ج٥ص١٣٢
نوج عليه الصلاة والسلام أنه استعير للهلاك، وما سيأتي في سورة المؤمنين. قوله :( بالتوراة او المعجزات ) فالمراد بالآيات آيات الكتاب أو المعجزات، وقد اعترض على الوجه الأوّل بأن التوراة أنزلت بعد هلاك فرعون، وملئه كما سيصرح به في
سورة المؤمنين فكيف يستقيم أنه أرسل موسى عليه الصلاة والسلام بالتوراة إلى فرعون، وملئه بل أراد بها الآيات التسع العصا، وا أسيد البيضاء، والطوفان والجراد، والقمل والضفاح، والدم ونقص من الثمرات، والأنفس، ومنهم من أبدل النقص من الثمرات، والأنفس بأظلال الغمام، وفلق البحر، وتبعه بعض المتأخرين، والكل مأخوذ من كلام أبي حيان في تفسيره، وقيل في دفعه أنه يمكن تصحيحه أما أوّلاً فبما صرّحوا به من جواز ارجاع الضمير، وتعلق الجارّ والمجرور، ونحوه بالمطلق الذي في ضمن المقيد فقوله إلى فرعون يجوز أن يتعلق بالارسال المطلق لا المقيد بكونه بالتوراة، وأمّا ثانيا فلأن موسى عليه الصلاة والسلام كما أرسل إلى الفرعنة أرسل إلى بني إسرائيل فيجب أن يحمل ملأ فرعون على ما يشملهم فيجيء الكلام على التوزيع على معنى أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين، والى ملته بالتوراة فيكون لفا ونشراً غير مرتب ( قلت ) هذا عذر أقبح من الذنب، ومثل هذه التعسفات مما ينزه عنه ساحة التنزيل، وشمول الملا لبني إسرائيل مما لا يمكن هنا مع الإضافة إليه، وجعلهم من أهل النار، ولو جعل قوله إلى فرعون متعلقاً بسلطان مبين لفظا أو معنى على تقدير، وسلطان مرسل به إلى فرعون لم يبعد مع المناسبة بيته وبين السلطان فتأمّل. قوله :( وهو المعجزات الظاهرة ) أمّا على التفسير الأوّل فهو ظاهر، وأمّا على الثاني فالعطف لأنها صفات متغايرة، وقيل إنه تجريد نحو مررت بالرجل الكريم، والنسمة المباركة كأنه جرد من الآيات الحجة، وجعلها غيرها، وعطفها عليها أو هي هي، وكلام المصنف رحمه الله تعالى على الأوّل لقوله ويجوز أن يراد بهما واحد الخ، وقوله وافرادها أي العصا لأنها مؤنث سمافي، وأبهرها بمعنى أعجبها، وقوله ويجوز الخ. جار على الوجهين، وقوله وسلطانا له أي دليلا، وأبان اللازم بمعنى تبين، والمتعدي بمعنى بين وأظهر وقوله : والفرق بينهما أي بين الآيات والسلطان وفي نسخة بينها أي بين الآيات والسلطان، والمبين كما يدلّ عليه ما بعده، وعلى الأوّل ذكره للتتميم استطراداً ويخص بالبناء للفاعل لا مجهول كما قيل. قوله :( فاتبعوا أمره بالكفر الخ ) بالكفر متعلق بالأمر بمعناه المشهور، وقوله أو فما اتبعوا الخ يؤخذ من السياق لأنه بعد ما ذكر ارسال موسى إليهم، ولم يتعرّض له بل خص اتباع فرعون علم أنهم لم يتبعوه، ولا ينبغي تخصيص هذا بالوجه الثاني،
وهو ما إذا كان الأمر واحد الأمور، وهو الشأن والطريقة، والمسكة بالضم ما يتمسك به ويقال ماله مسكة من كذا أي قليل، وهو المراد هنا، وما ذكره بيان للواقع لا من حاق النظم. قوله :( مرشد أو ذي رشد ) يعني وصف الأمر بمعنييه بكونه رشيدا لأنه فعيل بمعنى مفعل أو للنسب، والمراد ذو رشد للملابسة بينه وبينه أو بيان لأنه مجاز لأنّ الرشيد صاحبه لا هو، وليس هذا الغاء لمعنى الأمر فإنه لا قرينة معينة له وسيأتي له تفسير آخر. قوله :( يقال قدم بمعنى ؤقدّم ) يعني كنصر ينصر يقال قدمه يقدمه إذا تقدمه، وقوله ونزل لهم النار منزل الماء الخ. يعني أنّ النار استعارة مكنية تهكمية للضد وهو الماء، واثبات الورود لها تخييل، ومورد في كلام المصنف رحمه الله تعالى مصدر ميمي بمعنى الورود لكن قوله فسمي اتيانها موردا يقتضي أن الايراد مستعاراً استعارة تبعية لسوقهم إلى النار فيكون التخييل مستعملا في معنى مجازي على حد قوله ينقضون عهد الله، والمذكور في الكشاف أنه شبه فرعون بالفارط، وهو الذي يتقدم القوم للماء ففيه استعارة مكنية، وجعل أتباعه واردة، واثبات الورود لهم تخييل، ويجوز جعل المجموع تمثيلا. قوله :( أي بئس المورد الذي وردوه الخ ) الورد يكون مصدراً بمعنى الورود، ويكون صفة بمعنى المورود أي النصيب من الماء كالذبح، ويطلق على الوارد، وعلى هذا لا بد من مضاف محذوف تقديره بئس مكان الورد المورود للزوم تصادق فاعل بئسى، ومخصوصها فالمورود هو المخصوص بالذمّ، وقيل المورود صفة الورد والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره بئس الورد المورود النار، وقيل التقدير بئس انلحوم المورود بهم هم، والورود اسم جمع بمعنى الواردين، والمورود صفة لهم، والمخصوص