ج٥ص٣٠٠
التقدير إلا بلكن كذا قرّره أبو حيان والزمخشري، وفي كون إلا الاستثنائية تعمل عمل لكن خفاء من جهة العربية، وقد قرّره المعرب، وقال إنه إذا لم يذكر له خبر يقدر والظاهر أنّ المراد أنه في معنى ذلك، وقولهم يجري مجرى الخبر إشارة إلى أنه ليس خبراً في الحقيقة لأن ما بعد إلا منصوب في الحقيقة على الاستثناء، ومن لم يتنبه لهذا قال إنما قاله لأن الخبر محذوف تقديره ما أرسلنا إليهم، وهذا دليله لتلازمهما ولذا لم يجعله نفس الخبر بل جار مجراه. قوله :( وعلى هذا جاز أن يكون قوله إلا امرأته استثناء من أن لوط ) فيفيد أنها غير ناجية، وفيه ردّ على الزمخشري إذا لم يجوّز إلا الوجه الثاني، وسنحققه لك. قوله :) أو من ضميرهم ) بكسر الهاء أي ضمير الآل أو بضمها أي من ضمير هو لفظ هم في قوله :﴿ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ ﴾ والمقصود فيهما واحد، وكذا قوله من ضميرهم المذكور بعده. قوله :( وعلى الأوّل لا يكون إلا من ضميرهم ( أي على الاتصال لأنه ذكر أوّلاً هنا وان كان ثانيا فيما تقدم فيتعين على هذا كونه مستثنى من ضمير لمنجوهم فتكون امرأته مجرمة، ولا ينافيه ظاهر قول آل لوط لعمومه لأن المراد بآل لوط عليه الصلاة والسلام المؤمنون به كما مرّ في كلامه مع أنّ تقديرها في الغابرين، واخراجها من الناجين دال على تخصيصه بغيرها، وما ذكره مبنيئ على أن تخلل جملة بين المستثنى، والمستثنى منه منقطعة عنهما كالمستأنفة مانع من جواز الاستثناء، وقد صرّح به الرضي، وشراج الكشاف. قوله :( لاختلاف الحكمين الخ ( أي لا! آل لوط متعلق بأرسلنا والا امرأته متعلق بمنجوهم فأنى يكون استثناء من اسنثناء كما في الكشاف، وهو مراد المصنف رحمه الله، وفي التقريب قد يتوهم أنّ الارسال إذا كان بمعنى الاهلاك فلا اختلاف إذ التقدير إلا آل لوط لم نهلكهم فهو بمعنى منجوهم، وجوابه أنّ الاستثناء من الاستثناء شرطه أيضاً أن لا يتخلل لفظ بين الاستثناءين متعدد يصلح مستثنى مته، وههنا تخلل إنا لمنجوهم فلو قال إلا آل لوط إلا امرأته لجاز ذلك، وارتضاه الشارح الطيبي رحمه الله وهذا لا يدفع الشبهة لأنّ السبب حينئذ في امتناعه وجود الفاصل لا اختلاف الحكمين فلا وجه للتعبير به عنه، وما قيل في تأويله إنّ هنا حكمين الإجرام، والإنجاء فيجرّ الثاني الاستثناء إلى نفسه كيلا يلزم الفصل إلا إذا جعل اعتراضا فإنّ فيه سعة حتى يتخلل بين الصفة، وموصوفها فيجوز أن يكون استثناء من آل لوط ولذا جوّر الرضي أن يقال أكرم القوم، والنحاة بصريون إلا زيداً لا يخفى أنه مقرّر إلا أنه لا يغني شيئآ في دفع ما أورد على كلام التقريب، ومن ارتضاه. قوله :) اللهنم إلا أن يجعل إنا لمنجوهم اعتراضا ) قيل إنه استعان بالله لضعفه لأنّ الاعتراض بماله تعلق بالطرفين بعيد، ولا وجه له لأنه لتقرير الكلام الواقع فيه وتعلقه بهما أقوى في ذلك. فإن قلت لم لا
يرجع إليهما قلت لأنّ الاستثناء متعلق بالجملة المستفلة والخلاف في رجوعه إلى الجملتين فصاعدا لا إلى جملة، وبعض جملة سابقة هذا، والمعنى مختلف في ذلك ومحل الخلاف الجمل المتعاطفة لا المنقطع بعضها عن بعض كذا في الكشف، واعلم أن تحقيق هذا المقام أنّ الزمخشريّ جوّز في استثناء إلا آل لوط أن يكون من قوم منقطعا بملاحظة الصفة لأنهم ليسوا قوما مجرمين أو من الضمير المستتر في مجرمين فيكون متصلا لرجوع الضمير إلى القوم فقط فبخرجون من حكم الإجرام، وعلى الانقطاع وهم مخرجون من حكم الإرسال المراد به إرسال خاص، وهو ما كان للإهلاك لا مطلق البعث لاقتضاء المعنى له، وعلى الاتصال هم مخرجون من حكم المستثنى منه، وهو الاجرام داخلون في حكم الارسال بمعنى البعث مطلقا، وجملة :﴿ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ ﴾ في المعنى خبر لكن المؤوّل بها، وليس خبراً حقيقياً كما صرح به النحاة وأشير إليه هنا، وعلى الاتصال هي مستأنفة، والا امرأته مستثنى من ضمير منجوهم المضاف إليه وليس مستثنى من المستثنى سواء كان متصلاً أو لا لاختلاف الحكمين أي الحكم المخرج منه المستثنى الأوّل والمخرج منه الثاني لأنّ المخرج منه على الانقطاع الحكم بالارسال بمعنى الاهلاك، ولو أخرجت امرأته منه لكانت غير مهلكة، وليس كذلك وعلى الاتصال الاجرام، ولو أخرجت منه كانت غير مجرمة، وليس كذلك فتعين إخرأجها من حكم الإنجاء هذا تقرير كلامه، وقال القاض!ي : إنه على الانقطاع يجوز أن يجعل إلا امرأته مستثنى من آل لوط أو من ضمير منجوهم، وعلى الاتصال يتعين الثاني لاختلاف الحكمين إلا إذا