ج٥ص٣١٣
الأحكام عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأشار المصنف رحمه اللّه تعالى إلى الجواب عنه بأنّ كونه أدنى النعمتين غير مسلم، واًن ذكر بعض المنافع لا ينافي غيرهما، والآية وردت للامتنان عليهم بما ألفوه واعتادوه، وهو الركوب والتزين بها لا اكل بخلاف النعم فذكر أغلب المنفعتين عندهم وترك الأخرى اكتفاء بذكره أوّلاً كيف وحرمة لحوم الحمر الأهلية إنما وقعت عام خيبر عند أكثر المحدثين، وهذه الآية مكية فلو علم منها ذلك كان ثابتا قبله ( وفيه بحث ( لأنّ السورة وان كانت مكية يجوز كون هذه الآية مدنية، ويؤيده ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فتأمّل فإن الاستدلال بها لا يخلو من الكدر، وقوله :( على أن الحمر الأهلية الخ ( يعني ولو كانت الآية دالة على حرمة لحوم الخيل لدلت على حرمة لحوم الحمر أيضاً لكونهما على سنن
واحد في النظم، وهو إشارة إلى ما في مسلم وغيره " نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الآهلية " ( ١ ). قوله :( لما فصل الحيوانات الخ ) إشارة إلى تفاوت مراتب الاحتياج وأن منها ما هو ضرورفي، وما هو غير ضروريّ، وقوله أجمل غيرها إشارة إلى أن قوله ويخلق ما لا تعلمون بمعنى ويخلق غير ذلك، والتعبير عنه بذلك لأن مجموعها غير معلوم، وقوله :( ويجوز الخ ) فما لا تعلمون على ظاهره، وأنه مما لا يحتاج إليه، وأن يراد معطوف على أن يكون، وهو مخصوص بما في الجنة، وكونه غير معلوم لنا، وقوله :( ما لم يخطر ( إشارة إلى الحديث المشهور. قوله :( بيان مستقيم الطريق الخ ( ليس القصد هنا مصدر قصدته بمعنى أتيته بل هو بمعنى تعديلها وهو مصدر وصف به فهو بمعنى قاصد يقال سبيل قصد وقاصد أي مستقيم، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك، ولا يعدل عنه فهو نحو نهر جار وطريق سائر ولما كان على للوجوب ولا وجوب على الله عندنا كما ذكره الزمخشري كان معناه أنه لتحتمه وتعينه بطريق الوعد به تفضلاً كالواجب اللازم عليه كما أشار إليه بقوله رحمة الخ واللازم ليس هو مستقيم الطريق بل الهداية إليه وبيانه للعباد فلذا قدروا فيه مضافا، وهو البيان كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى أو الهداية كما في الكشاف لقوله تعالى :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾ [ سورة الليل، الآية : ١٢ ] أو هو مصدر بمعنى الإقامة، والتعديل أي اظهاره بالحجج والبراهين وارسال الرسل عليهم الصلاة والسلام، وانزال الكتب ولا حاجة إلى تقدير المضاف على هذا والموصل صفة مستقيم لا صفة الطريق، لأن كل طريق موصل إلى الحق مستقيم، وإنما قيل إن عليه بيان الطريق المستقيم دون ضده، لأنه ما عدأه فيعلم من بيانه بيانه وترك ذكره لعدم الاعتداد به، وإيهام أنه غير محتاج إلى البيان، وقد علم مما مرّ الفرق بين الوجهين باختلاف معنى القصد فيهما، والاحتياج إلى التقدير وعدمه وقيل الأوّل مبنيّ على ملاحظة وجود الطريق المستقيم، وتحققها وكونها مفروغا عنها دون الثاني. قوله :( أو عليه قصد السبيل الخ ) يعني أن على
ليست للوجوب واللزوم، والمعنى أن قصد السبيل ومستقيمه موصل إليه، ومارّ عليه فشبه ما يدلّ على الله بطريق مستقيم شأنه ذلك، وقوله :( والمراد بالسبيل الجنس الخ ) أي هو شامل للمستقيم، وغيره فإضافة القصد بمعنى المستقيم إليه من إضافة الخاص إلى العامّ لا من إضافة الصفة إلى الموصوف، واليه أشار بقوله ولذلك الخ فإن إضافة الصفة إلى الموصوف خلاف الظاهر فلذا استدلّ به عليه وكذا استدل بقوله منها فإن الجائر ليس منها بل قسميها، وأمّا عود الضمير على المطلق الذي في ضمن المقيد فخلاف الظاهر، ونحن في غنى عنه بقصد السبيل. قوله :( حائد عن القصد الخ ) حائد بالحاء والدال المهملتين اسم فاعل من حاد بمعنى عدل، وفي نسخة مائل، والوجه الأول ناظر إلى تفسير القصد بالقاصد والإقامة والتعديل، والثاني إلى الأخير. قوله :( وتغيير الأسلوب لآنه ليس بحق الخ ( الجور العدل عن الاستقامة وطريق جائر غير مستقيم قال :
ومن الطريق جائر وهدى قصد ال!سبيل ومنه ذودخل
فكان الظاهر، وعلى الله قصد السبيل، وعليه جائرها فعدل عن ذلك لأن الضلال لا يضاف إلى الله إما لأنه غير خالقه كما هو مذهب المعتزلة كما في الكشاف، وقد جعلوا الاية حجة لهم أو لأنه لا يليق أن يضاف إليه تأدبا هو كقوله :﴿ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ﴾ [ سورة الفاتحة، الآية : ٧ ] والمصنف رحمه الله تعالى أشار إلى