ج٥ص٢٦٧
وكثير، ومتوسط فالكثير أن يكون قبله قول بصيغة الأمر كما هنا والمتوسط ما تقدمه قول غير أمر كقوله :
قلت لبواب لديه دارها تيذن فإني حمؤها وجارها
والقليل ما سواه، وقوله ليصح تعلق القول بهما أي يكونان مقولاً له لا أنّ مفعوله محذوف كما في الإعراب الأوّل، وقوله وإنما حسن الخ قد علمت وجهه مما نقلناه عن ابن مالك رحمه الله. قوله :
( محمدتفدنفسك كل نفس إذاماخفت من أمرتبالا (
تيل إنه للأعشى من قصيدة مدح بها النبيّ ﷺ، ومحمد منادى حذف حرف النداء وأراد
لتقد فحذف لام الأمر، والتبات والتبال بفتح أوّلهما متقاربان قال الجوهريّ : تبلهم وأتبلهم بمعنى أهلكهم، والمعنى لتفد نفسك يا رسول الله كل نفس أي تكن فداء لها فإذا خفت هلاكا من شيء فليصب غيرك. قوله :( وقيل هما جواباً أقيموا الخ ) تفدم أنه قول لبعض النحاة، وأنه
عزى للمبرد رحمه الله، وقوله مقامين مقامهما بضم الميمين، والأوّل اسم مفعول !ه والثاني اسم مكان فيكونان داخلين في مقول قل، وقوله لأنه لا بد من مخالفة الخ. يعني لا بد من تخالفهما في الفعل أو في الفاعل أو فيهما كما مرّ تحقيقه نحو ائتني أكرمك، وأسلم تدخل الجنة، وقم أقم، وقيل عليه لم لا يجوز أن يكون من قبيل :( من كانت هجرقه إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) ( ١ ) أي أن يقيموا يقيموا إقامة مقبولة نافعة ولا يخفى أنّ هذا إذا ذكر أو قامت عليه قرينة، وهنا ليس كذلك فهو دعوى بلا شهود، والعقل قاض بخلافها. قوله :( ولأن أمر المواجهة لا يجاب بلفظ الغيبة إذا كان الفاعل واحدا ) إنما قيده باتحاد الفاعل لانه عند الاخلاف يجوز نحو أقيموا يقيموا، وقد سمعت قوله في الدرّ المصون أنه يجوز وإن اتحدا كما مرّ، ولذا قيل إنه إن أراد أنه إذا كان محكيا بالقول فغير مسلم فإنه يجوز فيه تلوين الخطاب نظراً للأمر، والمأمور وان أراد بدونه كلا يفيد. قوله :( منتصبان عنى المصدر ) أي أصله إنفاق سر فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه أو هو صفة له قامت مقامه، وإذا كان حالاً فيؤول بالمشتق أو يقدر له مضاف أو منصوب على الظرفية أي في السرّ، والعلانية، وبينه !بمانّ نفقة السرّ في التطوّع، والعلانية في الواجب كالزكاة. قوله :( ولا مخالة الخ ) يعني الخلال مصدر بمعنى المخالة، وهي المصاحبة، والمصادمة يقال خاللته مخالة، وخلالاً قال :
ولست بمقلي الخلال ولا قالي
وقيل إنه جمع خلة كبرمة وبرام، وقوله قبل هذا فيبتاع المقصر ما يتدارك به تقصيره أو يفدي به نفسه إشارة إلى أنه متعلق بقوله ينفقوا، وقيل إنه متعلق بالأمر المقدر لعدم الفائدة في تعلقه بينفقوا، وليس بشيء لأنّ المحنى ينفقوا نفقة مطلوبة لهم مفيدة مثمرة فإنّ القصد منه الحث على الإنفاق لوجه الله من قبل أن يأتي يوم ينتفع المنفقون بإنفاقهم، ولا ينفع الندم لمن أمسك والعدول إلى قوله :﴿ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ﴾ ليفيد الحصر، وانّ ذلك هو المنتفع به، ولفيد المضادّة بين ما ينفع عاجلا، وآجلا، وقد مرّ في قوله :﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٥٤ ] أنّ المعنى من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق لأنه لا بيع فيه حتى يبتاع ما ينفق، ولا أخلاء يبذلون ما ينفق لهم، وفرق
صاحب الكشف بينهما، وبين وجه اختصاص كل من التفسيرين بمحله، وقوله ولا مخالة معناه، ولا مخالة نافعة بذاتها في تدارك ما فات فلا ينافي قوله تعالى ﴿ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ لأنه أثبت فيه المخالة، وعدم العداوة تبين المتقين، ولم يذكر فيها أنهم يتداركون لهم ما فاتهم فما قيل في التوفيق بينهما أنّ المراد لا مخالة بحسب ميل الطبع، ورغبة النفس وتلك المخالة في الله مع أنّ الاستثناء من الإثبات لا يلزمه النفي، وان سلم لزومه فنفي العداوة لا يلزم منه وجود المخالة. قوله :( أو من قبل أن يأتي يوم لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله تعالى } على الوجه الأوّل المنفي البيع، والخلال في الآخرة، والمعنى لا يجد في ذلك اليوم ما يبتاع ليتدارك به ما فرط فيه، ولا خليلا يبذل ذلك، وعلى هذا المراد نفي البيع، والخلة اللذين كانا في الدنيا بمعنى نفي الانتفاع بهما من حيث ذاتهما، والانتفاع بما كان منهما لوجه الله ففيه ظرف للانتفاع المقدر


الصفحة التالية
Icon