ج٥ص١٧٩
بمانساء الشرابيّ ذكر ربه. قوله :( رحم الله أخي يوسف الخ ) ( ١ ) هذا الحديث أخرجه المنذري، وابن أبي حاتم،
وابن مردويه بلفظ ما لبث في السجن طول ما لبث، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى يدلّ على أن لبثه في السجن اثنتا عشرة سنة، وقوله تعالى فلبث في السجن بضع سنين حينئذ لا ينافيه لأنه يكون بيانا للبثه بعد قوله للشرابيّ لا للمدة كلها لكن الذي صححوه أنّ مدة لبثه كلها سبع سنين، ولبثه بعد القول سنتان وعلى هذه الرواية قوله في قوله ليسجننه أنه مكث سبع سنين فلا منافاة بينهما كما قيل.
قوله :( والاستعانة بالعباد في كشف الشدائد الخ ( إشارة إلى أنه كيف أنكر على يوسف الاستعانة بغير الله مع قوله تعالى :﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [ سررة المائدة، الآية : ٢ ] وغيره مما وقع في الأحاديث، والآيات فأشار إلى أنه أمر محمود أيضا، ولكن اللائق بخصوص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تركه. قوله :( لما دنا فرجه الخ ) يعني أنّ رؤيا الملك الأعظم وهو الريان لهذه الرؤيا جعلها الله سببا لتخليصه وعلوّ منزلته الذي قدره له في علمه الأزلي، والسمان جمع سمينة، وهي الممتلئة لحما وشحماً وضدها العجاف جمع عجفاء بمعنى مهزولة، وقوله قد انعقد حبها لأن الخضرة قد تكون قبل الانعقاد، وهو غير مناسب للمقام. قوله :) وسبعاً أخر يابسات ) تصريح بكونها سبعأ كالخضر فيكون العدد محذوفا لقيام القرينة عليه قال في الكشاف فإن قلت هل في الآية دليل على أنّ السنبلات اليابسة كانت سبعاً كالخضر قلت الكلام مبنيّ على انصبابه إلى هذا العدد في البفرات السمان والعجاف، والسنابل الخضر فوجب أن يتناول معنى الآخر السبع، ويكون قوله، وأخر يابسات بمعنى وسبعا أخر فإن قلت هل يجوز أن يعطف قوله، وأخر يابسات على سنبلات خضر فيكون مجرور المحل قلت يؤذي إلى تدافع، وهو أنّ عطفها على سنبلات خضر يقتضي أن تدخل في حكمها فتكون معها مميزاً للسبع المذكورة، ولفظ الآخر يقتضي أن تكون غير السبع بيانه أنك تقول عندي سبعة رجال قيام، وقعود بالجرّ فيصح لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بالقيام، والقعود على أنّ بعضهم قيام، وبعضهم قعود فلو قلت عنده سبعة رجال قيام وآخرين قعود تدافع ففسد، وهو كلام حسن، وتوضيحه أمّا الأوّل فلأنه يلزم من وصف التمييز وصف المميز، ولا يلزم من وصف
المميز وصف التمييز فإذا قلت عندي أربعة رجال حسان بالجرّ معناه أربعة من الرجال الحسان فيلزم حسن الأربعة لأنهم بعض الرجال الحسان فإن رفعت حسان فمعناه أربعة من الرجال حسان فليس فيه وصف الرجال بالحسن، والثاني معناه أنّ أسماء العدد لا تضاف إلى الصفات إلا في الضرورة، وإنما يجاء بها تابعة لأسماء العدد وورد عليه أصحاب، وفرسان فأجاب عنه بأنهما جريا مجرى الجوامد، والثالث أنه إنما امتنع ضخام ونحوه لأنه لا يعلم موصوفه بخلاف ما في الآية الكريمة، ولذا لم يصرّح به والرابع أنه وصف سبع بعجاف ولم يضف إليه لأن العدد لا يضاف للصفة كما تقدم. قوله :( قد أدركت ) أي نضجت، وقوله فالتوت أي التفت عليها حتى علين عليها أي عصرنها حتى أذهبنها ولم يبق منها شيء كما أكلت السمان العجاف، واليه أشار بقوله، وإنما استغنى عن بيان حالها أي من عددها، واذهابها للخضر لأنه يعلم من البقرات، وحالها لأنها نظيرتها. قوله :( وأجرى السمان على المميز الخ ) المميز الأوّل بلفظ اسم الفاعل، والثاني بوزن اسم المفعول، وحاصله أنه جعل الوصف للتمييز دون العدد المميز فلم يقل سمانا بالنصب لأنّ وصف تمييزه وصف له معنى لكن الفارق المرجح لما في النظم مع تساويهما في المعنى أنه إذا وصف التمييز به كان التمييز بالنوع، وأذا وصف المميز به كان التمييز بالجنس ولا شك أنّ الأوّل أولى، وأبلغ لاشتمال النوع على الجنس فهو أزيد في رفع الإبهام المقصود من التمييز وقوله لأنّ التمييز بها أي لأنّ كمال التمييز حاصل بها. قوله :( ووصف السبع الثاني بالعجاف لتعذر التمييز بها مجرّدا عن الموصوف فإنه لبيان الجنس ) يعني لم يقل سبع عجاف بالإضافة، وجعله صفة للتمييز المقدر على قياس ما قبله لأنّ التمييز لبيان الجنس، والحقيقة والوصف لا يدل عليه بلى على شيء ماله حال وصفة فلذا ذكروا أنّ التمييز يكون باسم الجنس الجامد، ولا يكون بالوصف المشتق في فصيح الكلام فتقول عندي ثلاثة قرشيون، ولا تقول قرشيين بالإضافة، واعترض! عليه بأنّ الأصل في العدد