ج٥ص٢٢٤
( أو لأنهم يعقبون أقواله وأفعاله ) أي يتبعونها ومنه تعقب فلان كلام فلان، والمراد من التتبع الحفظ بالكتابة، ولذا عطف عليه قوله فيكتبونه وكان الظاهر فيكتبونها ولكنه أراد ما يصدر منه وما ذكر وهذا معطوف على ما قبله بحسب المعنى.
قوله :( أو اعتقب ) أي هو من باب الافتعال، وقوله فأدغمت التاء في القاف تبع فيه الكشاف، وقد اتفقوا على ردّه بأنّ التاء لا تدغم في القاف من كلمة، أو كلمتين وقد قال أهل التصريف أن القاف والكاف كل منهما يدغم في الآخر، ولا يدغمان في غيرهما. قوله :( والتاء للمبالغة ) أي تاء معقبة لأنّ المراد به الملائكة، وهي غير مؤنثة فتاؤه للمبالغة كما في علامة أو هي صفة جماعة، ولذا أنثت فمعقبات جمع معقبة مراد به الطائفة منهم. فوله :) وقرئ معاقيب جمع معقب أو معقبة على تعويض الياء من إحدى القافين ) وفي نسخة من حذف إحدى القافين في التكسير لأنه جمع معقب أو معقبة بتشديد القاف فيهما، وقال ابن جني إنه تكسير معقب كمطعم ومطاعيم فجمع على معاقبة، ثم حذفت الهاء من الجمع وعوضت الياء عنها وهذا أظهر وأنسب بالقواعد مما تكلفوه. قوله :) من جوانبه أو من الأعمال ما قدّم وأخر ) قال المعرب من بين يديه متعلق بمحذوف على أنه صفة معقبات، ويجوز أن يتعلق بمعقبات ومن لابتداء الغاية ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في الظرف الواقع خبرا والكلام على هذه الأوجه تمّ عند قوله
ومن خلفه فإذا تعلق بمعقبات فالمعنى أنها تحفظ ما قدم وأخر من الأعمال، وهو عبارة عن حفظ جميع أعماله وهو الوجه، وان كان صفة أو حالاً فالمعنى أنّ المعقبات محيطة بجميع جوانبه. قوله :( من بأسه متى أذنب بالاستمهال أو الاستغفار له الخ ) فمن على هذا متعلقة بيحفظون صلة له، وكذا على توله يحفظونه من المضارّ، وكذا قوله بالاستمهال أو الاستغفار أي يحفظونه باستدعائهم من اللّه أن يمهله ويؤخر عقابه ليتوب فيغفر له أو يطلبون من الله أن يغفر له ولا يعذبه أصلا. قوله :( أو يراقبون أحواله من أجل أمر الله تعالى ) إياهم، وقد قرئ به أي يحفظونه لأمر اللّه لهم بحفظه فمن ثعليلية والقراءة باللام لم يذكرها الزمخشري، ، -انما ذكر القراءة بالباء السببية، ولا فرق بين العلة والسبب عند النحاة وان فرق بينهما أهل المعقول فقوله، وقيل من بمعنى الباء محل نظر. قوله :( وقيل من أمر اللّه صفة ثانية ا لا صلة كالوجه المتقدم، والصفة الأولى يحفظونه فإن كان من بين يديه صفة أيضا فهي ثالثة، ويجوز أن يريد بالثانية من بين يديه على أن جملة يحفظونه مستأنفة أو حالية. قوله :( وقيل المعقبات الحرس والجلاوزة ) جمع جلواز وهو الشرطي من الجلوزة، وهي سرعة الذهاب والمجيء والحرس حرس السلطان والواحد حرسيّ، وهو وان كان جمع حارس لكنه صار اسم جنس لهؤلاء بالغلبة كالأنصار فلهذا نسب إليه وان كان القياس حارسيّ بردّ الجمع إلى واحدة في النسبة. قوله :( يحفظونه في توهمه من قضاء اللّه تعالى ) يعني لا راذ لما قضى ولا حافظ منه إلا هو ومن جعله حافظا كالحفظة فجعل الحرس حفاظا إن كان على زعمه وتوهمه فهو حقيقة، وان لم يعتبر ذلك فهو استعارة تهكمية كبشرهم بعذاب أليم فهو مستعار لضده، ولذا قيل المعنى لا يحفظونه. قوله :( من الآحوال الجميلة بالآحوال القبيحة ) فالمراد بما في أنفسهم ما أتصفت به ذواتهم من ذلك لا ما أضمرو. ونووه والمراد بالتغيير تبديله بخلافه لا مجرّد تركه، وليس المراد أنه لا يصيب أحد إلا بتقدم ذنب منه حتى يقال إنه قد يصاب بذنب غيره كقوله تعالى :﴿ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ٢٥ ] وإنه قد يستدرح المذنب بتركه إذ المراد إنه عادة الله في الأكثر، وأنها جارية بهذا إذا اتفقوا عليه وأصروا فلا ينافي غيره كما توهمه، ولك أن تقول إن قوله :﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ ﴾ [ سورة الرعد، الآية : ١١ ] تتميم لتدارك ما ذكر. قوله :( فلا رذ له ) يثير إلى أن مردّ مصدر ميمي، وقوله فالعامل في إذا ما دل عليه الجواب لأنّ ما بعد الفاء ومعمول المصدر لا يتقدم عليه على الصحيح،
والتقدير لم يرذ أو وقع ونحوه، وقوله فيدفع عنهم السوء ليس هذا مكرراً مع ما قبله، ولا قوله يدفع مصحف يرفع بالراء ليكون الأوّل دفعا، وهذا رفعا كما توهم