ج٥ص٢٥٤
وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما بين عدنان، واسماعيل عليه الصلاة والسلام ثلاثون أبا لا يعرفون وفي الجامع اختلف في نسب النبيّ ﷺ، بعد اتفاقهم أنه من ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وأنه من ولد معد بن عدنان، وإنما الاختلاف في الأسماء التي قبل عدنان، ولا يكاد يصح لأحد من الرواة رواية، ولا ضبط للأسماء، واتصال هذه الآية بما قبلها أنه بعد ذكر ما مرّ من قصة موسى عليه الصلاة والسلام، وما معه عقبه توبيخاً، وتهديداً كما ذكره الطيبي.
قوله :( فعضوها غيظاً مما جاءت به الرصل عليهم الصلاة والسلام الخ ) في معنى رد الأيدي في الأفواه وجوه الأوّل إرجاع ضميري أيديهم وأفواههم إلى الكفار، وهو على أربعة احتمالات أحدها أنهم عضوها غيظا من شذة نفرتهم من رؤية الرسل عليهم الصلاة والسلام، واستماع كلامهم، وثانيها أنهم لما سمعوا كلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، تعجبوا منه، ووضعوا أيديهم على أفواههم ضحكا، واستهزاء كمن غلبه الضحك، وثالثها أنهم أشاروا بأيديهم إلى جوابهم، وهو قولهم إنا كفرنا أي هذا جوابنا الذي نقوله بأفواهنا، والمراد إشارتهم إلى كلامهم كما يقع في كلام المتخاطبين أنهم يشيرون إلى أنّ هذا هو الجواب، ثم يقرّرونه أو يقرّرون، ثم يشيرون بأيديهم إلى أنّ هذا هو الجواب، وهو الوجه القوي لأنهم لما حاولوا الإنكار على الرسل كل الإنكار جمعوا في الإنكار بين الفعل والقول، ولذا أتى بالفاء تنبيهاً على أنهم لم يمهلوا بل عقبوا دعوتهم بالتكذيب، وصدروا الجملة بأنّ ورابعها أنهم وضعوها على أفواههم مشيرين بذلك إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يكفوا عن هذا الكلام، وشسكتوا والوجه الثاني أن يرجع الضمير في أيديهم إلى الكفار وفي أفواههم إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وفيه احتمالان الأوّل أنهم أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل عليهم الصلاة والسلام، أن اسكتوا، والآخر بأنهم وضعوا أيديهم على أفواه الرسل عليهم الصلاة والسلام منعا لهم من الكلام والوجه الثالث أن يعود الضمير إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام ويكون المراد بالأيدي نعمهم من مواعظهم ونصائحهم، والأيدي بمعنى الأيادي كما سيحققه أو يكون ردّها إلى أفواههم مثلاً لرذها، وتكذيبها بأن شبه ردّ الكفار مواعظ الرسل عليهم الصلاة والسلام بردّ الكلام الخارج من الفم فقيل رذوا أيديهم أي مواعظهم في أفواههم، والمراد عدم قبولها، وفي هذا الوجه احتمال آخر، وهو أنّ الكفار أخذوا أيدي الرسل عليهم الصلاة والسلام، ووضعوها على أفواههم ليقطعوا كلامهم فحينئذ اليد، والفم على حقيقتهما وعلى الأوّل مجازان هذا حاصل ما ذكره الزمخشريّ على ما قرّره الشارح العلامة فقول المصنف رحمه الله تعالى فعضوها غيظا بناء على إرجاع الضميرين للكفار فاليد والفم على حقيقتهما، والرد كناية عن العض ولا ينافي الحقيقة كون المعضوض الأنامل كما في الآية الأخرى فان من عض موضعاً
من اليد يقال حقيقة إنه عض اليد فلا يتوهم من ردها أنه مجاز كقوله :﴿ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٩ ] فتأمّل. قوله :( أو وضعوها عليها تعجباً الخ ) فالضميران للكفار أيضا، واليد والفم على حقيقتهما، ووضعها على الفم لغلبة الضحك من الاستهزاء أو التعجب، ولا ملازمة بين الاستهزاء، والتعجب فلذا عطفه باو، وقيل الاستهزاء وان استلزم التعجب لكن التعجب لا يستلزمه فصحت المقابلة. قوله :( أو إسكاتاً للأنبياء عليهاً الصلاة والسلام ) هذا كالوجه السابق في مرجع الضمير، والحقيقة، وكذا إذا كان أمر بالإطباق. قوله :( أو أشاروا بها إلى ألسنتهاً الخ ) هذا هو التوجيه الراجح فاليد حقيقة، والردّ مجاز، والإشارة تقارن قولهم إنا كفرنا مع احتمال التقدم والتأخر. قوله :( أو ردوها في أفواه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الخ ( فهما على حقيقتهما والضمير الأوّل للقوم والثاني للأنبياء عليهم الصلاة والسلام الخ وفيه معنى آخر، وهو أنه يحتمل أنهم أشاروا إلى أفواه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالسكوت، وفي بمعنى إلى كما في أدب الكاتب. قوله :( وعلى هذا يحتمل أن يكون تمثيلاَ ) أي استعارة تمثيلية بأن يراد بردّ أيدي القوم إلى أفواه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وعدم قبول كلامهم، واستماعه مشبها بوضع اليد على فم المتكلم لإسكانه فاليد، والفم على حقيقتهما وهذا التمثيل يجري في كون الضميرين للرسل أيضاً، ويحتمل إبقاؤه على حقيقته كما قرّرناه. قوله :( وقيل الأيدي بمعنى الأيادي ) أي النعم، والمراد بالنعم نعم النصائح، والحكم، والشرائع