ج٥ص١٢٢
أنّ الحمل على التقييد مع أنّ الواو للنسق ممنوع وكذا جعلها للحال مع لا الناهية وأيضا القراءة بإسقاطها تدل على عدم اعتب ر ذلك التقييد فتأمل فقول المصنف رحمه الله تعالى استثناء من قوله فأسر أي على سبيل الجواز لا القطع لما سيأتي، وقوله ويدل عليه الخ فإنه متعين في هذه وهو تأسيس للاستثناء من الأبعد مع وجود الأقرب، وقوله ناقض ذلك قراءة ابن كثير وأبي عمرو هذا هو الصحيح، وما وقع في نسخة ونافع سهو فإنه لم يقرأ إلا بالنصب والمناقضة للزوم كون المرأة مسرى بها وغير مسري، وهو إشارة إلى اعتراض ابن الحاجب، وقد مز الكلام فيه وقوله لا يجوز حمل القوأءتين الخ ردّ للزمخشري كما مرّ وقوله ولا يبعد جواب عن سؤال مرّ دفعه، وغير الأفصح هو النصب في كلام غير موجب، وقوله ولا يلزم الخ أي لا يلزم من استثنائها من لا يلتفت أمرها بالالتفات، وهو رذ لقول جار الله وأمر أن لا يلتفت أحد منهم إلا هي وقد أجاب عنه في الكشف بأنه نقل للرواية لا تفسير للفظ القرآن، وإنما الكائن منه استثناؤها عن النهي وقوله استصلاحاً تعليل للنهي أي نهيها وغيرها ممن ينهي لطلب صلاحه بعدم الهلاك، وقوله : ولذلك علله إفادت للتعليل مر بيانها مرارا وذلك إشارة إلى عدم النهي لا لأمرها بالالتفات فإنه لا يصلح له وقوله علله أي علل استثناء امرأته. قوله :( ولا يحسن جعل الاستثناء منقطعاً على قراءة الرفع ) قيل إنه إشارة إلى الرذ على من دفع المنافاة بجعل الاستثناء منقطعاً بتقدير لكن امرأتك يجري لها كيت وكيت إذ لا يبقى حينئذ ارتباط لقوله إنه مصيبها ما أصابهم، وأمّا على تقدير الاتصال فيكون تعليلا له على طريقة الاستئناف، وهو سهو لما قرّرناه ولما ستراه، واعترض على المصنف رحمه الله تعالى بأنه لا مانع من جعله منقطعا على لغة تميم كما مرّ عن أبي شامة أو على غيرها كما في المغني، وأمّا قول أبي حيان في رده بأنه إذا لم يقصد إخراجها عن المنهيين عن الالتفات، وكان المعنى لكن امرأتك يجري عليها كذا وكذا كان من الاستثناء الذي لا يتوجه إليه العامل، ويجب نصبه بالإجماع، وإنما الخلاف في المنقطع الذي يمكن توجه العامل إليه فقد ردّ بأنّ ابن مالك قال في التوضيح حق المستثنى بالأمن كلام تامّ موجب مفرداً كان أو مكملا معنى بما بعده كقوله تعالى :﴿ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [ سورة الحجر، الآية : ٦٠ ] النصب ولا يعرف أكثر المتأخريت من البصحريين في هذا إلا النصب، وقد غفلوا عن ورود مرفوعاً بالابتداء ثابت الخبر محذوفه فالأوّل كقول أبي قتادة رضي الله عنه أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم قالا بمعنى لكن وما بعده مبتدأ وخبر، ومن
الثاني لا تدري نفس بأقي أرض تموت إلا الله أي لكن الله يعلم اهـ، وما نحن فيه من هذا القبيل، وقد رذ كلام أبي حيان رحمه الله تعالى أيضا بأن ما ذكره النحاة في نحو قولهم ما زاد المال إلا ما نقص، وهو مسألة أخرى. قوله :( كأنه علة الأمر بالإسراء ( هذا يناسب تفسيره بالسرى في أوّل الليل روي أنه سألهم عن وقت هلاكهم فقالوا موعده الصبح فقال أريد أسرع من ذلك فقالوا له أليس الصبح بقريب، وإليه أشار المصنف رحمه اللّه تعالى بقوله جواب لاستعجال لوط عليه الصلاة والسلام، ويحتمل أنه ذكر ليتعجل في السير. قوله :( عذابنا أو أمرنا به ) على الأوّل الأمر واحد الأمور وعلى الثاني واحد الأوامر، ونسبة المجيء إلى الأمر بالمعنيين مجازية والمراد لما حان وقوعه، ولا حاجة إلى تقدير الوقت مع دلالة لما عليه وقيل إنه يقدر على الثاني أي جاء وقت أمرنا لأن الأمر نفسه ورد قبله والمأمور به قوله :﴿ جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ﴾ وأمّا اذعاء تكرار الأمر بأن يقال افعلوا الآن فنحن في غنى عنه. قوله :) ويؤيده الأصل ( يعني يؤيد أنّ المراد بالأمر ضد النهي أنه الأصل فيه لأنه مصدر أمره، وأفا كونه بمعنى العذاب فيخرجه عن المصدرية الأصلية، وعن معناه المشهور والأصل يستعمل في كلامهم بمعنى الكثير الأغلب فلا يرد عليه أنه يقتضي أنه في المعنى الآخر ليس بحقيقة وجعل التعذيب معطوف على الأصل فإنه نفس إيقاع العذاب فلا يحسن جعله مسببآ عنه بل العكس أولى إلا أن يؤوّل المجيء بإرادته، وقوله فإنه جواب لما تعليل للسببية وقوله وكان حقه الخ كلام آخر. قوله :( فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبب ) بكسر الباء اسم فاعل أي موجد الأسباب وخالقها فالإسناد إليه