ج٥ص١٩١
زيد إلا ضحك، وما يقوم إلا بكى تقديره عند سيبويه رحمه اللّه ما يقوم على حال إلا الضحك، وعند المبرد ما يقوم إلا ضاحكا والمعنى عليهما واحد، ومثال الثاني نشدتك الله إلا فعلت، وأقسمت عليك إلا فعلت أي ما أطلب إلا فعلك، وما أسألك إلا فعلك لأن نشد بمعنى سأل وطلب، ومثله في تأويله بالنفي لتأتنني به إلا أن يحاط بكم أي لا تمتنعن من الإتيان به لعلة من العلل إلا لعلة الإحاطة أو في كل زمان إلا زمان الإحاطة فهو استثناء من عام إمّ عام في العلل أو الأزمان أو الأحوال، والاستثناء الذي هو كذلك لا يكون إلا في النفي لفظاً أو حكما، وقال ابن يعيش إنما جاز وتوع فعلت في قولك أنشدك الله إلا فعلت من حيث كان دالاً على مصدره كأنهم قالوا ما أسألك إلا فعلك، ونظيره قوله :
وقالوا ما تشاء فقلت ألهو
إذ أوقع الفعل موقع المصدر لدلالته عليه، وعلل الأخفش وقوع الفعل بعدا لا بأنه كلام
في معنى الشرط فأشبه الشرط فلذا وقع بعده الفعل ألا ترى أنّ معنى لا يصيبهم ظمأ إلا كتب لهم إن أصابهم ذلك كتب لهم. قوله :( رقيب مطلع ) فسره به لأنّ الموكل بالأمر يراقبه، ويحفظ، والمراد مجاز عليه، وقوله لأنهم الخ تعليل للنهي وبيان لحكمته، والأبهة بضم الهمزة، وتشديد الباء المفتوحة بمعنى المهابة، والرواء ولا يناسب تفسيرها بالكبر هنا، وإنما ضم اشتهارهم لذلك توطئة لما سيأتي من تخصيص التوصية بالمرّة الثانية، وكوكبة بمعنى جماعة أي مجتمعين، ويعانوا مجهول من عانه إذا أصابه بالعين كركبه إذا أصاب ركبته. قوله :( ولعله لم يوصهم في الكرّة الأولى لأنهم كانوا مجهولين الخ ) قيل عليه إن تعبيره بلعل يقتضي أنه من بنات أفكاره مع أنه مسبوق بالوجه الأوّل، وكونه بالنظر إلى الوجه الثاني بعيد، ومن تتبع كلامه وجده يعبر بلعل كثيرا فيما سبق إليه، وإنما يعبر به فيما يكون تأويلا غير منقول عن السلف تأدبا لئلا يجزم بأنه مراد اللّه. قوله :( وللنفس آثار منها العين الخ ا لو استدل بقوله ﷺ :" العين حق " فإنه حديث متفق عليه لكان أولى، وفيه أيضاً العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا وأخذ الجمهور بظاهره، وأنكره بعض المبتدعة وزعم بعض أهل الطبائع أنه تنبعث من عينه قوّة سمية تؤثر فيما نظره، وهل هو مجرّد تلك القوّة حتى يرد بأنّ العرض! لا يؤثر أو بأجزاء سمية لطيفة تنفصل من عينه لكنها لا ترى أو بخلق الله تعالى ذلك عند نظره من غير انفصال، واختلف هل يجب على العائن أن يغتسل بماء، ثم يعطي الماء للمعيون ليغتسل به كما فصله في نهاية الحديث فقال المأزري يجب، ويجير عليه لظاهر الحديث، ولأنه جرّب وعلم أنّ البرأ به ففيه تخليص من الهلاك كإطعام المضطر، وفي شرح مسلم عن القاضي أنه ينبغي للإمام منعه من مخالطة الناس، ولزوم بيته فإن كان فقيراً رزقه من بيت المال ما يكفيه، وله تفصيل في كتاب الروح، وقوله منها العين الخ العين هنا بالمعنى المصدري، وهو مصدر عانه يعينه عيناً إذا أصابه بنظره، وقال الإمام تأثير النفس مبنيّ على قواعد الفلسفة فإنهم قالوا ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه الكيفيات
المحسوسة من الحرارة، والرطوبة، وضدهما بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا ألا ترى الإنسان يمشي على خشبة غير عريضة فإذا ارتفعت لا يقدر على ذلك، وأنه إذا غضب أو خاف سخن بدنه فإذا جاز أن يتأثر بدنه لم يبعد تعدي أثره للغير، وقال الجاحظ : إنّ العين بانفصال أجزاء سمية من عينه تتصل بما استحسنه لأنه يطلب إزالة ما يستحسن به كما قاله البلخي : قيل وهو منظور فيه، والحق عند أهل السنة أنه لا تأثير للعين حقيقة بل المؤثر إنما هو الله عند رؤية ذلك المستحسن، ولا مانع من كون فعل الله مبنياً على أسباب خلقها في العين فقوله إنّ المصنف رحمه اللّه تعالى تبع الفلاسفة غير مسلم. قوله :) في عوذته الخ ) العوذة بضم العين، وبالذال المعجمة كالرقية لفظاً، ومعنى وهذا الحديث رواه البخاري وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن النبي رسول الله ﷺ كان يعوّذ الحسن والحسين فيقول :" أعيذكما بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لائة، ويقول إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل، واسحق عليهم الصلاة والسلام " قال ابن الأثير : الهافة واحدة الهوامّ وهي الحيات، وكل ذي سمّ يقتل، وما لا يقتل، وشممّ هو السوامّ جمع سامة كالزنبور، وتطلق الهوامّ على كل