ج٥ص١٤٣
أن كثيرا من النحاة اختاروا في مثله أنه مرفوع بفعل محذوف أي، وليسكن زوجك فالتقدير هنا، وليستقم من الخ لأنّ الأمر لا يرفع الظاهر فهو من عطف الجمل، والمصنف رحمه الله ذهب إلى الأوّل لعدم احتياجه إلى التقدير، وما ذكروا من المحذور مدفوع بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وهو تغليب لحكم الخطاب على الغيبة في لفظ الأمر لكن التغليب فيه محتاج إلى دقة نظر وقيل من مبتدأ محذوف الخبر أي فليستقم، ولو قيل معك خبر لم يبعد. قوله :) أي تاب من الشرك والكفر وآمن معك ( لما فسر التوبة بالتوبة عن الكفر ذكر لازمها ورديفها، وهو الإيمان ليتعلق به المصاحبة إذ المعنى حينئذ على ذكر مصاحبتهم له في الإيمان مطلقا من غير نظر إلى ما تقدمه، وغيره، وقد قيل في توجيه المعية أيضا يكفي الاشتراك،
والمعية في التوبة مع قطع النظر عن المتوب عنه، " وقد كان !ك! يستغفر الله في كل يوم أكثر من سبعين مرّة ". قوله :( ولا تخرجوا عما حدّ لكم ) أي ما بين وشرع من حدود الله فإنّ الطغيان الخروج عن الحد. قوله :( وهو في معنى التعليل للأمر والنهي ) فكأنه قيل استقيموا، ولا تطغوا لأن الله ناظر لأعمالكم مجازيكم عليها، والله ينظر إلى قلوبكم لا إلى صوركم، وقيل إنه تتميم لقوله فاستقم أي حق الاستقامة فإنه بصير لا يخفى عليه سرّكم، وعلانيتكم وما سلكه المصنف رحمه الله أحسن، وأتنم فائدة. قوله :( وفي الآية دليل على وجوب اتباع النصوص الخ ( ليس فيه إنكار للقياس، والاستحسان كما توهم فإن المصنف رحمه اللّه ليس من مذهبه إنكاره، وإنما أراد أنه لا يجوز ذلك مع وجود النصوص الصريحة التي لا احتمال فيها لغير ظاهرها لأنه أمره باتباع أوامره، وعدم تجاوزها إلى غيرها على طريق التشهي، وأعمال العقل الصرف كما نراه من بعض المؤوّلين للنصوص زاعمين أنّ لها معاني غير ما دلت عليه. قوله :( ولا تميلوا إليهم ) لأنّ الركون إذا تعذى بإلى كان بمعنى الميل، ومنه الركن المستند إليه غيره لكنه ليس مطلق الميل بل الميل اليسير وأدنى الميل مفسر بما ذكره، وقوله بركونكم الباء فيه للسببية، وهو مأخوذ من الفاء الواقعة في جواب النهي لأنها تفيد تسببه عن المنهي عنه، وقوله ما يسمى ظلما إشارة إلى أنّ العدول عن الظالمين إلى هذا لدلالة الفعل على الحدوث دون الثبوت الدال عليه الوصف باعتبار أصل وضحعه، وقوله الموسومين بالظلم أي المعروفين به، وإنما يكون ذلك بكثرته ودوامه منهم، وما ذكره من المراتب إشارة إلى ما في الاية من المبالغة، ولذا قال الحسن رضي الله عنه جمع الدين بين لاءين يشير إلى هذا كما نقل عنه جمع الزهد بين لاءين في قوله تعالى :﴿ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ [ سورة الحديد، الآية : ٢٣، ولذا قال إنها أبلغ آية في معناها. قوله :) وخطاب الرسول رسول الله ﷺ ومن معه من المؤمنين بها للتثبيت الخ ) يعني أنه أمرهم أوّلاً بالاستقامة الجامعة، ثم نهاهم عن الطغيان، وتجاوز
الحدود المأمور بها، والميل إلى من تجاوزها للتثبيت عليه، والا فقد تضمن معنى هذا النهي ما سبق من الأمر فلا يكون تكراراً فإن كان المراد بالأمر الأوّل الثبات، والدوام كما مز يكون هذا تأكيداً له، وقوله فإنه أي الزوال تكرير لأنّ السابقة للتأكيد على حد قوله فلا تحسبنهم فقوله ظلم خبر أن الأولى، ويحتمل أنه خبر الثانية، وقوله بالميل خبر الأولى، وهو أظهر، وقوله في نفسه أي بقطع النظر عن كونه على نفسه أو غيره لأنه وضع الشيء في غير محله مطلقا. قوله :( وقرئ تركنوا فتمسكم الخ ) أي بكسر حرف المضارعة على لغة تركنوا، وعلى البناء للمفعول من أركنه جعله مائلا أي لا يملكم إليهم أغراضكم الفاسدة. قوله :( من أنصار يمنعون العذاب عنكم ) فسره به لأنّ الوليّ له معان منها الناصر، وفسره الزمخشريّ بنفي القدرة على المنع، وهو أبلغ ولا يرد على المصنف رحمه الله تعالى أنه يفهم من نفي المنع عن غير الله إثباته له بخلاف نفي القدرة الذي في الكشاف لأن قوله ثم لا تنصرون يدفعه فعلى ما ذكره يكون الكلام أفيد وأحسن مقابلة، وقد أشار إليه المصنف بقوله، ثم لا ينصركم الله فخص النصرة المنفية فيه باللّه لأنّ انتفاء نصرة غيره علمت مما قبله وقوله، ولا يبقى عليكم أي لا يرحمكم من أبقى عليه إذا رحمه وعذى بعلى لما فيه من معنى الشفقة. قوله :)