ج٥ص٢٣٧
المتكاثرة، وإنما يستحق هذا الكلام بحسب مقتضى الظاهر أن يقابل بأن يقال ما أعظم كفركم وأشد عنادكم ونحوه، فوضع هذا موضعه إشارة إلى أنّ المتعجب منه يقول إن الله يضل من يشاء الخ، وقوله ممن بيان لمن يشاء، وقوله كل آية أي مما اقترحوه وغيره، وقوله بما جئت به متعلق بيهدي، وقوله بدل من من أقي بدل كل من كل أو عطف بيان عليه أو منصوب بأعني ونحوه مقدراً وقيل إنه مبتدأ والموصول الثاني بدل منه، وطوبى لهم خبره فيتم التقابل، وهو أولى من جعل الموصول الثاني خبراً وألا بذكر الله اعتراضا وطوبى لهم دعاء. قوله تعالى :( ﴿ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم ﴾ ( عبر بالمضارع لأنّ الطمأنينة تتجدد بعد الإيمان حينا بعد حين، وقوله أنسابه واعتمادا عليه أي لا تضطرب للمكاره لأنسها بالله، واعتمادها عليه في الإزالة اً و الثبوت عليها والضمائر كلها للّه، وهذه الآية لا تنافي قوله تعالى :﴿ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ٢، إذ المراد هناك وجلت من هيبته واستعظامه، وهو لا ينافي اطمئنان الاعتداد والرجاء. قوله :) او بذكر رحمته ( ففي الكلام مضاف مقدر وهذا مناسب للإنابة إليه تعالى وقوله أو بذكر دلائله فيه
أيضا إشارة إلى التقدير، وهذا يناسب ذكر الكفر ووقوعه في مقابلته فالمصدر مضاف للمفعول، والضمائر كلها لله والاطمئنان على الأوّل من مكروه العذاب، وعلى الثاني عن قلق الشك والتردّد، وقوله أو بكلامه الخ لا حاجة في هذا إلى تقدير ألمضاف لأنّ القرآن يسمى ذكراً وهذا يناسب قوله :﴿ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [ سورة يونس، الآية : ٢٠، أي هؤلاء ينكرون كونه آية والمؤمنون يعلمون أنه أعظم آية تطمئن لها قلوبهم ببرد اليقين، وهو أنسب الوجوه والمصدر فيه بمعنى المفعول، وقوله تسكن إليه أي إلى الله تستأنس بسبب ذكره أو إلى ذكره فهو معنى غير ما تقدم، وليس تكريراً معه وتطمئن بمعنى اطمأنت معطوفة على الصلة، أو هي جملة معترضة فتدبر. قوله :( فعلى من الطيب قلبت ياؤه واوا ) كموسر وموقن، وقيل إنها جمع طيبة كضوقي في ضيقة ورد بأنّ فعلى ليست من أبنية الجموع فلعله أراد أنه اسم جمع، وقيل إنها اسم شجرة في الجنة، وهي مرفوعة بالابتداء، وان كانت نكرة لأنها للدعاء أو للتعجب كسلام لك وولل له، وقال ابن مالك إنها لا تكون إلا مبتدأ ولا تنصرف، وخالفه غيره فجوّز نصبها ويدل عليه عطف المنصوب عليها في قراءة، وأجاب عنه السفاقسيّ بأنه يجوز نصبه بمقدر أي رزقهم حسن مآب، وهو بعيد، وقرئ طيبي بالياء في الشواذ وعلى الرفع الجملة الدعائية خبر للمبتدأ بتأويل يقول لهم أو هي خبرية، والمعنى لهم خير كثير وإذا نصبت فناصبها فعل مقدّر أي طاب، وهو الخبر واللام للبيان كما فني سقيا له، ومنهم من قدر جعل طوبى لهم، وقوله ولذلك قرئ وحسن ماب بالنصب، وأمّا الرفع فلا حاجة إلى دليل لأنه متفق عليه، وهو قراءة الجمهور. قوله :( مثل ذلك ) يعني إرسال الرسل قبلك فشبه إرساله ﷺ بإرسال من قبله وان لم يجر لهم ذكر لدلالة قوله قد خلت عليهم، والزمخشري على عادته في مثله يجعل الإشارة إلى إرساله والإشارة بالبعيد للتفخيم كما مز تحقيقه في سورة البقرة أي أرسلناك إرسالاً له شأن، وفي في قوله في أمم بمعنى إلى كما في قوله فردّوا أيدهم في أفواههم، وقوله يعني إرسال الخ تفسير لذلك فلا يرد ما قيل الأحسن أن يقول مثل إرسال الخ، وقيل في إشارة إلى أنه من جملتهم وناشئ بينهم فلا ينكر لا بمعنى إلى إذ لا حاجة لبيان من أرسل إليهم وفيه نظر. قوله :( أرسلوا إليهم فليس ببدع إرسالك إليها ) هذا بناء على تفسيره للتشبيه وأفا على تفسير الزمخشريّ فقيل إنه لا يكون لقوله قد خلت كثير مساس هنا، وتأويله بقوله فهي آخر الأمم الخ منظور فيه إذ لا يلزم من تقدم أمم كثيرة قبله أن لا يكون أمّة يرسل إليها بعده حتى يلزم أن يكون خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وفيه بحث لأنّ المراد بكون إرساله عجيبا أنّ رسالته
أعظم من كل رسالة فهي جامعة لكل ما يحتاج إليه فيلزم أن لا نسخ إذ النسخ إنما يكون للتكميل، والكامل أتتم كمال غير محتاج لتكميل كما قال تعالى :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٣ ]. قوله :( لتقرأ عليهم الكتاب الذي أوحيناه إليك ) بيان لمحصل المعنى لا لتقدير موصوف للذي، وان جاز وفي إبهامه وذكر نون العظمة تفخيم له لا يخفى، وضمير عليهم للأمّة باعتبار معناها كما روعي في الذي قبلها لفظها. قوله :( وحالهم أنهم يكفرون بالبليغ الرحمة الخ )


الصفحة التالية
Icon