ج٥ص١١٧
ما ذكرناه، وكذا على جعله للمشارفة لا يتأتى هذا لأنه إذا قيل شارفهم العذاب، ثم وقع بهم لم يكن مكرراً وقوله وهو أعلم بحالهم من استحقاقهم محقة العذاب وعدم توبتهم. قوله :( قدره بمقتضى قضائه الخ ) قال المصنف رحمه الله في شرح
المصابيح القضاء الإرادة الأزلية والعناية الإلهية المقتضية لنظام الموجودات على- ترتيب خاص، والقدر تعلق تلك الإرادة بالأشياء في أوقاتها يعني أنّ لصفة الإرادة الإلهية تعلقا قديماً بوجود الأشياء في وقتها المخصوص فيما لا يزال، وتعلقا حادثا بها في وقت وجودها بالفعل، والقضاء هو التعلق القديم، ولذا وصف المصنف رحمه الله بالأزلي، والقدر التعلق الحادث لا إنّ القضاء هو نفس الإرادة كما يوهمه ظاهر كلامه والكلام على تحقيقه في الكلام. قوله تعالى :( ﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ ﴾ ) يقال ساءه سوءاً ومساءة فعل به ما يكره فاستاء والسوء بالضم الاسم منه، والضمير فيه للوط عليه الصلاة والسلام أي أحدث له مجيئهم المساءة ومجيئهم هو الفاعل في الأصل، قيل : الباء للمفعول كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى، وهو فاعل حقيقة لغوية كما بين في كتب المعاني فإن حمل على أن مراده أن باء بهم للسببية والسبب لا يلزم أن يكون فاعلا فليس مما ذكر في شيء، ووقع في بعض النسخ وقرأ نافع وابن عامر والكسائي سيىء وسيئت بإشمام السين الضم، وفي العنكبوت والملك والباقون باختلاس حركة السين، ا هـ وقيل : عليه إنّ فيه نقصا وتصحيفاً أما النقص! فلأنه لا بدّ أن يكون الأصل هنا وفي العنكبوت، والملك إذ ليس في هذه السورة سيئت، وأما التصحيف فلأن الصحيح المطابق لكتب القراآت بإخلاص كسر السين فقوله باختلاس تصحيف أي تحريف ( قلت ) أما الثاني فوار وأما الأوّل فليس بشيء لأنّ المراد أنه قرئ في هذه المواضع مع قطع النظر عن خصوص لفظه فوكله إلى القارئ لظهوره ٤ واعلم أنه وقع في البحر لأبي حيان وفي المغني لابن هشام رحمه الله، وتبعه بعض المفسرين كلام مختل أفردناه بتعليقة حاصلة اًن أن زيدت في قصة لوط عليه الصلاة والسلام دون قصة إبراهيم ﷺ لأنّ الإساءة وقعت في الأولى بلا مهلة دون الثانية، ونقل مثله عن الشلوبين فرده أبو حيان رحمه الله تعالى بأنّ الزائد لا يفيد غير التوكيد، وما ذكروه لا يعرفه النحاة وفي قوله الإساءة لحن لأنّ الواقع في التنزيل ثلاثي، ورده ابن هثام بأنه ليس في الكشاف ما ذكر من الفرق لا في العنكبوت، ولا هنا وهذا كله لا وجه له وسيأتي تفصيله. قوله :( وضاق بمكانهم صدره الخ ) ذرعا تمييز وهو في الأصل مصدر ذرع البعير بيديه يذرع في سير. إذا سار ما خطوه من الذرع، ثم توسع فيه فوضع موضع الطاقة والجهد فقيل ضاق ذرعه أي طاقته، وقد وقع الذراع موقعه في قوله :
إليك إليك ضاق به ذراعا
وذلك أن اليد كما تجعل مجازاً عن القوة فالذراع الذي هو من المرفق كذلك. فقيل : إنه
كناية عن ضيق الصدر، وإليه ذهب المصنف رحمه الله وقوله بمكانهم إشارة إلى أن ضيق صدره ليس بصنع منهم، وإنما هو لمكانهم أي لأمرهم وحالهم لخوفه عليهم كما قال في العنكبوت صار شأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته فأشار هنا إلى أنه المراد هنا، وأن الذرع كما يجعل كناية عن الصدر والقلب يجعل كناية عن الطاقة. قوله :( وهو كناية عن شدّة الانقباض! ( أي الذرع عبارة عن الصدر وضيقه عبارة عما ذكر فهو كناية متفرعة على كناية أخرى مشهورة، وقيل إنه مجاز لأن الحقيقة غير مرادة هنا، والاحتيال فيه أي في المدافعة وذكره لتأويله بالدفع أو هو للمكروه وهو مجرور معطوف على المدافعة. قوله :) شديد ( لأنه لكثرة شده كاً نه عصب بعضه ببعض والتف به، ويهرعون جملة حالية والعامة على قراءته مبنيا للمفعول، والإهراع الإسراع، وقال الهروي : هرع وأهرع استحث وقرأه جماعة يهرعون بفتح الياء مبنيا للفاعل من هرع وأصله من الهرع، وهو الدم الشديد السيلان كأن بعضه يدفع بعضا فالمعنى على القراءتين يسوقون أي يسوق بعضهم بعضا أو يساقون بمعنى يسوقهم كبيرهم فتفسيره بيسرعون بيان للمراد منه عليهما، وقوله : كأنهم يدفعون على المجهول إشارة إلى أنه استعارة، وقوله لطلب الفاحشة أي لأجل إرادتها تعليل للمجيء لا للإسراع أو الدفع ولا مانع من عوده لهما. قوله :( فتمرّنوا بها