ج٥ص٧٢
التحقيق لوصوله، والثانية حمل العباد
على التوكل فيه، وقوله كل في كتاب مبين كالتتميم لمعنى وجوب تكفل الرزق كمن أقرّ بشيء في ذمّته، ثم كتب عليه صكاً. قوله :( أماكنها في الحياة والممات الخ ) جعل المستقرّ والمستوح اسم مكان لأنه الظاهر، وجوز فيهما أن يكونا ممدرين، وأن يكون المستوح اسم مفعول لتعدّي فعله، ولا يجوز في مستقرّها لأنّ فعله لازم، وقوله في الحياة، والممات لف ونشر مرتب، وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما مستقرّها مأواها في الأرض، ومستودعها المحل الذي تدفن فيه وسمي مستودعاً لأنها توضع فيه بلا اختيار، وقوله والأصلاب، والأرحام يجوز جرّه ونصبه، وهو لف ونشر أيضاً، وجعل الأرحام مستودعاً للنطف ظاهر لأنها توضع فيه من قبل شخص آخر بخلاف الأصلاب وقيل إنه نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما عكسه فهو لف، ونشر مشوس، وكلام المصنف رحمه الله يحتمله، وقوله أو مساكنها من الأرض الخ هذا ما في الكشاف، واقتصر عليه لعمومه لجميع الحيوانات بخلاف الأوّلين لكنه لا يخلو من بعد، ولذا أخره المصنف رحمه الله. قوله :( كل واحد من الدواب وأحوالها ) يعني أنّ المضاف إليه كل محذوف، وهو كل ما ذكر أي كل دابة ورزقها؟ ومستقرّها ومستودعها في كتاب مبين ومن للتبعيض أي كل فرد فرد منها لا للتبيين بمعنى كل هو هذا، وكأنه تعالى ذكر بعض أحوالها، ثم عممه لغيرها أي كل ما ذكر وغيره. قوله :( مذكور في اللوح المحفوظ ) تفسير للكتاب وبيان للمتعلق، وقوله بيان كونه عالماً الخ يعني لما ذكر أنه يعلم ما يسرّون وما يعلنون أردفه بما يدل على عموم علمه وأراد بما بعدها قوله، وهو الذي خلق السماوات والأرض الخ وتقريره للتوحيد لأنّ من شمله علمه، وقدرته هو الذي يكون إلهاً لا غيره مما لا يعلم، ولا يقدر على ضرّ ونفع، وتقريره للوعيد لأنّ العالم القادر يخشى منه ومن جزائه، ويجوز أن تكون الآية تقريراً لقوله ما يسرون، وما يعلنون، وما بعدها تقرير لقوله، وهو على كل شيء قدير. قوله :( أي خلقهما وما فيهما كما مرّ الخ ) الظاهر أنه إشارة إلى تقدير ذلك لأنّ الثابت أنه خلقهما، وما فيهما في تلك المدّة فإمّا أن يقدر أو يجعل السماوات مجازاً بمعنى العلويات فيشملها، وما فيها ويجعل الأرض بمعنى السفليات فيشملها، وما فيها من غير تقدير، وما قيل إنّ المراد بالعلويات نفس السماوات، والأرض سهو، وإنما احتاج إلى التجوّز أو التقدير وان كان خلقها في تلك المدة لا ينافي خلق غيرها لاقتضاء المقام
للتعرّض! لها. قوله :( وجمع السماوات دون الأرضى الخ ) قد مرّ تفصيل هذا وأن المراد أنها سبع طباق متفاصلة بينها مسافة كما ورد في الأثر، وأنّ قوله، ومن الأرض مثلهن المراد به الأقاليم السبعة وأنّ حقيقة كل سماء غير الأخرى وأنه قيل إن الأرض مثل السماء في العدد، وفي أن بينها مسافة، وفيها مخلوقات فيكتفي حينئذ في التوجيه باختلاف الأصل. قوله :( قبل خلقهما لم يكن حائل بينهما الخ ) كونه قبل خلقهما مأخوذ من كان لأنّ المعنى المستفاد منها بالنسبة للحكم لا للتكلم، وهو خلق السماوات والأرض، وهذا ظاهر سواء كانت الجملة معطوفة أو حالية بتقدير قد إنما الكلام في قوله لا إنه كان موضوعاً على متن الماء فإن الاستعلاء صادق بالمماسة، وعدمها ولا دليل على ما ذكره في الآية، وقيل مبني هذا النفي على كون الظاهر ذلك فإن كون العرس منطبقاً على الماء أوّلاً ثم رفعه عنه محتاج إلى دليل، وهو منتف، ولا يخفى ما فيه فإن عدم الدليل لا يكون دليلاً للعدم كما بين في محله إلا أن يكون ذلك بعناية لما نقل عن السلف أنه كان على الماء، وهو الآن على ما كان عليه ولأنه الأنسب بمقام بيان القدرة الباهرة وعلى كل حال فلا يخلو عن القيل، والقال. قوله :( واستدلّ به على إمكان ا!لاء ( قيل أراد الإمكان الوقوعي لأنّ المستفاد من الآية أنه خلق السماوات والأرض! ولم يكن إذ ذاك غير العرس، والماء وعليه منع ظاهر، والخلاء هو الفراغ الكائن بين الجسمين اللذين لا يتماسان، وليس بينهما ما يماسهما، وقوله وأن الماء أوّل حادث بعد العرس، وبيانه أن كونه على الماء يحتمل المماسة، وعدمها، ولذا قال إمكان الخلاء دون وجوده ولما كان معنى كونه عليه أنه موضوع فوقه لا مماسه، وخلق السماوات والأرض بعدهما اقتضى أن الماء مخلوق قبلهما، وأنه أوّل حادث بعده، وهو من