ج٥ص٢٤٧
من الواو غير فصيح عنده، وقد مر تفصيله في الأعراف، ولو جعلت معترضة لسلمت من هذا، وكانت عامة لجميع الأوقات لا مخصوصة بزمان الحكم. قوله :( فيحاسبهم عما قليل في الآخرة الخ ) عن بمعنى بعد كما في قوله ﴿ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴾ [ سورة المؤمنون، الآية : ٤٠، وما عبارة
عن الزمان أي بعد زمان قليل، وفسره به لمناسبته للمقام أي لا تستبطئ عقابهم فإنه آت لا محالة، وكل آت قريب، ولذا لم يحمله على سرعة الحساب في الآخرة، ولا تكلف فيه كما قيل. قوله :( لا يؤبه ) أي لا يعتد به، وما هو المقصود منه إصابة المكروه، وهو قادر عليه بالذات، وغيره إن قدر عليه فهو بتمكين الله منه فالكل راجع إليه، وقيل المعنى فللّه جزاء المكر، وقوله فيعدّ جزاءها أي يهيئه ويقدره في الدنيا، والآخرة، وقوله من الحزبين أي حزب المؤمنين، وحزب الكافرين تفسير قوله لمن وقوله حيثما المراد به الزمان كما جوّزه الأخفش، وكونه كالتفسير لما في قوله يعلم الخ من الوعيد بإتيان العذاب من حيث لا يشعرون كما أن الماكر يخفي ما يريده حتى يقع به من حيث لا يحتسب. قوله :( واللام تدل الخ ا لكونها للنفع كما أنّ على للمضرة وقال الراغب العقب والعقبى، والعاقبة تختص بالثواب، وضدّها العقوبة والمعاقبة، وقد يستعمل مضافا لغيره كقوله :﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى السوأى ﴾ [ سورة الروم، الآية ة ٠ ا ] ونحوه، واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله المراد الخ، وقوله مع ما في الإضافة إلى الدار يعني أنها أيضاً تدل على أنها محمودة كما عرفته سابقا في قوله أولئك لهم عقبى الدار، وقد قيل إنّ المراد سيعلم الكفار من يملك الدنيا آخراً فاللام للملك، وقوله وسيعلم أي قرئ سيعلم من مجهول الإعلام لكنهم قالوا من قرأ بهذه قرأ بإفراد الكافر فكان عليه أن يبينه ففي كلامه إجمال محل. قوله :( فإنه أظهر من الآدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها ( جعل إظهار المعجزات الدالة على رسالته شهادة، وهو فعل، والشهادة قول فأشار إلى أنه استعارة لأنه يغني غنى الشهادة بل هو أقوى منها. قوله :( علم القرآن وما ألف عليه من النظم المعجز الخ ) ويؤيده الفراءة الثانية فإنّ المراد بالكتاب فيها القرآن، وفيه دلالة على أنّ الإعجاز بالنظم، والاشتمال على المزايا، والخواص المعجزة للبشر، والشهادة إن أريد بها تحمل الشهادة فالأمر ظاهر وان أريد أداؤها فالمراد بهم من ترك العناد، وآمن، وفي الكشف أي كفى هذا العالم شهيداً بيني، وبينكم ولا يلزم من كفايته في الشهادة أن يؤذيها فمن أداها فهو شاهد أمين، ومن لم يؤدّ فهو خائن، وفيه تعريض بليغ بأنهم لو أنصفوا شهدوا، وقوله التوراة، وكذا الإنجيل فإن قلت المنكرون من البلغاء عندهم علم ما ألف عليه القرآن من
النظم البليغ، ولا يشهدون قلت لا نسلم أن عندهم علما فإن عين البغض تمنع من التأمل في جمال القرآن حتى يدركوا ذلك، ومن أدركه، وجحده فعلمه كلا علم لعدم ثمرته. قوله :( وهو ابن سلام رضي الله تعالى عنه وأضرا به ) اعترض عليه أبو حيان رحمه الله بأنه لا يستقيم إلا أن تكون الاية مدنية، والجمهور على أنها مكية، وقيل إنه لا ينافي كون الآية مكية، وهي إخبار عما سيشهدوا به أو أنهم قيل لهم لستم بأهل كتاب فاسألوا اهله فإنهم في جواركم فتأمل. قوله :( أو علم اللوج المحفوظ وهو اللّه تعالى الخ ) يعني المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، ومن عبارة عنه تعالى لكنه يلزم عليه عطف الشيء على نفسه بدون تفسير، ولا توضيح لأن الأوّل أظهر في الدلالة على الذات فلذا أوّل اسم الذات بما يدل عليه من الصفات، وهو المستحق للعبادة، وأوّل من بالذي ليكون من تعاطف الصفات لأنّ من لا تقع صفة فصار بالتأويل الذي أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله كفى بالذي الخ كقوله :
إلى الملك القرم وابن الهمام
وأشار بإعادة الجار إلى أن من في محل جر معطوفة على الله، ويؤيده أنه قرئ بإعادة
الباء في الشوأذ وقيل إنه في محل رفع بالعطف على محل الجلالة لأنّ الباء زائدة، وقيل هو ميتدأ خير. محذوف كأعلم وأمضى قولاً. قوله :( وبالذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو ) الحصر إمّا من الخارج لأنّ علمه مخصوص بالله أو لاختياره أنّ الظرف خبر مقدم فيفيد الحصر، وقوله فيخزي من الخزي بالخاء والزاي المعجمتين أو بالجيم من الجزاء قيل إنه حمل الشهادة على غايتها، وهي خزيهم، وتفضيحهم لا على حقيقتها لعدم كون الكلام حينئذ حجة عليهم، وليس بشيء لأنه ينافيه ما مر في تفسير الشهادة، وقوله