ج٥ص١٥٦
الآخر فالأحاديث على ظاهرها. قوله :) وهو اسم جمع للحديث الخ ) ولا ينافي
هذا قوله في سورة المؤمنين في تفسير قوله :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾ [ سورة المؤمنون، الآية : ٤٤ ] إنه اسم جمع للحديث أو جمع أحدوثة إذا تأمّلت الفرق بينهما، وهذا مبنيّ على قول الفراء أن الأحدوثة تكون للمضحكات، والخرافات بخلاف الحديث فلا يناسب هنا، ولا في أحاديث الرسول ﷺ أن يكون جمع أحدوثة، ولذا قال ابن هثام رحمه الله الأحدوثة من الحديث ما يتحدث به ولا يستعمل إلا في الشرّ، وقال المبرد إنها ترد في الخير وأنشد قول جميل :
وكنت إذا ما جئت سعدى أزورها أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ودّ جليسها إذا ما انقضت أحدوثة لو يعيدها
ولما نقل كلام الفراء السهيليّ تعجب منه، وقال كيف لم يذكر هذا الشعر وهو مما سار
وغار فإن قلت كيف يكون اسم جمع على تسليم كلام الفراء وقد شرط النحاة في اسم الجمع أن لا يكون على وزن يختص بالجموع كمفاعيل وأفعال وهذا مما اتفق عليه قلت سيأتي عن صاحب الكشف أنّ الزمخشريّ كفيره يطلق اسم الجمع على الجمع المخالف للقياس كليال، وأهال فلا يخالف كلام الكشاف هنا قوله في المفصل قد يجيء الجمع مبنيا على غير واحده كأباطيل، وأحاديث كما قيل، وقيل إنهم جمعوا حديثا على أحدوثة ثم جمعوا الجمع على أحاديث كقطيع، وأقطعة وأقاطيع. قوله :( بالنبوّة الخ ) هذا ناظر إلى الوجه الثاني في جمع اجتبائه لعظائم الأمور لئلا يتكرر وعلى تفسير تمام النعمة بإيصال نعم الآخرة ظاهر والتأويل من الأول، وهو الرجوع إلى الأصل، والردّ إلى الغاية المرادة منه قولاً أو فعلا إما بتفسيره أو بوقوعه فمن الأوّل قوله :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ ﴾ ومن الثاني يوم يأتي تأويله، وقوله : وللنوى قبل يوم البين تأويل
كذا حققه الراغب. قوله :( ولعله استدلّ على نبوّتهم بضوء الكواكب ) يعني بمقتضى تعبير الرؤيا، وما عنده من علمها، وهذا بناء على تفسيره الإتمام بالنبوّة، وليس هذا استدلالاً عقليا حتى يقال تمثيلهم بالكواكب إنما يدل على كونهم هادين للناس، وقوله أو نسله بالنصب عطف على سائر أي ذزيته، وهو شامل لأولاد أولاده، وقوله بالرسالة إشارة إلى أنّ الأبوين بمعنى الأب، والجد أو الجد وحده، وكون الذبيح إسحق عليه الصلاة والسلام على رواية، والمشهور أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام. قوله :( عليم بمن يستحق ( قيل إنّ هذا مبنيّ على مذهب
الحكماء من أنّ النبوّة، والرسالة من الأمور المكتسبة بالتصفية والتكميل، وليس مذهب أهل السنة، ولا وجه لما قاله فإنه ظاهر في خلافه، وسيأتي ما في قوله الأجسام متماثلة في سورة الإسراء، وقد مرّ الكلام عليه في سورة الأنعام في تفسير قوله :﴿ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٢٤ ]. قوله :( دلائل قدرة اللّه تعالى وحكمته الخ ) أي المراد ما وقع في تلك القصة أو أن في ذلك علامات على نبوّة النبيّ رسول الله ﷺ وقوله لمن سأل عن قصتهم الخ أي وعرفها متعلق بالوجهين ويجوز أن يجعلا وجها واحدا كما قال أبو حيان رحمه الله تعالى : الذي يظهر أنّ الآيات هي الدلالات على صدق الرسول ﷺ، وما أظهره الله تعالى في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام من عواقب البغي، وصدق رؤياه، وتأويله وضبط نفسه، وقهرها، وقيامه بالأمانة، وحدوث السرور بعد اليأس وبه يظهر معنى الجمع، وعلى الوجه الثاني الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى يكون وجهه إخباره بما طابق الكتب من غير سماع، ولا قراءة كتب مع ما فيما قصه من الإعجاز لفظاً، ومعنى، وقيل جمع لاشتماله السور على قصص أخر. قوله :( والمراد بإخوته علانه العشرة الخ ) قيل عليه فيه أن العلات هم الأخوة لأب كما أنّ الأعيان الأخوة لأب وأمّ، والأخياف لام والعلات على ما عده أحد عشر، وقد وقع في بعض النسخ الإحدى عشرة لكن المشهور أنهم عشرة، وليس فيهم من اسمه دينة، وقيل كانت دينة أخت يوسف عليه الصلاة والسلام، وقوله هم عبارة عن مطلق علاته لا مقيدة بكونهم عشرة، والعلات يتناول الإناث أيضا، ولا محصل له فدفعه أنّ الأخوة جمع أخ فهو مخصوص بالذكور فلا يضر ذكر أخته