ج٦ص١٠٠
وقوله : أو لاتصال الخ، فيكونان كجنة واحدة وليس المقام مقام بيان العدد بل بيان ما قاله حينئذ، وقد علمت خلوه عن النكتة المقتضي لتأخيره، وقوله : في واحدة واحدة أي لا يمكن إلا الدخول في واحدة وهذا كقوله : قرأت الكتاب بابا بابا وإعرابه وتحقيقه مذكور في النحو. قوله :( ضارّ لها بعجبه وكفره ( فظلمه لها إمّا بمعنى تنقيصها وضررها لتعريض نعمته للزوال ونفسه للهلاك، أو بمعنى وضع الشيء في غير موضعه لأن مقتضى ما شاهده التواضع المبكي لا العجب بها وظنها أنها لا تبيد أبدا والكفر بإنكار البعث كما يدل عليه قوله : قال الخ. قوله :( تفنى هذه الجنة ( لأن باد بمعنى فنى وهلك، وقوله ة لطول أمله الخ يحتمل أن يريد أن التأبيد ليس بمعناه المتبادر بل طول المكث وأن يريد أنه على ظاهره لأنه لجهله وإنكاره قيام الساعة ظن عدم فناء نوعها، وما قيل إنه لا يظنه عاقل، ليس بشيء لأنه لا يلزم عقل هذا القائل، وتمادى غفلته استمرارها وامتداد مداها، وقوله : كائنة إشارة إلى أن القيام الذي هو من صفات الأجسام المراد به التحقق والوقوع مجازاً جرى في العرف مجرى الحقيقة، وقوله : كما زعمت إشارة إلى شكه فيه كما يدل عليه أن، وقوله مرجعا إشارة إلى أنه تمييز وهو اسم مكان
من الانقلاب بمعنى الرجوع كقوله : انقلب إلى أهله وأنّ المراد عاقبة المآل لأنّ خيريته تتحقق بذلك. قوله :( لأنها فانية وتلك باقية ( نسبة للفناء إليها إن كان المراد بالأبد المكث الطويل فلا إشكال فيها وان كان المراد به ظاهره فهو بناء على اعتقاد صاحبه كما أشار إليه بقوله : كما زعمت فلا ينافيه أيضا، كما لا ينافي إنكاره للبعث أو شكه فيه. قوله :( وإنما أقسم ( كما يدل عليه اللام الموطئة للقسم وهو دفع لأنّ التأكيد بالقسم يقتضي عدم تردده في البعث والمذكور خلافه بأن التأكيد لوجدانه الخير، لو وقع ما فرض لأنه مستحق له استحقاقا ذاتياً لا يتخلف عنه لو وقع وهو لا ينافي كون وقوعه غير معلوم، وقوله : وهو معه أي الاستحقاق المذكور والظاهر أن معنى قوله أينما يلقاه أينما كان يلقاه فيلقي ما يترتب عليه والضمير للاستحقاق أيضا لا لله، كما قيل. قوله :( لأنه أصل مادتك أو مادة أصلك ( لأن مادته النطفة وهي من الأغذية المتكوّنة من التراب، فهو أصل لها، وكونه مادة أصله لأن أباه آدم عليه الصلاة والسلام خلق منه فعلى الأوّل إسناد الخلق إليه منه حقيقي لأنّ المخلوق من المخلوق من شيء مخلوق منه إذ لم يتعين إرادة المبدأ القريب حتى يكون مجازاً، وكونه مبنياً على صحة قياس المساواة خيال واه، وعلى الثاني مجاز من إسناد ما للسبب إلى المسبب وفي كلامه حسن تعبير كقوله : عادات السادات سادات العادات. قوله :( ثم عدّلك وكملك ( أصل معنى التسوية جعل الشيء سواء مستوياً كما في تسوّى بهم الأرض! ثم إنه استعمل تارة بمعنى الخلق والإيجاد كقوله : ونفس وما سوّها فإذا قرن بالخلق ونحوه فالمراد به خلقها على أتمّ حال وأعد له مما تقتضيه الحكمة بدون إفراط ولا تفريط كما يؤخذ من كلام الراغب وغيره فلا يرد عليه قوله تعالى فسوّاك فعدلك إذ العطف يقتضي التغاير والتفسير الاتحاد. قوله :( جعل كفره بالبعث كفرا باللّه ( أورد عليه أمران، الأوّل : أن هذا وإن كان عليه الأكثر لكن الظاهر أنه كان مشركا كما يدل عليه قول صاحبه تعريضا به ولا أشرك بربي أحداً، وقوله : يا ليتني لم أشرك بربي أحدا وليس في قوله : إن رددت إلى ربي ما ينافيه لأنه على زعم صاحبه كما مرّ الثاني أنه لا يلزم من الشك في البعث أو إنكاره الشك في كمال القدرة الإلهية أو إنكاره لجوإز وجود كمال القدرة على ذلك ولكنه لا يفعله لأمر اقتضته حكمته أو لغير ذلك، وجوابه أن ما ذكر هو مقتضى السياق لأنه وقع رذاً لقوله ما أظن الساعة قائمة، ولذا قال في الكشاف جعله كافرا بالله جاحداً لأنعمه لشكه في البعث، كما يكون المكذب بالرسول كافرا، ثم إن كونه منكراً للبعث مقزا بربوبية الله لا ينافي كونه مشركا عابدا للصنم ونحوه كما قالوا : ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله وأنكروا البعث أيضا وأما إن من عجز الله عن البعث سوّاه بخلقه في العجز وهو شرك فتكلف لا حاجة إليه فأما كونه
لحكمة أخرى فمخالف للواقع والنص لأنّ مقتضى الحكم إثابة المطيع وعقاب العاصي أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا، وأسقط قوله في الكشاف جاحدا لا نعمة لأنه يقتضي أو يوهم استعمال


الصفحة التالية
Icon