ج٥ص٣١٩
وقوله والمراد بالنجم الخنس أراد بالجنس السيارة منها، وقد تطلق على النجوم كلها وعلى زحل، والمشتري والمرّيخ لأنها تخنس في مجراها أي ترجع هذا إن كان الخنس بخاء معجمة مضمومة، ونون مشددة مفتوحة وسين مهملة، وفي نسخة الجنس بجيم مكسورة ونون ساكنة، وسين مهملة أي تجنس النجوم، وهي أظهر عندي.
قوله :( ويدل عليه قراءة الخ ) إمّا على أنه جمع نجم كسقف، وسقف ورهن ورهن، وتسكينه للتخفيف أو على أنّ أصله نجوم فخفف بترك الواو، وأورد عليه أنه لا اختصاص له بهذا التفسير بل هو مؤيد للوجه الثاني أيضا إذ فيه معنى الجمعية، وكونه مؤيداً ﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ ﴾ [ سورة الغاشية، الآية : ٧ ] فالوجه أنّ مراده أن النجم غلب على الثريا وأصله العموم فذكر أنه باق على أصله بدليل هذا القراءة فالدليل نسبيّ شامل لهما، وخصه بما ذكر لأنه الأصح عنده والثريا والفرقدان نجوم معروفة، وقوله وبنات النعش كذا وقع في النسخ بالألف، واللام والصواب إسقاطها لأنه علم، وأحكام العلمية تراعي في الجزء الثاني في مثله كما هو مقرّر عندهم قال الجوهري : اتفق سيبويه، والفراء على ترك صرف نعش للمعرفة، والتأنيث قال البدر الدماميني : الظاهر أن المراد ترك الصرف جوازاً لا وجوبأ لأنه ثلاثيّ ساكن الوسط كهند فيجوز فيه الأمران، والجدي نجم عند القطب تعرف به القبلة، والمنجمون يقولون له جدفي بالتصغير فرقاً بينه، وبين اسم البرج المعروف فيصح قراءته في عبارة المصنف رحمه الله تعالى مصغراً ومكبراً. قوله :( ولعل الضمير لقريش الخ ا لما كان ما قبله على سنن
الخطاب، وقد أخرج هذا إلى الغيبة، وخصص هؤلاء الغائبون بالاهتداء دون غيرهم لتقديمهم على يهتدون وخصص اهتداؤهم بالنجم دون غيره حيث قدم بالنجم على عامله، وهو يهتدون جعل المصنف رحمه الله تعالى تبعاً للزمخشري الخطاب في الآيات السابقة لجميع الناس، والمراد بهؤلاء قريش، ولما امتازوا من بينهم بالاهتداء بالنجوم لكونهم أصحاب رحلة وسفر خص بهم، وعدل عن سنن الخطاب إلى الغيبة وعبر بكلمة التوقع لاحتمال عموم الضمير لكل عارف بسلوك البر والبحر، وتغيير التعبير للالتفات واحتمال تقديم بالنجم للفاصلة وتقديم الضمير للتقوّى. قوله :) انكار بعد إقامة الدلائل ) إشارة إلى معنى الهمزة، وأنه استفهام إنكارقي وأنّ معنى الفاء التعقيب والتفريع للمستدل عليه على الدليل، والدلائل المذكورة ما ذكره من أوّل السورة إلى هذه الآية، وقوله لأن يساوبه متعلقة بانكار يعني أنّ المساواة بعد ما ذكر منكرة قطعاً والانكار بمعنى النفي للمساواة، وليس لانكار تسوية الكفار حتى يكون بمعنى عدم الابتغاء، وان لزمه ذلك. قوله :( والتفرّد بخلق ما عدّد من مبدعاته الخ ( إشارة إلى أنّ مفعول بخلق محذوف استغناء عنه بما مر أي أفمن يخلق ما ذكر من المخلوقات البديعة، وقوله ما لا يقدر على خلق شيء إشارة إلى أن مفعول لا يخلق مقدر أيضا لكنه عام أي كمن لا يخلق شيئاً ما جليلاً أو حقيراً، وبجوز أن يكون العموم فيه مأخوذاً من تنزيله منزلة اللازم وهو يفيد العموم في المنفي أيضا، ومن هذا علم أنه لا يتوجه الاحتجاج بالاية على المعتزلة في إبطال قولهم بخلق العباد لأفعالهم كما وقع في كتب الكلام لأنّ السلب الكليّ لا ينافي الإيجاب الجزئي وقوله لأن يساويه وقع في نسخة لأن يساوي بدون الضمير فما لا يقدر مفعول يساوي أو المشاركة تنازعا فيه وفاعلهما ضير الله، وعلى النسخة الأولى ما فاعل يساوي أو يستحق على التنازع أيضاً. قوله :( وكان حق الكلام أفمن لا يخلق كمن يخلق الخ ) أي حقه هذا بحسب الظاهر في بادىء النظر لأنّ المقصود إلزام عبدة الأصنام، وسموها آلهة تشبيهأ باللّه، وهم جعلوا غير الخالق مثله فكان حقه أفمن لا يخلق كم يخلق ووجه الجواب أنّ وجه التشبيه إذا قرن بين المشبه والمشبه به رجع التشبيه إلى التشابه فيقال وجه الخلفية كالقمر والقمر كوجه الخليفة، والمشركون لما عاملوا الأصنام معاملة الإله الخالق إذ سموها آلهة، وعبدوها فلم يبقى عندهم فرق بينها وبينه تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا فحصل التشابه فلذا عبر بما ذكر أو
هو من التشبيه المقلوب إذ من حق المشبه أن يكون أحط من المشبه به فيما وقع في المشبه فإذا عكس كان فيه مزيد تقريع وتجهيل، وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمل هذين الوجهين. قوله :( والمراد بمن لا يخلق كل ما عبد من دون الله ا لما كان الظاهر ما لا يخلق لأنّ الكلام في الأصنام، وهي لا تعقل دفعه بأنه ليس مخصوصا بها