ج٥ص١٦٥
( في ضياعنا ) بكسر الضاد جمع ضيعة، وهي القرية، ونستظهر بمعنى نستعين به، وقوله نتبناه تفعل من البنوّة أي نجعله بمنزلة الولد لأنه كان عقيمأ، وقوله لما تفرس علة لما فهم منه أي تبناه لما تفرس أي فهمه منه بالفراسة، والأمور الثلاثة معروفة، وقوله :" أفرس الناس ثلافة الخ " أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة، والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه، ثم إنّ الفراسة على ما سيأتي في الحجر علم ما هو مغيب، ولو كان بأمارات بل هو الغالب فيه، والحذق والفراسة هو الانتقال منه إلى ذلك وإنما كان هؤلاء أفرس لأنّ ما تفرسوه وقع على أتم الوجوه والذي تفرسه العزيز منه أن يكون له شأن ونفع عظيم، وكذلك ابنة شعيب عليه الصلاة والسلام، والذي تفرّسه في عمر رضي الله عنه ما يكون في أيام خلافته من الصلاح، والسداد فما قاله القرطبيّ وغير. من أنه جرّبه في الأعمال، ومواظبة الصحبة وابنة شعيب عليه الصلاة والسلام كانت معها علامات ظاهرة، والعزيز عرفه لما أعلمه بنسبة ليس بشيء لأنه لا ينافي الفراسة لما يقع في المستقبل مما لا يعلمه إلا الله. قوله :( وكما مكنا محبته ني تلب العزيز الخ ( أي أثبتناها فيه يعني أنّ المشبه به ما علم مما قبله، وهو إمّا تمكين محبته في قلبه أو تمكينه في منزله، ومثواه وأنجاؤه، وعطف قلب مالكه عليه والمشبه تمكينه في الأرض يتصرّف فيها على ما أراده الله تعالى له، وقوله وعطفنا يجوز تشديده، وتخفيفه، ولا وجه لما قيل هنا من أنّ المصنف رحمه الله تعالى، والزمخشريّ جعلا قوله، ويعلمك من تأويل الأحاديث كلاما مبتدأ لكونه غير معنون بعنوات الاجتباء، وهذا التفسير منهما مناف لما أسلفتاه فإنهما لم يجعلا قوله، ولنعلمه داخلاً في حيز التشبيه بل علة للمشبه فلو قلت زيد كالأسد لأنه أغار على قبيلة كذا لا يرد أنه لا دخل للإغارة في التشبيه، وهذا منه غريب، والاشتغال بدفعه أغرب منه مع أن ما سبق ليس بمسلم. قوله :( أي كان القصد في إنجائه وتمكينه إلى أن يقيم العدل الخ ) إلى متعلق بالقصد، واقامة العدل، والتدبير
مأخوذ من المعطوف عليه المقدر، وقد طوى في كلامه الإشارة إلى الوجوه الثلاثة السابقة في قوله كذلك لكنه لم يأت بها على الترتيب فإنجاؤه إشارة إلى الثالث، وتمكينه إلى الأوّلين لاً نه شامل لتمكينه بالمحبة في قلبه، ولتمكينه في منزله، ومن لم يتنبه لهذا قال إنه يشير إلى اختياره للوجه الثالث منها، وقوله كما فعل بسنيه بكسر السين، والنون، وتشديد الياء جمع سنة بمعنى القحط أو بمعنى العام، والإضافة إليه لأدنى ملابسة وقوله أحكامه أي أحكام الله، وتعبير معطوف على معاني وفي نسخة يعبر فهو معطوف على يعلم. قوله :( لا يردّه شيء ولا ينارّعه فيما يشاء الخ ) يعني ضمير أمره إمّا لله فالمعنى أنه لا يمنع عما يشاء، ولا ينازع فيما يريد أو ليوسف عليه الصلاة والسلام، والمعنى أنه يدبره ولا يكله إلى غيره فلا ينفذ فيه كيد إخوته، ولا كيد امرأة العزيز، ولا غيرهم كما قص في قصته، وقوله أراد به إخوة يوسف الخ. أتى به على طريقة التمثيل، ولذا أظهر في محل الإضمار. قوله :( إنّ الآمر كله بيده الخ ) هذا ناظر إلى التفسير الأوّل في أمره، والعموم مأخوذ من إضافة المصدر لأنّ المصدر المضاف من طرق العموم، وقوله أو لطائف صنعه ناظر إلى الثاني، واقتصر الزمخشري بعد ذكر الوجهين على قوله، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنّ الأمر كله بيد الله لشموله لتدبير أمر يوسف عليه الصلاة والسلام، وغيره فلا يرد عليه أنه لا يظهر تعلق الاستدراك بهذا المعنى بقوله :﴿ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ كما توهم. قوله :( منتهى اشتداد جسمه وقؤته وهو سن الوقوف ) يعني الوقوف عن النموّ لأنّ الإنسان ينمو جسمه في ابتداء أمره إلى تمام الشباب، وبعده يقف عن النمو، والانحطاط إلى زمان الشيخوخة، وسن الانحطاط والهرم، والأشد بفتح الهمزة، وقد تضم فيه قولان فقيل هو سن الوقوف وقيل سن النموّ، واختلف فيه على أقوال هل هو مفرد على بناء ندر في المفردات أو جمع لا واحد له أو له واحد، وهو شدة كنعمة، وأنعم أو شد كضل، وأضل أو شد بالفتح ككلب، وأكلب، وهذا المفرد تقديريّ أيضاً لأنه لم يستعمل بهذا المعنى، وكما أنّ سن الوقوف يقف فيه البدن تقف فيه القوى، والشمائل والأخلاق، ولذا قيل :


الصفحة التالية
Icon