ج٥ص٢٢٥
لأنّ هذا عام بعد خاص أي لا يلي جميع أمورهم غير الله من خير ونفع فلا يضر اندراج الدفع فيه ودخوله دخولاً أولياً لأنه مقتضى السياق. قوله :) وفيه دليل على أنّ خلاف مراد اللّه تعالى محال ( فإن قلت الآية إنما تدل على أنه إذا أراد الله بقوم سوءاً وجب وقوعه، ولا تدل على أن كل مراد له كذلك، ولا على استحالة خلافه بل على عدم وقوعه قلت لا فرق بين إرادة السوء به وإرادة غيره فإذا امتنع رد السوء فغيره كذلك، والمراد بالاستحالة عدم الإمكان الوقوعي لا الذاتي كذا قيل، وفيه تأمل. قوله :( خوفاً من أذا وطمعاً في النيث ) المراد بالأذى الصواعق ونحوها والطمع في غيثه فالخائف والطامع واحد والقول الآتي بالعكس. قوله :) وانتصابهما على العلة بتقدير المضاف ( إذا كان مفعولاً له وأشترط اتحاد فاعل العلة، والفعل المعلل احتاج هذا للتأويل لأن فاعل الإراءة هو الله، وفاعل الطمع والخوف غيره فأمّا أن يقدر فيه مضاف، وهو إرادة أي إراءتهم ذلك لإرادة أن يخافوا وأن يطمعوا فالمفعول له المضاف المقدر وفاعلهما واحد أو الخوف والطمع موضوع موضع الإخافة، والإطماع كما وضع النبات موضع الإنبات في قوله :﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ [ سورة نوح، الآية : ١٧ م فإنّ المصادر ينوب بعضها عن بعض أو هو مصدر محذوف الزوائد كما في شرح التسهيل على أذ ٤ قد ذهب جماعة من النحاة كابن خروف إلى أن اتحاد الفاعل ليس بشرط، وقيل إنه مفعول له باعتبار أن المخاطبين رائين لأن إراءتهم متضمنة لرؤيتهم والخوف والطمع من أفعالهم فهم فعلوا الفعل المعلل به، وهو الرؤية فيرجع إلى معنى قعدت عن الحرب جبنا ورد بأنه لا سبيل إليه لأنّ ما وقع في معرض! العلة الغائية لا سيما الخوف لا يصلح علة لرؤيتهم، وهو كلام واه لأن القائل صرح بأنه من قبيل قعدت عن الحرب جبنا يريد أن المفعول له حامل على الفعل وليس من قبيل ضربته تأديبا فلا وجه للرد المذكور، وقيل التعليل هنا مثله في لام العاقبة لا أن ذلك من قبيل قعدت عن الحرب جبناً كما ظن لأنّ الجبن باعث على القعود دونهما للرؤية، وهو غير وارد لأنه باعث بلا شبهة، وما قيل عليه من أنّ اللام المقدرة في المفعول له لم يقل أحد بأنها تكون لام العاقبة ولا يساعده الاستعمال ليس بشيء كيف، وقد قال النحاة : كما في الدرّ أنه كقول النابغة الذبيا ني :
وحلت بيوتي في يفاع ممنع تخال به راعي الحمولة طائرا حذارأعلى أن لا تنال مقادتي ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا
ثم إن قوله ليس ما نحن فيه مثل قعدت عن الحرب جبنا لا! الخوف والطمع ليسا
مقدمين على الرؤية كالجبن، وإنما يحصلان في حال الرؤية إلا أن يراد بهما الملكة النفسانية فيكون إراءة الله لهم لما جبلوا عليه عند رؤيتهم من الخوف، والطمع لا يخفى ما فيه من التعسف، وقد علمت أنه غير وارد وسيأتي لهذا تتمة في سورة الروم. قوله :( أو الحال من البرق أو المخاطبين ( معطوف على العلة، وقوله على إضمار ذو في نسخة ذا وفي أخرى ذوي فالمراد تقدير مضاف من هذا النوع أو جعل المصدر حالاً مبالغة أو تأويله باسم فاعل أو مفعول، وقوله بمعنى المفعول أو الفاعل، لف ونشر مرتب، وقوله وقيل الخ تقدم الفرق بينه وبين الوجه السابق وهو ظاهر، وقوله من يضره كالمسافر ونحوه وقوله المنسحب في الهواء أي المنجر فيه إشارة إلى وجه تسميته سحابا. قوله :( وهو جمع ثقيلة وإنما وصف به السحاب الخ ( أي لأنه اسم جنس في معنى الجمع فكأنه جمع سحابة ثقيلة لا أنه جمع أو اسم جنس جمعيّ لإطلاقه على الواحد وغيره. قوله :( ويسبح سامعوه ( فهو على حذف مضاف، أو إسناد مجازفي للحامل والسبب، وقوله ملتبسين إشارة إلى أن الباء للملابسة وأن الجار والمجرور حال، وقوله فيضجون بالضاد المعجمة والجيم وفي نسخة يصيحون من الصياج، ومعناهما متقارب يشير إلى أنه على ظاهره بمعنى قول ذلك. قوله :( أو يدل الرعد بنفسه على وحدانية اللّه ) فالإسناد على حقيقته، والتجوّز في التسبيح والتحميد إذ شبه دلالته بنفسه على تنزيهه عن الشرك والعجز بالتسبيح والتنزيه اللفظي، ودلالته على فضله ورحمته بحمد الحامد لما فيها من الدلالة على صفات الكمال، وقيل إنه مجاز مرسل استعمل في لازمه والأوّل أولى فهو على حد قوله وإن من شيء إلا