ج٥ص٨٢
والقحط، وحرم بفتح الحاء، وكسر الراء من الحرمان بمعنى ممنوع أي لا يعتذر إليه بعذر كما لي غائب أو لا أعط بل يسارع إلى البذل لكرمه. قوله :( لا ينقصون شي!اً- مبن أجورهم ) ينقصون مجهول، وشيئا تمييز وضمير فيها ظاهره أنه للدنيا لكن قيل الأظهر أن يكون للأعمال لئلا يكون تكراراً بلا فائدة ورذ بأنّ فيه فائدة لإفادته أنّ البخس ليس إلا في الدنيا فلو لم يذكر توهم أنه مطلق لأنّ المعنى هم غير مظلومين في إيفاء جزاء أعمالهم في الدنيا دون تأخيره إلى دار القرار، والمصنف رحمه الله تعالى لم يتعرّض فلا يرد عليه شيء كما قيل مع أنه يكون للتأكيد، ولا ضرر فيه. قوله :( والآية الخ ) وإذا كانت في الكفرة وبرهم أي إحسانهم فهي على العموم لأنهم يعجل لهم ثواب أعمالهم في الدنيا على المشهور، وقيل إنه يخفف به عنهم عذاب الآخرة، ويشهد له قصة أبي طالب فلا وجه لما قيل إنّ الظاهر إنها في منكري البعث أو المرائين من مقريهم إذ لا يتمشى على القولين لكن حصرهم في الكينونة في النار يقتضي أنها في الكفار، ومنافقيهم لا في أهل الرياء إلا أن يقال المعنى ليس يحق لهم إلا النار، وجائز أن يعفى عما استحقوه، ويكون المراد من سوقها كذلك التغليظ في الوعيد، والحاصل أنه تعالى ذكر بطلان أعمال هؤلاء، والأعمال الباطلة إفا أعمال الكفار أو أعمال أهل الرياء إذ غيرهم لا يبطل عمله فلذا اختلف فيه المفسرون، ورجح العلامة الأوّل لأنّ السياق في الكفرة، ولأن قوله ليس لهم في الآخرة إلا لنار لا يليق على إطلاقه إلا بهم، وعلى تفسير. بأهل الرياء لا بد من تقييده فيقال ليس لهم في الآخرة بسبب أعمالهم الريائية إلا النار كما في شرح الكشاف، والأصل عدم التقييد، وهو معنى قول المصنف رحمه الله تعالى في مقابلة ما عملوا أو يؤوّل بما مرّ لكن لا حاجة إليه في كلام
المصنف رحمه الله تعالى إلا أن يقال إنه يؤول إليه فمراده بيانه تأمّل، وقوله الحسنة بالرفع صفة صور، وأوزار العزائم جمع عزيمة، وهي نيته بما فعل من الرياء، وغيره. قوله :( لأنه لم يبق لهم ثواب في الآخرة ا لم يقل لم يبق لهم ثواب في الآخرة على أنه تفسير لحبط العمل لأنه ليس معنى الحبط إذ معناه إبطالها بعد تحققها، وليس بمراد بل المراد أنهم لا يجازون في الآخرة إمّا لجزائهم عليها في الدنيا أو لأنها لا تستحق شيئاً من الجزاء، وهذا المعنى معنى مجازفي للحبط عليها فلا وجه لما قيل حق التعبير ترك التعليلى إلى التفسير، وقوله أو لم يكن الترديد مبنيّ على أنّ المرائين من المؤمنين لهم ثواب في الآخرة بأعمالهم إلا أنهم لما استوفوا ما يقتضيه صورها في الدنيا لم يبق لهم ثواب في الآخرة، ويجوز أن لا يعتبر في حق ثواب الآخرة لأن العمدة في اقتضائه الإخلاص فتأمّله. قوله :( ويجوز تعليق الظرف الخ ) وإذا تعلق بحبط فالضمير للآخرة، وقوله في نفسه قيده به ليفيد ذكره بعد الحبط فالمراد بالبطلان الفساد لعدم شرط الصحبة، وإلا فإن أريد به عدم بقائه لعدم بقاء الأعراض فجميع الأعمال كذلك، وإن أريد عدم الانتفاع رجع إلى الحبط، وقوله لأنه لم يعمل على ما ينبغي فلذا كان في نفسه باطلا، وهو توطئة لما بعده. قوله :( وكأنّ كل واحدة من الجملتين علة لما قبلها ) فيكون المعنى ليس لهم في الآخرة إلا النار لحبوط أعمالهم، وعدم ترتب الثواب عليها لبطلانها، وكونها ليس على ما ينبغي فإن قيل حبط ما صنعوا، وبطلان ما عملوا يقتضي أن لا ينتفعوا به لا أن يكون لهم النار فكيف تصح العلية قلنا إذا بطل عمل الجوارح لم يبق لهم إلا أوزار العزائم السيئة كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى فلهم النار في مقابلته فإذا عرفت بهذا وجه تعليل الحبوط لما قبله، وعلمت أنّ علة الحبوط لكونه لم يكن كما ينبغي، وهو معنى بطلانه كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى ندفع ما قيل إنه لقائل أن يقول ما قبلها مركب من أمرين ثبوت النار لهم ونفي الثواب عنهم، وحبوط ما عملوا ليس بعلة للأوّل لأنّ علته أوزار العزائم كما أشار إليه، ولا للثاني لأنّ الحبوط نفس نفي الثواب فلا يكون علة لنفسه. قوله :( وقرئ باطلأ على أنه الخ ) وهذه القراءة شاذة ونسبت لعاصم، وقد خرّجت على ثلاثة أوجه الأوّل أن ما زائدة، وباطلاً منصوب بيعملون، وفيه تقديم معمول خبر كان، وفيه كتقديم الخبر خلاف، والأصح الجواز، والثاني، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله تعالى أنّ ما إبهامية، وباطلا منصوب بيعملون أيضاً، وما صفة للنكرة، والمعنى باطلا أقي باطل،