ج٥ص٢٥٩
( أسبابه من الشدائد ) يعني أنّ المحيط به، والآتي من كل مكان له أسبابه فهو مجاز عنه أو بتقدير مضاف أو المراد بالمكان الأعضاء فإنها مكان مجازاً لذلك فليس بمعنى الجهة. قوله :( حتى من أصول شعره الخ ) أي حتى يأتيه ففيه مقدر، والمراد به التعميم، وفسر ميت بمستريح لأنّ من مات استراج من ألم كان في جسده كما قيل : ليس من مات فاستراح بميت
قوله :( ومن بين يدبه عذاب غليظ البئ ) يعني أنه لما هو أمامه كما مرّ، ولا يحتاج إلى
تقدير من وراء عذابه، وقوله يستقبله في كل وقت ليس تفسيراً للوراء بالزمان، وإنما هو لازم كون الوراء بمعنى الإمام لأنك إذا قلت قدامه عذاب دلّ على أنه بصدده وأنه يستقبله، وأمّا التعميم، والتأكيد فلأنّ كل وقت من أوقات تعذيبه بالصديد، وإتيان الموت من كل جانب يصدق عليه فيه أن قدّامه عذابا غليظاً هو يستقبله فلا يزال يتجدد له عذاب هو أغلظ من سابقه، والا لزم الخلف في خبر الصادق، وحبس الأنفاس أي لا يمكنه أن يتنفس لإطباق اللهب، والدخان عليه. قوله :( وقيل الآية متقطعة عن قصة الرسل عليهم الصلاة والسلام نارّلة في أهل مكة الخ ) يعني قوله، واستفتحوا إلى هنا، والواو حينئذ عاطفة أمّ على قوله :﴿ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [ سورة إبراهيم، الآية : ٢ ] أو على خبر قوله أولئك في ضلال بعيد لقربه لفظا ومعنى، وإنما ضعفه المصنف رحمه الله تعالى لعدم القرينة، وبعد العهد، وقيل الواو للاستئناف، وما أصاب قريشا من القحط بدعاء النبيّ ﷺ، وهو بمكة معروف في السير، وقوله وأوعد إشارة إلى توجيهه على هذا التفسير، وقوله بدل إشارة إلى ما مرّ من أنه مجاز. قوله :( مبتدأ خبره محذوف أي فيما يتلى عليكم الخ ) هذا مذهب سيبويه رحمه اللّه تعالى كما مرّ، وهو أظهر الوجوه، وقوله صفتهم إشارة إلى أنّ المثل بمعنى الصفة الغريبة، وقد مرّ تحقيقه أيضاً، وقوله التي هي مثل أي كمثل إشارة إلى أنه مأخوذ منه لا من المثل بمعنى الشبه أو الشبيه. قوله :( أو قوله ﴿ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾ الخ ) قيل عليه أنه غير جائز لأنّ الجملة الواقعة خبراً عن المبتدأ الذي هو مثل عارية عن رابط يعود على المبتدأ، وليست نفس المبتدأ في المعنى
حتى يكون المعنى مثلهم هذه الجملة، وأجاب عنه السمين بأنه نفس المبتدا لأنّ معناه في تأويل مثل الذين أي ما يقال فيهم، ويوصفون به إذا وصفوا فلا حاجة إلى الرابط كقوله صفة زيد عرضه مصون، وماله مبذول، ولا يخفى حسنه إلا أنّ المثل عليه بمعنى الصفة، والمراد بالصفة اللفظ الموصوف به كما يقال صفة زيد أسمر أي اللفظ الذي يوصف به هو هذا كقوله هجير أبي بكر لا إله إلا الله، وهذا وان كان مجازاً على مجاز لكنه يغتفر لأنّ الأوّل ملحق بالحقيقة لشهرته وليس من الاكتفاء بعود الضمير على المضاف إليه لأنّ المضاف ذكر توطئة له كما مرّ وقد قيل إن المثل مقحم والاعتراض عليه بأنّ الأسماء لا تزاد مرّ ردّه فتذكره :
فما بالعهد من قدم
قوله :( وقيل أعمالهم بدل من المثل ) هي على هذا بدل اشتمال وقوله كرماد خبر كقوله :
ما للجمال مشيها وئيدا
كذا قاله السمين، وفيه نظر وقال صاحب الكشاف أنه بدل بتقدير مثل في المبدل أي مثل أعمالهم فقال في الكشف أنه بدل كل من كل حينئذ وذلك لأنّ مثلهم ومثل أعمالهم متحدان بالذات وفيه تفخيم وقيل إنه عليه أيضا بدل اشتمال لأنّ مثل أعمالهم كونها كرماد ومثلهم كون أعمالهم كرماد فلا اتحاد لكن الأوّل سبب للثاني فتأمّل. قوله :( حملته وأسرعت الذهاب به ) فاشتد من شد بمعنى عدأ، والباء للتعدية أو للملابسة، وقيل إنه يحتمل أن يكون من الشدة بمعنى القوّة أي قويت بملابسة حمله، وقوله اشتداد الريح أي قوّة هبوبها. قوله :( وصف ب زمانه للمبالغة ا لما كان معنى العصف الشدة لأنه من عصف الزرع بمعنى هشمه، وكسره كان صفة للريح لا لزمان هبوبها فوصفه به على الإسناد المجازي كنهاره صائم للمبالغة فيه ولم يحمله على الجرّ الجواري لأن شرطه أن يصح وصف الأوّل به، وهو لا يصح هنا لاختلافهما تعريفا وتنكيراً، وكون أصله عاصف الريح والتنوين عوض عن المضاف إليه ضعيف. قوله :( شبه صنائعهم الخ ) الصنائع جمع صنيعة، وهي الإحسان يقال اصطنع إليّ زيد إذا أحسن فالتشبيه إما لأعمالهم الحسنة التي عملوها في الكفر للرياء