ج٥ص٣٦٦
المتكلمون لما يقابل الجوهر، وفي بعضها عوض بالواو وهو ظاهر، وقوله إن كنتم من أهل العلم إشارة إلى أنه منزل منزلة اللازم لا أن مفعوله محذوف، وهو فضل ما بين العوضين لأنّ هذا أبلغ ومستغن عن التقدير. قوله :) ينقضي ويفني ) مبتدأ وخبر من النفاد بالدال المهملة بمعنى الفناء، والذهاب يقال نفد بكسر العين ينفد بفتحتها نفاداً ونفوداً، وأما نفذ بالذال المعجمة ففعله نفذ بالفتح ينفذ بالضم، وسيأتي تحقيقه، وقوله من خزائن رحمته أي من رحمته المخزونة عنده، وفيه استعارة مكنية لتشبيه رحمته بالجواهر والنفائس التي تخزن وكونه تعليلا لكون ما عنده خيراً ظاهر، وكونه دليلا على بقاء نعيم الجنة بمعنى بقاء نوعه بناء على أنّ المراد بما عنده ما أعذه لهم في الآخرة. قوله :( على الفاقة ( أي الفقر، وقوله على مشاق التكاليف فيعئم جميع المؤمنين وقوله بالنون أي بنون العظمة في أؤل المضارع على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. قوله :( بما ترجح فعله الخ ( لما كان ظاهر النظم أنهم لا يجازون على الحسن منها أؤله بأنّ المراد بالأحسن ما ترجح فعله على تركه فيشمل الواجب والمندوب، والحسن هو المباج فإنه لا يثاب عليه، والمراد بالأعمال ما يشمل الأعمال القلبية ككف النف!س عن المحزمات والمكروهات والعزم على فعل الخيرات، وقوله أو بجزاء أحسن من أعمالهم فأحسن صفة الجزاء، وكونه أحسن لمضاعفته، وهذا جواب آخر بأنّ الإضافة على معنى من التفضيلية، والإضافة إلى جنسه، والباء على هذا صلة نجزين وعلى الأول سببية، وقيل أحسن بمعنى حسن وأما الجواب بأنه إذا جازى على الأحسن علمت مجازاته على الحسن بالطريق الأولى فغيره مسلم. قوله :) بينه بالنوعين ( أي الذكر والأنثى دفعأ لتوهم تخصيصه بالذكور لتبادره من ظاهر لفظ من فإنه مذكر وان شملهما بدون تغليب ولأنّ النساء لا يدخلن في اً كثر الأحكام والمحاورات لا سيما وقد عاد عليه ضمير مذكر. قوله :) إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة الخ ( معنى قوله، وهو مؤمن، وهو ثابت على إيمانه إلى أن يموت كما تفيده الجملة الاسمية، وجعل حياته طيبة كلها فلا حاجة إلى قيد آخر ليخرج من ارتد خصوصا، والمصنف ممن يعتبر الموافاة. قوله :) وإنما المتوقع عليها تخفيف العذاب ( قيل إنما عبر بالمتوقع لتعارض الأدلة،
والنصوص في تخفيف عذاب الكفرة بسبب أعمالهم الحسنة كقوله :﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ﴾ [ سورة النحل، الآية : ٨٥ ] وقوله :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [ سورة الزلزلة، الآية : ٧ ] وحديث أبي طالب أنه :" أخف الناس عذاباً " ورذ بأنّ هذا الحديث لا يدل إلا على تفاوت عذاب الكفرة بحسب تفاوت شرورهم زيادة ونقصانا ولا نزاع فيه، وليس بشيء لأنه لا شيء أشد من الكفر المستحق صاحبه للعذاب الأليم، وقد ورد في حق أبي طالب إنه لمحبته وحمايته للنبيّ ﷺ خفف عذابه، وفي البخارقي ما معناه " إنه في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه " فقال الإمام الكرماني في شرحه فإن قلت أعمال الكفار كلها هباء منثوراً يوم القيامة فكيف انتفع أبو طالب بعمله حتى شفع له ﷺ قلت ليس هذا جزاء لعمله بل أو هو لرجاء غيره أو هو من خصائص نبينا مجتي! وبه يظهر التوفيق وسيأتي له تفصيل إن شاء الله تعالى. قوله :( كان يطيب عيثه بالقناعة والرضا بالقسمة ( أي بما قسم الله له وقدره، والأجر العظيم في الآخرة على تخلف بعض مراداته عنه وضنك عيشه وهذه الأمور لا بد من وجود بعضها في المؤمن والأخير عام شامل لكل مؤمن فلا يرد عليه أن هذا لا يوجد في كل من عمل صالحاً حتى يؤول المؤمن بمن كمل إيمانه أو يقال المراد من كان جميع عمله صالحاً، وتوقع الأجر العظيم إما على صبره على العسر أو على عمله الصالح، وأن يتهنأ بالهمزة في آخره، وقد تبدل ألفا، وهو مفعول يدع أي يترك وقوله وقيل في الآخرة معطوف على قوله في الدنيا، وقوله من الطاعة مر بيانه. قوله :( ١ ذا اردت قراءته ( يعني أنه مجاز مرسل كما في الآية المذكورة كما تشهد له فاء السببية والحديث المشهور عن جبير أن النبي ﷺ كان يقول قبل القراءة :" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وغيره مما استفاض! رواية وعملا وتفصيله في كتب الآداب، وهذا
مذهب الجمهور من القراء والفقهاء، وقد أخذ بظاهر الآية بعض الأئمة كأبي هريرة رضي الله تعالى عنه وابن سيرين، وقيل إنّ الفاء لا دلالة فيها على ما ذكر وأنّ إجماعهم على صحة هذا المجاز يدل على أنّ القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة ليس بشرط