ج٥ص٣٣٨
معطوف على قوله إنما هو إله
واحد أو على الخبر اً و مستأنف، وقوله خلقا وملكا منصوب على التمييز للنسبة وبيان لجهة الاختصاص فيه، وفسر الدين بالطاعة وسيأتي تفسيره بالجزاء وهما أحد ما له من المعاني، وفسر واصباً بمعنى لازما على أنه حال من ضمير الدين المستكن في الظرف، والظرف عامل فيه، والوصب ورد في كلامهم بمعنى اللزوم والدوام، ولذا قيل للعليل وصب لمداومة السقم له. قوله :( من أنه الاله وحده ) هو معنى قوله إنما هو إله واحد، وقوله والحقيق بأن يرهب منه معنى قوله فإياي فارهبون ولم يقل الواجب أن يرهب مع أنه مدلول الأمر وأقوى بحسب الظاهر المتبادر لأن ما ذكره مؤدي النظم وهو إن كنتم راهبين فارهبون إذ معناه أنه لا تليق الرهبة، وتحق إلا لي، وهو أبلغ من الوجوب إذ قد يجب شيء والحقيق غيره، وأوفق بالواقع وأنسب الاختصاص. قوله :( وقيل واصباً من الوصسب ( كالتعب لفظا ومعنى، وفاعل حينئذ للنسب كلابن وتامر لأنّ فيه تكاليف، ومشاق متعبة للعباد، واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله ذا كلفة، وإذا كان الدين بمعنى الجزاء كان واصبا بمعنى دائما، وثوابه فاعل ينقطع أو مبتدأ خبره لمن الخ، وخص العقاب بالكفرة دون فسقة المؤمنين لأنه الدائم، وما سواه منقطع ولو عمم، واعتبر الدوام بالنظير للجميع جازو لكن لا حاجة تدعو له. قوله تعالى :﴿ أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ﴾ الفاء للتعقيب، والهمزة للإنكار أي أبعد ما تقرّر من توحيده وكونه المالك الخالق لا غير فتتقون غيره والمنكر تقوى غير الله لا مطلق التقوى، ولذا تدم الغير وأولى الهمزة لا للاختصاص حتى يرد أنّ انكار تخصيص التقوى بغيره لا ينافي جوازها، ولو اعتبر الاختصاص بالإنكار لصح فيكون التقديم لاختصاص الإنكار لا لإنكار الاختصاص فتأمّل. قوله :( ولا ضاز سواه كما لا نافع غيره ( إذا كان لا ضار سواه علم منه لا ينبغي أن يتقي غيره، وقد أشار بقوله كما لا نافع غيره إلى ارتباط قوله :﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ فإنه كان الظاهر وما يصيبكم سوء إلا منه فكيف يتقي غيره فأشار إلى أنه ذكر النفع لأنه الضار النافع، وأنه اقتصر عليه اكتفاء بسبق رحمته وعمومها، وقوله وأفي شيء اتصل بكم أشار بأي إلى عموم ما على تقديري الموصولية والشرطية، وبقوله اتصل إلى أن الباء للالصاق، وأنه شامل للاتصاف وغير. ، وفي الكشاف حل بكم أو اتصل بكم، وأشار به إلى تعميم متعلق الظرف. توله ة ( وما شرطية او موصولة ( إذا كانت موصولة فهي مبتدأ والخبر قوله من اللّه والفاء زائدة في الخبر لتضمنه معنى الشرص، ومن نعمة بيان للموصول، والجار والمجرور صلة وإذا كانت شرطية ففعل الشرط مقدر بعدها كما ذكره الفراء، وتبعه الحوفي، وأبو البقاء وتقديره ما يكن بكم من نعمة الخ، واعترض بأنه لا يحذف فعل الشرط إلا بعد أن خاصة في موضعين باب الاشتغال نحوه وأن أحد من المشركين
الخ، وأن تكون أن الشرطية متلوة بلا النافية، وقد دل على الشرط ما قبله كقوله : فطلقهافلست لهابكفء وألايعل مفرقك الحسام
وما عدا ذلك ضرورة والجواب أنّ الفراء لا يسلم هذا والوجه المذكور مبني على مذهبه. قوله :( متضمنة معنى الشرط باعتبار الأخبار ) إشارة إلى ما ذكره النحاة. قال في إيضاح المفصل في هذه الآية إشكال من حيث إن الشرط وما شبه به يكون الأوّل فيه سبباً للثاني تقول أسلم تدخل الجنة فالإسلام سبب لدخول الجنة وهنا على العكس وهو أنّ الأوّل استقرار النعمة بالمخاطبين والثاني كونها من الله تعالى فلا يستقيم أن يكون الأوّل فيه سببا للثاني من جهة كونه فرعا عنه، وتأويله أن الآية جيء بها لإخبار قوم استقرت بهم نعم جهلوا معطيها أو شكوا فيه فاستقرارها مشكوكة أو مجهولة سبب للأخبار بكونها من الله عز وجل فيتحقق أنّ الشرط، والمشروط على بابه وأن ذلك صح من حيث إنّ جواب الشرط لا يكون إلا جملة، ويكون معنى الشرط فيها إما مضمونها، دماما الخطاب بها فمثال المضمون قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٧٤ ] الآية، ومثال الخطاب بها قولك إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس، والمعنى بالمضمون معنى نسبة الجملة كقوله :﴿ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ فثبوت الأجر لهم هو مضمون الجملة، وهو مسبب عن الإنفاق، والمعنى بالخطاب بها أن يكون نفس الإعلام بها هو المشروط لا مضمونها ألا ترى أنك لو جعلت


الصفحة التالية
Icon