ج٥ص٢١٢
على هذا من باب التجريد وفيه نظر، وقوله بأنهم ينصرون ناظر إلى قوله فيما قبيله من النصر عليهم، وقوله في الثاني بوعد الإيمان ناظر إلى قوله أو عن إيمانهم، وقيل عليه إنّ تحديث أنفسهم بالنصر بوعد من الله كما سيأتي عن ابن عباس رضي الله عنهما فظن كذب أنفسهم ظن بكذب وعده تعالى، وليس بلازم أن يكون بوعد من الله إذ يجوز تحديثها لهم بأمر لم يوعدوا به كما أشار إليه في الكشف، وأمّا تحديثها ب!يمانهم فظاهر، ولا حاجة فيه إلى جعل الظن بمعنى اليقين حتى يرد عليه ما قيل إن الظن لا يستعمل بمعنى اليقين والعلم فيما يكون محسوساً فلا يقال أظنني إنسانا، ولا أظنني حيا. قوله :( وقيل الضمير للمرسل إليهم ) أي الضمائر الثلاثة، وتقدم توجيه عوده إلى المرسل، والدعوة قوله إني مبعوث إليكم وأمرهم بالتوحيد. قوله :( وقيل الأول للمرسل إليهم والثاني للرّسل عليهم الصلاة والسلام الخ ) المراد بالثاني ضمير أنهم ولم يذكر الثالث لعلمه من كون الثاني للرسل، والا لزم خلو جملة الخبر من العائد، وقوله وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما الخ إن صح كذا في الكشاف، ولا وجه لقوله إن صح مع أنه مروفي في البخاري والجواب بأنّ روايته فيه لا تقتضي تواتره ليس بشيء، وقوله على طريق الوسوسة اعترض! عليه بأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منزهون عن وسوسة الشيطان كما مرّ، وأجيب بأنه لم يقل إنه وسوسة بل على طريق الوسوسة، ومثالها من حديث النفس، وهو غير الوسوسة. قوله :) هذا وانّ المراد الخ ) أي الأمر هدّا أو مضى هذا وهو توجيه آخر لكلام ابن عباس رضي الله عنهما بأنّ المراد بظنهم كذب النفس في حديثها المبالغة في التراخي، وطول المدة على طريق التمثيل أي الاسنعارة التمثيلية بأن شبه المبالغة في التراخي بظن الكذب باعتبار استلزام كل منهما لعدم ترتب المطلوب فاستعمل ما لأحدهما للآخر. قوله :( وقرأ غير الكوفيين بالشديد ( في هذا الوجه الضمائر للرسل، وما في ما أو عدوهم مصدرية أي في إيعاد الرسل المرسل إليهم، وقوله عند قومهم متعلق بحدثوا، وقيل تنازع فيه كذبوا وحدثوا، وقد ذكر الزمخشريّ في هذه القراءة ثلاثة أوجه اختار المصنف رحمه الله ثانيها
لاستبعاد أوّلها ورجع الثالث إلى الثاني في المبني للمفعول. قوله :) النبي والمؤمنين ) بالنصب على أنه عطف بيان لمن أو بتقدير يعني وننجي قرأها ابن عامر، وعاصم بنون واحدة، وجيم مشذدة وياء مفتوحة على أنه ماض مبني للمفعول ومن نائب الفاعل، والباقون بنونين ثانيهما ساكنة والجيم خفيفة، والياء ساكنة مضارع أنجى، ومن مفعوله، والفاعل ضمير المتكلم المعظم نفسه، وقرأها الحسن، ومجاهد في آخرين كعاصم إلا أنهم سكنوا الياء والأجود تحريكها وتسكينها للتخفيف، ومثله كثير، وقيل الأصل ننجي بنونين فأدغم النون في الجيم ورذ بأنها لا تدغم فيها، وقد ذهب بعضهم إلى جواز إدغامها وقرأها جماعة كالباقين إلا أنهم فتحوا الياء ورويت عن عاصم، وليست بغلط كما توهم لأنه مضارع منصوب، وقرأ الحسن ننجي بنونين وجيم مشذدة وياء ساكنة مضارع نجى المشذد، وقرأ نصر وأبو حيوة نجا ماضياً مخففا، ومن فاعله وقرأها ابن محيصن كذلك إلا أنه شدد الجيم، والفاعل ضمير النصر ومن مفعوله، وقد رجحت قراءة عاصم بأن المصاحف اتفقت على رسمها بنون واحدة وقال مكيّ أكثر المصاحف عليه فأشعر بوقوع خلاف في الرسم، وأما على الأخرى فلا خفاء بها ورسمت بنون واحدة تشبيها للإخفاء بالإدغام فكما حذف في الإدغام حذف فيه بل هو أولى، وقوله وإنما لم يعينهم الخ أي أنه ظاهر غير محتاج إلى التعيين لأنهم هم المستحقون للنجاة وقيل للإشارة إلى أنه بمجزد مشيئة الله من غير استحقاق له لأحد وقوله وفيه بيان المشيئين أي من شاء الله نجاتهم لأنه يعلم من المقابلة أنهم من ليسوا بمجرمين وهم المؤمنون، ومشيئين جمع مشيء كمريء اسم مفعول من شاء فهو شاء، والآخر مشيء كراء فهو راء وذاك مريء، وقيد عدم رذ البأس بالنزول لأنه قبل النزول قد يدفع ويردّ وهو ظاهر. قوله :) في قصص الآنبياء الخ ) القصة ما يجري بين الناس بعضهم مع بعض كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع الأمم ويوسف مع إخوته ورجح الزمخشري التفسير الأوّل بقراءة قصصهم بكسر القاف جمع قصة، والمفتوج مصدر بمعنى المفعول وردّ بأنّ قصة