ج٥ص٢٠٣
وقالوا : إنه سرق وإنك حبسته لذلك، وأنا أهل بيت لا نسرق، ولا نلد سارقا فإن رددته عليّ وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام. قوله :( أو لأنهم كانوا حينئذ صبياناً طياشين ( الطيش ) الخفة ورد هذا بأنه غير مطابق للواقع ولقوله، ونحن عصبة، ولذا مرّضه المصنف رحمه اللّه تعالى. قوله :( استفهام تقرير الخ ) ولذلك أكد لأنّ التأكيد يقتضي التحقق المنافي للاستفهام، وقوله ﷺ أنا يوسف تصديق لهم، وقراءة ابن كثير بحذف الهمزة والمراد بالإيجاب ما يقابل
الاستفهام كما يقال له إثبات، وقيل إنّ الهمزة محذوفة على هذه القراءة، وقوله بروائه أي برؤية منظره لأنه لم يدنهم قبل ذلك وقيل إنه كان يكلمهم من وراء حجاب وكان الظاهر أن يقول وبكلامه بلسان العبرية لقوله كلمهم به، وقوله ثناياه أي مقدم أسنانه لحسنها وانتظامها كالدر، وقوله بقرنه أي جانب رأسه، وقوله وكانت أي العلامة ولسارة ويعقوب مثلها جملة خبر كان أو اسم كان مثل وأنث لإضافته إلى المؤنث، ويجوز نصب مثلها، وقوله ذكره تعريفا لنفسه جواب سؤال وهو أنّ السؤال عنه فلم ذكر أخاه. قوله :( أي يتق اللّه ) أبقى التقوى على ظاهرها، وعدل عن تفسير الزمخشري له بيخف الله وعقابه لأنه اعترض عليه بأنه مجاز من غير داع ولا قرينة فالوجه تفسير التقوى بالاحتراز عن ترك المأمورات، وارتكاب المنهيات، والصبر بالصبر على المحن والبلايا، وقد أجيب عنه بأنّ هذه الجملة تعليل لقوله قد من الله علينا، وتعريض لإخوته بأنهم لم يخافوا عقابه، ولم يصبروا على طاعة الله وطاعة أبيهم، وعن المعصية إذ فعلوا ما فعلوا فيكون المراد بالاتقاء الخوف وبالصبر الصبر على الطاعة، وعن المعصية ورد بأنّ التعريض حاصل في التفسير الآخر أيضا فكأنه فسره به لئلا يتكرّر مع الصبر، وفيه نظر وقرئ بإثبات ياء يتقي فقيل إنه على لغة من يجزمه بحذف الحركة المقدرة وقيل شبهت من الشرطية بالموصولة، وقوله من جمع الخ فيكون الإحسان مجموعهما. قوله :( اختارك الخ ) الإيثار الاختيار، ويكون بمعنى التفضيل أيضاً، وقوله بحسن الصورة قيل المناسب للمقام ما في الكشاف بالتقوى، والصبر وسيرة المحسنين بخلاف ما نحن عليه فإنا لم نصبر على تفضيل أبينا لك، ولم نحسن حالنا وسيرتنا معك، ومع أخيك وقيل آثرك بالملك أو بالعلم. قوله :( والحال إن شأننا إنا كنا مذنبين الخ ) يشير إلى أنّ الواو حالية، وان مخففة واسمها ضمير شأن وأنّ الخاطئ من تعمد الذنب، وأنّ اللام مزحلقة عن محلها. قوله :( لا تأنيب الخ ) التأنيب، والتقريع اللوم بعنف، ولما لم يستعمل من هذه المادّة غير الثرب، وهو الشحم الرقيق في الجوف، وعلى الكرس جعلوه منه، وجعلوا التفعيل للسلب كالتجليد بمعنى إزالة الجلد فاستعير للوم لأنّ بإزالة الشحم يبدو الهزال، وما لا يرضى كما أنه باللوم تظهر العيوب فالجامع بينهما طريان النقص بعد الكمال أو إزالة ما به الكمال والجمال، وكذا التقريع أصله إزالة القرع، وهي البثور، وقوله يمزق العرض ويذهب ماء الوجه تفسير له بما يناسب معناه أي
التثريب الذي أصله إزالة الثرب استعير لتمزيق العرض، واذهاب ماء الوجه الدّي هو إزالة الخير والوجاهة. قوله :( متعلق بالتثريب الخ ) تغ فيه الكشاف، وأورد عليه أنه يكون حينئذ شبيهاً بالمضاف نحو لا ضاوبا زيدا فيتعين نصبه بل هو خبر كقوله :
لا نسب اليوم ولا خلة
أي لا تثريب كائن في اليوم، ولذا قال أبو البقاء خبر لا عليكم أو اليوم وعليكم متعلق بالظرف أو بمتعلقه، وهو الاستقرار، ولا يجوز أن يتعلق بتثريب، وإلا لنصب لأنّ اسم لا كالمنادى إذا عمل نوّن وقال أبو حيان رحمه الله لا يجوز تعلق اليوم بتثريب لأنه مصدر فصل بينه وبين معموله بعليكم، وهو لا يجوز سواء كان خبراً أو صفة لأنّ معمول المصدر من تمامه وأيضا لو تعلق به لم يجز بناؤه لشبهه بالمضاف، ولو قيل الخبر محذوف وعليكم واليوم متعلق به أي لا تثريب كائن عليكم اليوم لكان قوياً ( أقول ) اتفق على هذا كلمتهم هنا وهو غريب منهم فإنه صرّح في متون النحو بأن شبيه المضاف سمع فيه عدم التنوين نحو لا طالع جبلاً ووقع في الحديث :" لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت " باتفاق الرواة فيه، وإنما الخلاف فيه هل هو مبنيّ أو معرب ترك تنوينه، وأمّا الفصل بين المصدر ومعموله فقد ردّه المعترض على نفسه من حيث لا يشعر لأنه إذا سلم جعل معمولاً لمقدر، والجملة معترضة، وبالاعتراض


الصفحة التالية
Icon