ج٥ص١٧٣
في الأصل كناية أو مجازاً، وهذا منقول عن قتادة والسديّ. قوله :( وعن النبئ ﷺ الخ ) أخرجه ابن جرير، والحاكم، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وقوله والهاء ضمير للمصدر فكأنه قيل أكبرن إكباراً، والحامل عليه أنه غير متعد أو هو ليوسف عليه الصلاة والسلام على إسقاط حرف الجرّ أي حضن لأجله، وترك القول بأنها هاء سكت لأنه ردّ بأنها لا تحرّك، ولا تثبت في الوصل، واجراء الوصل مجرى الوقف، وتحريكها تشبيهاً لها بالضمير كما في قوله :
وأحرّ قلباه ممن قلبه شبم
على تسليم صحتة ضعيف في العربية، ونزع الخافض، والتأكيد بضمير المصدر أقرب، والقول بأن الأوّل يختص بالصفات، والظروف، والصلات، والثاني لا يصح ممنوع. قوله :( كما تال المتنبي ) هو من قصيدة مدح بها الحسين بن إسحق التنوخي أوّلها :
هو البين حتى ما تأنى الحزائق ويا قلب حتى أنت ممن أفارق
ومنها :
خف الله واسترذا الجمال ببرقع فإن لحت حاضت في الخدور العواتق
قال الواحدي روي ذابت أي من شوقها إليك، وروي حاضت لأنّ المرأة إذا اشتدت
شهوتها حاضت والعواتق جمع عاتق، وهي المرأة الشابة، وذا الجمال بنصب الجمال نعت ذا اسم الإشارة، وجوّز فيه أن يكون ذا بمعنى صاحب، والجمال مجرور بالإضافة، والمراد بذي الجمال الوجه، والأوّل أولى رواية، ودراية والخدور جمع خدر بالكسر، وهو ستر يمد في جانب البيت للنساء، وقوله جرحنها يعني أنّ القطع ليس بمعنى الإبانة كما قيل لأنه خلاف الظاهر، وهذا معنى حقيقيّ له أيضا، وقال صاحب الكشف الأصح أنه مجاز. قوله :( تنزيهاً له من صفات العجز الخ ) تعليل لقولهن هذا لا تفسير له، وسيأتي تفسيره، وفي شرح التسهيل الاستعمال على أنهم إذا أرادوا تبرئة أحد من سوء ابتدؤوا بتنزيه الله سبحانه، وتعالى من السوء ثم يبرؤون من أرادوا تبرئته على معنى أنّ الله منزه عن أن لا يطهره مما يضيمه فيكون آكد وأبلغ كما في هذه الآية وقوله في الدرج فيه مخالفة للكشاف، واشارة إلى أنّ في كلامه قصوراً. قوله :( وهو حرف يفيد معنى التنقله ) وفي نسخة التبرئة، المعنى فيهما واحد يعني أنه حرف وضع للاستثناء، والتبرئة معا ثم بعد ذلك اقتصر فيه على معنى التبرئة فاستعمل له في غير الاستثناء كما هنا، وقال النحاة إنه أداة متردّدة بين الحرفية، والفعلية فإن جرّت فهي حرف وان نصبت فهي فعل، وهي من أدوات الاستثناء، ولم ير سيبويه رحمه الله تعالى فعليتها، وذكر الزمخشريّ رحمه الله تعالى أنها تفيد في الاستثناء التنزيه أيضا، وأنها حرف جرّ وضع موضع التنزيه ورده أبو حيان رحمه الله بأنّ إفادتها التنزيه في الاستثناء غير معروف، ولا فرق بين قولك قام القوم إلا زيداً وحاشا زيداً، وعدم ذكر النحاة له لا يدل على ما ذكره لأنه وظيفة اللغويين لا وظيفتهم وقال المبرد يتعين فعليتها إذا وقع بعدها حرف جرّ كما هنا ففاعله ضمير يوسف عليه الصلاة والسلام بدليل مجيء المضارع منها في قوله :
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
قوله :( فوضع موضع التنزيه ) أي جرد له ووضع موضعه فيما لا يكون فيه استثناء فجعل
اسما بمعنى التنزيه بعد أن كان حرف استثناء، ولم ينوّن مراعاة لأصله المنقول عنه، وهو يقتضي أنه نقل من الحرفية إلى الاسمية، واعترض عليه بأنّ الحرف لا يكون اسماً إلا إذ! نقل، وسمي به، وجعل علما، وحينئذ يجوز فيه الحكاية، والإعراب، ولذا جعله ابن الحاجب رحمه الله تعالى اسم فعل، وكون المعنى على المصدرية لا يرد عليه لأنه قيل إن أسماء الأفعال موضوعة لمعاني المصادر، وهو منقول عن الزجاج رحمه الله تعالى، وقوله واللام للبيان فهي متعلقة بمحذوف، ومن جعلها مصدراً أو فعلاً جعلها متعلقة به. قوله :( وقرئ حاشا اللّه بغير لام الخ ) قرأ بها أبيّ وعبد اللّه على الإضافة كسبحان اللّه لنقله إلى الاسمية، وقال الفارسي إنها
حرف جرّ مراد به الاستئناء ورد بإفه لم يتقدّمه- ما يستثنى منه، والتنوين لنقله إلى الاسمية، وفيه ما مرّ. قوله :( وقيل حاشى فاعل ) بفتح العين أي فعل كقاتل من المحاشاة، وهو مذهب المبرد، ومعناه صار في ناحية الله، والمرأد بعده عما اتهم؟ مه روتبزيهه عنه لما رؤي فيه من آثار العصمة، وأبهة النبوّة عليه الصلاة+ والسلام. قوله :( لأن هذا الجمال