعمة على المؤمنين، ومرضمه المصنف رحمه الله تعالى لما سمعته. قوله :( سلمنا عليك سلاماً الخ ) أي إنه منصوب بفعل محذوف، والجملة مقول القول، أو هو منصوب بنفس القول لما فيه من معنى الذكر، ووجه كون الجواب أحسن أنه جملة اسمية دالة على الدوام والثبات، فهي أبلغ، والسلام معناه السلامة مما يضر، وهو أمان لهم، واليه يشير قوله أمركم. قوله :( وقرأ حمزة الكسائي سلم ) بدون ألف مع كسر السين وسكون اللام وهو بمعنى التسليم، وفسعر بالصلح ولا يناسب المقام إلا أن يكون عبارة عن التحية أيضا لأنها كانت كلمة أمان، كما في الكشف، وقيل : إنهم لما امتنعوا من تناول طعامه وخاف منهم قاله : أي أنا مسالم لا محارب لأنهم كانوا لا يأكلون طعام من بينهم وبينه حرب، وهذا يدل على أن قوله هذا بعد تقديم الطعام، وقوله تعالى :﴿ فَمَا لَبِثَ ﴾ الخ صريح في خلافه، وهذه القراءة في
سلام الثاني، كما يدل عليه كلام