ج٥ص١٩٩
معرفة، ونكرة، ولا مخالفة بين كلامه، وكلام الرضي مع أنّ كلام الرضي غير متفق عليه فتأقله فإنه تحقيق حقيق بأن يرسم في دفاتر الأذهان، ويعلق في حقائب الحفظ والجنان، وقوله وفيه نظر أي في كون من قبل خيراً سواء هذا الوجه، وما سبق، وبه اندفع الإشكال بأنه قبل ليس خبرا بل من قبل، وهو الجارّ والمجرور، وقوله حتى لا ينقص أي يكون ناقصاً غير صالح للخبرية، وقد أورد على أنها لا تكون صلة قوله تعالى :﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ﴾ [ سورة الروم، الآية : ٤٢ ] ودفع بأنّ الصلة قوله كان أكثرهم مشركين، ومن قبل ظرف لغو متعلق بخبر كان لامستقرّصلة.
قوله :( وأن تكون موصولة ) معطوف على أن تكون مصدرية وعلى هذا الوجه التفريط
بمعنى التقديم من الفرط، وعلى الوجوه الأول بمعنى التقصير، وأورد عليه أنه يكون قوله من قبل تكراراً فان جعل خبراً يكون الكلام غير مفيد، وإن جعل متعلقا بالصلة يلزم مع التكرار تقديم مثعلق الصلة على الموصول، وهو غير جائز كما مرّ، وقوله ومحله ما تقدم أي في الإعراب من الرفع، والنصب وعائد الموصول محذوف، وأعلم أن السيرافي رحمه الله قال في شرح الكتاب قبل، وبعد مبنيان على الضمّ وفي حال الإضافة يجرّان، وينصبان فأعطيا حركة لم تسكن لهما حال التمكن، وهي الضمة فحرّكتا بأقوى الحركات لما حذف المضاف إليه، وتضمنا معنى الإضافة، وحرفها لتكون عوضا عما ذهب، وعلة أخرى، وهو أنه أشبه المنادي المفرد الذي إذا نكر أو أضيف أعرب، وإذا أفرد أو كان معرفة بني، وكذا قبل، وبعد إذا حذف المضاف إليه، وكان معرفة فإن نكرا أعربا كقوله :
فساغ لي الشراب وكنت قبلا
وأنما بنيا لأنهما صارا كبعض اسم آخره الجزء الثاني، ولذا سميتا غاية لأنهما صارتا
آخراً، ومثلهما غيرهما من الظروف، وما أشبهها كقوله :
ولم يكن لقاؤك إلا من وراء وراء
اص. وإنما نقلناه لما فيه من الفوائد منها أنّ الغايات معارف لا يقدر ما حذف إلا معرفة
فلا يقدر نكرة كما تقدم عن بعض الحواشي فإنه ناشئ من عدم المعرفة. قوله :( فلن أفارق أرض مصر ) يعني أنّ أبرح تامّة ضمنت معنى فارق، والأرض مفعوله لا ناقصة لأنّ الأرض لا يصح أن تكون خبراً عن المتكلم هنا، وليس منصوباً على الظرفية، ولا بنزع الخافض وقوله في الرجوع لأنه المستحيي منه، وقوله بخلاص أخي أي بسبب من الأسباب فذكر ثلاثة أوجه أحدها خاص، وهو إذن أبيه في الانصراف، والآخر عام، وهو حكم الله فكأنه رجع عن الأسباب وفوض! الأمر إلى اللّه، وقوله قفت بتشديد الفاء من قف شعره يقف إذا قام من غضب أو فزع، وفي نسخة ووقفت بواوين من الوقوف، والمراد بهما متحد، وقوله فمسه أمر في
الأوّل ماض في الثاني، وقوله لنوراً من نور يعقوب يريد أحداً من نسله ﷺ بدليل أنه وقع في نسخة لبذرا من بذر يعقوب عليه الصلاة والسلام، وهو استعارة تصريحية فيهما، وقوله لأنّ حكمه لا يكون إلا بالحق بخلاف حكم غيره قد تقدم تحقيق معنى هذه الآية. قوله :( على ما شاهدناه من ظاهر الآمر ) وهو خروج الصواع من رحله وكذا علمهم أيضاً مبني عليه لأنه يحتمل أن يدس عليه، ويدل على هذا قراءة سرق بالتشديد المنسوبة إلى الكسائيّ فإنها بمعنى نسب للسرقة فتتحد القراءتان، وقد استحسنت قراءة التشديد لما فيها من تنزيه بيت النبؤة عن السرقة، وقوله بأن رأينا متعلق بعلمنا أو بدل تفسيري من قوله بما، والوعاء هنا بمعنى الغرارة ونحوها، وقوله ودس عطف على سرق بالتشديد، وهو عطف تفسيري، وحافظين على الوجهين بمعنى عالمين لأنّ العلم حفظ للشيء في الذهن، ولأنه سبب للعلم أو منشؤه فصح التجوّز به عنه، ولام للغيب للتقوية، وقوله وما كنا للعواقب اعتذار لأبيهم بأنّ ما أصاب بنيامين لم يكن داخلا في الميثاق وما حلفنا عليه. قوله :( يعنون مصر ) بناء على ما مر من أن المفتش لهم يوسف عليه الصلاة والسلام أو المؤذن، وقوله يعنون أي الأخوة، وفي نسخة يعني أي كبيرهم القائل له ذلك، وقوله أرسل الخ يعني أنّ فيه طيا للإيجاز، وسؤال القرية عبارة عن سؤال أهلها إمّا مجازا في القرية لإطلاقها على أهلها بعلاقة أو في النسبة أو يقدر فيه مضاف، وأمّا جواز أن يسأل القرية نفسها فتنطق على خرق العادة لأنه نبيّ جمفه، فليس مراداً ولا يقتضيه المقام لأنه ليس بصدد إظهار المعجزة، وقوله عن القصة إشارة إلى


الصفحة التالية
Icon