ج٥ص٣٥٨
قبله في قوله أخرجكم لا على أنّ المخاطب من وقع في قوله ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ﴾ بتلوين الخطاب لأنه التناسب للاستفهام الإنكاري في ألم يروا، ولذا جعل قراءة الغيبة باعتبار غيبة يعبدون، ولم يجعلوه التفاتاً وحينئذ فالإنكار باعتبار اندراجهم في العامة، ولما فيه من الخفاء نص عليه فسقط ما قيل إنّ الخطاب وجهه ظاهر لأن ما قبله، وما بعده كذلك، والمحتاج إلى التوجيه قراءة الغيبة، وأمّا ما قيل إنّ مصاحف دياره بالياء التحتية فلذا احتاج لتوجيه الخطاب فتلفيق وتلزيق لأنّ النقط، والشكل ليس في المصاحف العثمانية وإنما كان بعد ذلك. قوله :) بما خلق لها من الأجنحة الخ ( المؤاتية بمعنى الموافقة، وترد بمعنى المساعدة تقول آتيته على كذا مؤاتاة إذا وافقته وطاوعته، والعامة تقول، وأتيته كما تقول واسيته، وهو خطأ عند بعضهم وصوابه الهمز، وصححه بعض أهل اللغة أيضا، وفسر الزمخشري الجوّ مطلقا بالهواء المتباعد من الأرض ووقع في بعض كتب اللغة تفسيره بالهواء مطلقا فإمّا أن يكون المصنف رحمه الله تعالى تبعه فيه أو هو تفسير للجوّ المضاف للسماء، وعن كعب أن الطير لا يرتفع أكثر من اثني عشر ميلا، والعلاقة بكسر العين ما يعلق به والدعامة بكسر الدال المهملة، والعين المهملة ما يدعم به الشيء أي يجعل تحته لئلا يقع كالعمود، وجملة ما يمسكهن حال من ضمير مسخرات أو من الطير أو مستأنفة. قوله :( تسخير الطير للطيران ( مجرور عطف بيان لذلك، وتفسير للمشار إليه، ويصح رفعه، ونصبه ويجوز أن يدرج في معنى اسم الإشارة ما قبله من قوله، والله أخرجكم فيظهر معتى الجمعية في آيات، وقوله الطيران فيه أي في الجوّ، وفي بعض النسخ فيها أي في الأهوية وقيل إنه على تأنيث الجوّ باعتبار الجوّة التي هي لغة فيه، وقوله على خلاف طبعها يعني الهوفي لجهة السفل كما هو شأن الأجسام والإجرام، وقوله بحيث يمكن لطيران لخفته، والهامه التحرك كالسابح في الماء إلى غير ذلك، وقوله لأنهم المنتفعون بها بيان لوجه التخصيص مع ظهور
الآيات لغيرهم، وفيه إشارة إلى أنّ لام الاختصاص يفههم منها النفع. قوله :( موضعاً تسكنون فيه ) وحده لأنه بمعنى ما يسكن أي المسكون فيه لأن فعلا بمعنى مفعول أو لأنه في الأصل مصدر، ومن بيانية الجار والمجرور حال، والمدر بفتح الدال المهملة الطين اليابس، والقباب جمع قبة، وهو ما يرفع للدخول فيه، ولا يختص بالبناء كما في العرف، وفي لفظ الاتخاذ ما يشعر به لأنه لا يشترط في التسمية السكنى بالفعل، والأدم بفتحتين جمع أديم، وهو الجلد المدبحوغ أو اسم جمع له. قوله :( ويجورّ أن يتناول المتخذة من الوبر ) وهو شعر الإبل، والصوف للغنم، والشعر لغيرهما وتخصيص المصنف رحمه الله تعالى له بالمعر فيما سيأتي باعتبار ما ذكر من الأنعام، وهو المراد هنا أيضا، ولا يرد عليه أنه على كونه بمعنى الأدم من تبعيضية، وإذا أريد الوبر ونحوه فهي ابتدائية فإذا عمم لزم استعمال المشترك في معنييه لأنّ المصنف رحمه الله تعالى ممن يجوزه، وقيل الجلود مجاز عن المجموع، وقوله تجدونها إشارة إلى أنّ السين ليست للطلب بل للوجدان كأحمدته وجدته محموداً. قوله :( وقت ترحالكم ) كذا في أكثر النسخ، وهو ظاهر وفي بعضها يوم وقت ترحالكم، وكان وجهها أنه تفسير لليوم بمعنى الوقت، ومطلق الزمان فوقت بدل من يوم أو مرفوع خبره والأولى أولى ولما كانت خفتها في السفر أعظم منه قدمت ولذا وجه خفة الحضر بأنها يخف ضربها، ونقلها فيه إذ قد تضرب في الحضر، وتنقل لداع لذلك كما سيأتي وقوله ووضعها أي على الأرض، وهو مرفوع عطف على حملها، وكذا ضربها وأو للتقسيم. قوله :( أو النزول ) هذا هو التفسير الثاني، وهو أنّ المراد بالظجن ترحال المسافر وبالإقامة نزوله في متأهله، ومراحله، وعلى الأوّل الظعن السفر، والإقامة الحضر قيل، والثاني أولى إذ ظهور المنة في خفتها في السفر أقوى إذ لا يهم المقيم أمرها، وقيل ينبغي أن يكون الأول! أولى لشموله حالي السفر والحضر، ولأنّ حالي الترحل والنزول اندرجا في الظعن مقابل الحصر والخفة فيهما نعمة وقد تنقل في الحضر لداع يقتضي ذلك كما قيل :
تنقل فلذات الهوى في التنقل
والاندراج المذكور غير ظاهر لأنّ من ذهب إلى التالي لا يجعل الطعن مقابل الحضر بل
مقابل النزول ففيه نظر، وقوله بالفتح هما لغتان فيه، والفتح كما في المعالم أجزل اللغتين وقيل الأصل الفتح، والسكون تخفيف لأجل حرف الحلق كالشعر والشعر، وقوله الضائنة الضائن خلاف