ج٥ص١٦٢
أي أصل الكدب بالدال المهملة، ومصدره الكدب بالفتح، وهو البياض في أظفار الأحداث فشبه به الدم في القميص لمخالفة لونه لون ما هو فيه فهو استعارة أو تشبيه بليغ. قوله :( وعلى قميصه في موضعالنصب على الظرف أي فوق قميصه ) قيل عليه الأصح جعله ظرفا للمجيء يعني أنه العامل فيه فيقتضي أنّ الفوقية ظرف للجائين ورد بأنّ الظرفية ليست باعتبار الفاعل بل باعتبار المفعول كقوله جاء على جماله بأحمال فالظرفية كما تصح باعتبار المفعول الصريح كرميت الصيد في الحرم تكون باعتبار المتعلق أيضا، وهو مما استفدناه من هذا المقام، وقيل إنه أراد أنّ على على حقيقته، وهو ظرف لغو وفي بعض الحواشي الأولى أن يقال إنه حال من جاؤوا بتضمينه معنى الاستيلاء أي جاؤوا مستولين على قميصه، وقوله بدم حال من القميص لكن الظاهر استولوا على القميص ملتبسا بدم جائين، وهذا أولى من جاؤوا مستولين لما مرّ في التضمين، والأمر فيه سهل فإن جعل المضمن أصلاً، والمذكور حالاً كل منهما جائز وإذا اقتضى المقام أحدهما رجح، والأظهر أنه ظرف للمجيء المتعدي،
ومعناه أتوا به فوق قميصه، ولا يخفى استقامته. قوله :( أو على الحال من الدم إن جؤز تقديمها على المجرور ) قال السفاقسيّ وهو الحق لكثرته في لسانهم، وقال في الكشف أنّ الخلاف في غير الظرف قال في اللباب ولا تتقدم على صاحبها المجرور على الأصح نحو مررت جالسة بهند إلا أن يكون الحال ظرفا على أنّ الحق ما اختاره ابن مالك من جوازها مطلقا. قوله :( وقال ما رأيت كاليوم ذئباً الخ ) هذا مثل قول العرب ما رأيت كاليوم رجلا قال المبرد في المقتضب : المعنى ما رأيت مثل رجل أراه اليوم رجلاً أي ما رأيت مثله في الرجال ولكنه حذف لكثرة استعمالهم له، وانّ فيه دليلاً عليه انتهى فتقديره على هذا ما رأيت كذئب أراه اليوم ذئبا أي ما رأيت مثله في الذئاب ففيه حذف لما بعد الكاف، ولعامل الظرف، وهو أراه وذئبا تمييز كما أنّ رجلا في ذلك التركيب تمييز كما صرّحوا به، وأحلم صفته والمقصود منه التعجب منه إذ أكله، ولم يمزق ثيابه هذا ما صرّج به أهل العربية، وقيل أصله ما رأيت ذئبأ كالذئب الذي رأيته اليوم أي مثل الذئب فقدم الكاف على المضاف إليه فصار كذئب اليوم فحذف المضاف إليه، وهو ذئب، وقدم كاليوم على ذئباً فصار حالاً وأحلم صفة ذئبا، وقوله من هذا إشارة إلى ما في الذهن من الذئب الذي أكل يوسف، وقوله أكل بيان لقوله ما رأيت، ولا يخفى ما فيه. قوله :( ولذلك ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ ﴾ الخ ( يعني لما جعلوا الدم علامة لصدقهم وسلامة القميص دالة على كذبهم علم يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه ليس الأمر كما قالوا مع وثوقه بالرؤيا الدالة على بلوغه مرتبة علية، وإنما حزن لما خشي عليه من المكروه، والشدائد غير الموت، والتسويل تزيين النفس للمرء ما يحرص عليه، وتصوير القبيح بصورة الحسن، وأصل اشتقاقه من السول بفتحتين، وهو استرخاء في العصب، ونحوه فكأن المسؤول بذله فيما حرص عليه، وأرخاه له بتزيينه. قوله :) فأمري صبر جميل الخ ( يعني أنه خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر، وهذا الخبر، أو المبتدأ مع المصدر الذي هو بدل قيل حذفه واجب، وقيل إنه جائز. قوله :) وفي الحديث الخ ) هو حديث مرسل أخرجه ابن جرير وقيده بقوله إلى الخلق لقوله بعده ﴿ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ ﴾ ولذا لما سئل عليه الصلاة والسلام
عن سبب سقوط حاجبيه على عينيه فقال :" طول الزمان وكثرة الأحزان " أوحى الله إليه أتشكو إلى غيري فقال خطيئة فاغفر لي. قوله :( على احتمال ما تصفونه الخ ) أي يحمل ذلك بالصبر عليه حتى يسلو ويظهر خلافه، وقوله وهذه الجريمة أي الذنب العظيم جواب عن أنهم أنبياء عليهم الصلاة والسلام فكيف صدر هذا منهم، وقوله إن صح إشارة إلى أنّ فيه اختلافاً. قوله :( قريباً من الجب ( قال في القاموس، والجب بالضم البئر أو الكثيرة الماء البعيدة القعر أو الجيدة الموضع من الكلأ أو التي لم تطو أو مما وجد لا مما حفره الناس وجب يوسف على اثني عشر ميلا من طبرية أو بين سنجل ونابلس، وقوله بعد ثلاث أي ثلاث ليال مضت من زمان إلقائه. قوله :( الذي يرد الماء ويستقي ) عطف تفسير له، وإدلاء الدلو إرسالها لإخراج الماء يقال أدلاها إذا أرسلها