ج٦ص١٠٣
وما ذكره أوّلاً من قوله : تلهفا وتحسراً تفسير معنى على الوجهين لا إعراب فلا غبار على كلامه ولا تشويش فيه كما توهم، وقوله : ساقطة بيان للمعنى المراد منه بقرينة صلته وأصل معنى خوى خلا يقال : خوى بطنه من الطعام أي جاع، والعروس جمع عرس وهو ما يصنع ليوضع عليه فإذا سقط سقط ما عليه وقوله : أو حال من ضمميره المستتر فيه بتقدير وهو يقول : لأنّ المضارع المثبت لا يقترن بالواو الحالية إلا شذوذاً كما في قولهم : قت وأصك وجهه. قوله :( كأئه تذكر موعظة أخيه ( في قوله : أكفرت وأشعاره بتذكر الموعظة لتمني وقوعه قبل ذلك حين وعظه، وقوله : أتى مجهول وأصله أتاه هلاك ماله من جهة شركه وكفره، وقوله : ويحتمل أن يكون توبة من الشرك فيكون تجديداً للإيمان لأن ندمه على كفره فيما مضى يشعر بأنه آمن في الحال فكأنه قال : آمنت بالله الآن وليت ذلك كان أوّلاً، وعبر بالاحتمال إشارة إلى أن مجرد الندم على الكفر لا يكون إيماناً وان كان الندم على المعصية قد يكون توبة إذا عزم على أن لا يعود، وكان الندم عليها من حيث
كونها معصية كما هو المتبادر صرّج به في المواقف لأنّ الإيمان لا يكفي فيه ذلك مع أنّ ندمه عليه ليس من حيث هو كفر بل بسبب هلاك جنتيه، وأيضا لا بد من توبته مما كفر به، وهو إنكار البعث وخلوصه فيه وعدم نصرة الله له الآتي يقتضي خلافه وأنا قول الإمام أنه إذا تاب عن الشرك يصير مؤمنا فكيف قال الزمخشري : بعده إنه لم ينصره لصارف وجوابه أنّ توبته لما كانت لطلب الدنيا أو عند مشاهدة البأس لم تكن مقبولة فقد قيل عليه : إن كونه لم ينصره فيما مضى لصارف قبل التوبة لا ينافي قبولها إذا صدرت منه وكون الإيمان بعد مشاهدة هلاك ماله إذ أنذر به إيمان بأس غير مقبول غير مسلم لبقاء الاختيار الذي هو مناط التكليف، فتأمل. قوله :( وقرأ حمزة والكسائتي بالياء ( أي في يكن لنقدم الفعل عليه ولو تأخر وكان عاملا في ضمير الغيبة لزم تأنيثه، وقوله : يقدرون على نصره أوّل النصر بالقدرة عليه لأنه لو أبقي على ظاهره اقتضى نصر الله وليس بمراد لأنه إذا قيل لا ينصر زيداً أحد دون بكر قهم منه نصر بكر له في العرف وأمّا على ما ذكر فالمعنى لا يقدر على نصره إلا الله القدير فاستعمل النصر مجازا في لازم، وهو القدر عليه وقوله : وحده يؤخذ من نفيه عن غيره، وقوله : ممتنعا إشارة إلى أنّ النصرة عما حل به من الله بمعنى امتناعه وحفظه منه وهو ظاهر، وقوله : أو رد المهلك بفتح اللام أي ردّه بعينه إن قيل بجواز إعادة المعدوم بعينه أو بمثله إن لم نقل به، وإنما حصره في الثلاثة لأن نصر من أريد أخذ ماله إما بدفع الأخذ قبل وقوعه أو برده بعينه بعده أو برد مثله كليه فلا وجه لما قيل أنّ الإتيان بالمثل ليس من النصر في شيء. قوله :( في ذلك المقام وتلك الحال ) حاصله أنّ الإشارة إفا إلى ذلك المقام وتلك الحال التي وقع فيها الإهلاك أو إلى الدار الآخرة، وعلى التقدير الأوّل الولاية إفا مطلقة أو مقيدة والولاية المطلقة، إمّا بمعنى النصرة أو السلطنة، والمقيدة إمّا بالنسبة إلى غير المضطرين أو إليهم وسترى بيانه وجوّز في هنالك تعلقه بمنتصرا وكونه ظرفا مستقرا خبرا أو فضلة وهو الظاهر وعليه مشى المصنف رحمه اللّه وقرئت الولاية بالفتح والكسر وعلى الأول ما ذكر هنا فقوله : النصرة له وحده إشارة إلى أنه بالفتح بمعنى النصرة وأنه مبتدأ ولله خبره وأنّ الجملة تدل على الحصر لتعريف المسند إليه واقتران الخبر بلام الاختصاص كما مر تقريره في قوله : الحمد دته رب العالمين وأن النصرة بمعنى القدرة عليها كما مر لأنه لم ينصره فيكون مؤكدا ومقرراً لقوله ة ولم تكن له فيئة ينصرونه الخ
لما عرفت أنها بمعناها. قوله :( أو ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة ( ضمير فيها لتلك الحالة، وهذا وجه ثان فيه الولاية بمعنى النصرة أيضا لكنها مطلقة في الأوّل أو مقيدة بالمضطز ومن وقع به الهلاك، وفي هذا مقيدة بغير المضطرّ، وفيما فعل متعلق بنصر وبالكافر متعلق بفعل وأخاه مفعول نصر، ونصرته عليه إذ خرب جنته وحقق ظنه فيه، وعبر بالاسمية أوّلاً ثم بالفعلية لأن القدرة على النصر أمر ثابت ونصرة المؤمنين متجذدة، وقوله : ويعضده أي يعضد أن المراد نصرة المؤمنين لأنها هي التي تكون خيراً، وهو ظاهر كما أشار إليه بقوله لأولياثه فإن تمام الآية


الصفحة التالية
Icon