ج٥ص١٦٠
أنه بيان للمعنى لا تقدير إعراب فاعرفه. قوله تعالى :( ﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ﴾ ) وقع هذا من يعقوب عليه الصلاة والسلام تلقينا للجواب
من غير قصد، وهو على أسلوب قوله تعالى :﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [ سورة الانفطار، الآية : ٦ ] والبلاء موكل بالمنطق، وروى الدارمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لا تلقنوا الناس فيكذبوا فإنّ بني يعقوب عليهم الصلاة والسلام لم يعلموا أنّ الذئب يأكل الناس فلما لقنهم إني أخاف أن يأكله الذئب قالوا أكله الذئب كذا في الجامع الكبير، ومذأبة بفتح الميم أي كثيرة الذئاب، ومفعلة يصاغ لهذا المعنى كثيراً كمقثأة وقوله، وقيل رأى في المنام الخ. يحذره من الحذر أو التحذير، وإنما حذره لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لمناسبتهم التامّة بعالم الملكوت تكون وقائعهم بعينها واقعة، والا فالذئب في النوم يؤوّل بالعدوّ، وشد بمعنى وثب، وحمل والذئب عينه همزة فمن قرأ بها أتى به على أصله، ومن أبدلها ياء لسكونها وانكسار ما قبلها أتى به على القياس، ومن خصه بالوقف فلأن التقاء الساكنين في الوقف جائز لكن إذا كان الأوّل حرف مذ يكون أحسن، وقوله من تذاءبت بالمذ من باب التفاعل كما في الأساس، والذي نقله أهل اللغة عن الأصمعيّ عكس ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبعا للزمخشري لأنهم جعلوا تذاءبت الريح مأخوذ من الذئب لأنها أتت كما يأتي، وهو أنسب، ولذا عده من المجاز في الأساب لكنه عدل عنه لأن أخذ الفعلى من الأسماء الجامدة كإبل قليل مخالف للقياس، وقوله لاشتغالكم هذا ما عند الأخوة والثاني ما في نفس يعقوب منهم. قوله :( اللام موطئة للقسم ) تقدم تفسيرها، وهل يشترط أن تدخل على شرط مسبوق يقسم لفظا أو تقديراً لتوطئ الجواب المذكور بعدها، وتؤذن به، ولهذا تسمى مؤذنة أم لا، وقوله وجوابه بالجز معطوف على القسم، وهو المقصود بالذكر أي لتوطى الجواب للقسم. قوله :) ضعفاء منبونون الخ ) خاسرون هنا إمّا من الخسار بمعنى الهلاك أو من خسران التجارة، وكلاهما غير مراد فهو إمّا مجاز عن الضعف، والعجز لأنه يشبهه أو سببه كما في قوله تعالى :﴿ وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴾ أي عاجزون أو المراد به استحقاقهم له أو أن يدعي عليهم به، وأشار إلى أنه يجوز أخذ ذلك من عدم الربح في التجارة بقوله مغبونون، والوجوه في الكشاف أربعة هما لكون ضعفاً وعجزا أو مستحقون للهلاك لعدم غنائهم أو مستحقون لأن يدعي عليهم بالخسار، والدمار فيقال خسرهم الله، ودمّرهم إذ أكل الذئب أخاهم، وهم معه أو أنهم إذا لم يقدروا على حفظ بعضهم هلكت مواشيهم وخسروا، والمقصود إدراجها في وجهين كما يعرف بالتأقل الصادق، ولما ذكر يعقوب عليه الصلاة والسلام لهم في وجه عدم مفارقته أمرين حزنه لمفارقته، وخوفه عليه من ذئب أجابوا عن الثاني دون الأوّل لكراهتهم له لأنه سبب حسدهم له فلذا أعاروه أذنا صماء أو لترك ذكر ما يحزنه، وكأنه غير واقع لسرعة عودهم أو أنه إنما حزن
لذهابه للخوف عليه فنفي الثاني يدلّ على نفي الأوّل. قوله :) وعزموا على إلقائه فيها الخ ) إشارة إلى أن أصل معنى الإجماع العزم المصمم، وأنه على حذف الجارّ من متعلقه، والأردنّ بضم الهمزة، وسكون الراء وضم الدال المهملة، وتشديد النون، وقوله في القاموس، وتشديد الدال من طغيان القلم ( أقول ) هكذا في النسخ كما ذكره الفاضل المحشي، وفي نسخة الشريف المعتمد عليها بديارنا بتشديد النون، ولا أدري هو إصلاج منه أو من المصنف رحمه الله تعالى، ومدين تقدّم بيانها، والقول الأخير هو الراجح، ولا وجه لما قيل إنّ الخلاف لفظيّ لإمكان التوفيق بينها. قوله :( وجواب لما محذوف الخ ) وهو ما ذكره، ومنهم من قدره عظمت فتنتهم، ومنهم من قدره وضعوه فيها، وقيل الجواب أوحينا، والواو زاثدة، وقوله ليلطخوه أي بدم سخلة ذبحوها، وقوله أتواري به أي استتر وقولهم اح الأحد عشر تهكم به. قوله :( وأوحينا إليه ) أي أعلمناه بإرسال ملك، والموحى إليه ما ذكر بعده لا الإيحاء المعروف بإبلاغ الشرائع حتى يتكلف له بأنه أعلمه بالتبليغ بعد زمان تأنيسا، وتسلية له، ونزول الوحي من أوائل النبوّة، ولما كان أكثر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نبئوا في سن الأربعين أشار إلى جوابه بأنه الأغلب، وقيل إنه بمعنى الإلهام وقيل الإلقاء في مبشرات المنام وقوله وفي القصص أي كتب قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام