ج٦ص١٠٥
بالعكس في كلامه القلب لأنه يستعمل بمعناه، وقد عرفت أنّ قوله : لما الخ بيان للمصحح، وقوله : للمبالغة بيان للمرجح فلا وجه لما قيل إنه لا فائدة في الجمع بينهما وهو ظاهر غنيّ عن البيان.
قوله :( مهشوماً ) أي هو فعيل بمعنى مفعول لا جمع هشيمة كما في الكشات، وقوله :
تفرقه بيان للمراد منه والشائع أنه بمعنى تفريق الحب من قشره، وأذرى وذرى وذزي متقاربة، وقوله : والمشبه به الخ، دفع لما يتوهم من دخول الكاف عليه وليس مشبها به، ولا حالاً من أحواله مذكوراً في الجملة أولا حتى يتوهم فيه تقدير مضاف أي كحال ماء لأنه تشبيه تمثيليئ وحاله معروف في المعاني، وقوله : المنبت من أنبته إنباتا ونباتا وقوله : رافا أي مهتزاً لطراوته، وفي نسخة وارفا وهو بمعناه، وقوله : ثم هشيما عبر بئم إشارة إلى تراخي تفتته وتهشمه عن ريه بالماء، وإنما وقع بالفاء في النظم لاتصال أوّله بآخر ما قبله، والنكتة فيه الإشعار بسرعة زواله كما أشار إليه بقوله : كأن لم يكن فلا يرد عليه أنّ المناسب للنظم فتكون لتحصل الدلالة على سرعة الزوال المقصودة بالإفاد في هذا المقام، وقيل : الفاء فصيحة والتقدير فزها ومكث فأصبح الخ، وقوله : كأن لم يكن بالتخفيف أصله كأنه لم يكن، وقوله : من الإنشاء والإفناء قدره لمناسبة المقام ولو أبقاه على عمومه صح، وقوله : قادراً لو قال : كامل القدرة كما تدل عليه الصيغة لكان أظهر. قوله :( وتفنى عنه ( أي تزول عن الإنسان بزواله، أو بزوالها بسرعة وعن بمعنى بعد وما زائدة لتأكيد قربه وشدة سرعته، وهذا كقوله عما قيل ليصبحن نادمين، وما ذكر من فناء الدنيا وسرعة زوالها من البين المعلوم والزينة مصدر بمعنى ما يتزين به ولذا أخبر به عنهما والقصد للمبالغة والإضافة اختصاصية لأن زينتها مخصوصة بالدنيا إليه يشير كلامه وليس مراده أنّ إضافته على معنى في وإن جاز. قوله :( وأعمال الخيرات الخ ( يعني أنها صفة لأعمال مقدرة واسناد الباقيات مجاز أي الباقي ثمرتها وثوابها بقرينة ما بعده فهي صفة جرت على غير من هي له بحسب الأصل أو فيه مضاف مقدر واستتر الضمير المجرور وارتفع بعد حذفه، وقوله : تبقى له أي للإنسان، وقوله : ويندرج الخ إشارة إلى أن ما وقع من السلف من تفسيرها بما ذكر على طريق التمثيل، وقوله : عائدة أي ما يعود عليه من النفع فسر الثواب به على أنه مجاز وهو ما يجازى به على فعله من الأجر وإن كان في الأصل مطلق الجزاء كما في الغريبين ليكون معنى مشتركا بين زينة الدنيا والعمل الصالح يتأتى به تفضيل أحدهما على الآخر حقيقة، وقوله : ينال به ذكر ضمير الباقيات الصالحات المؤنثة لتأويلها بما ذكر أو بالخبر ونحوه أو للنظر للخبر ويأمل بالتخفيف من باب ينصر يؤقل بخلاف أمور الدنيا فإنّ الأمل يخيب فيها كثيراً وكون ثوابها أبد الآباد لا ينافي كونها بعشرة أمثالها ولا يدفعه قوله : والله يضاعف لمن
يشاء لأنّ أضعاف المتناهي متناهية، لأنّ المراد أنها أمثال لها في القدر والحسن وهو لا ينافي الدوام هكذا في بعض الحواشي، وفيه بحث. قوله :( واذكر يوم نقلعها ونسيرها في الجوّ ( يعني ليس المراد نسيرها في الأرض أو بالأرض بلى قلعها منها وتسييرها في الهواء وفيه إشارة إلى أن يوم منصوب باذكر مقدراً قبله، وسيأتي في عامله وجه آخر. قوله :( أو نذهب بها فنجعلها هباء ) أي كالهباء، ومنبثا بمعنى متفرّقا وهو بالثاء المثلثة وهذا تأويل بجعل تسييرها بمعنى إذهابها وأفنائها بذكر السبب وارادة المسبب فيكون كقوله : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثاً. قوله :( ويجوز الخ ) فيكون متعلقاً بخير، وأشار بقوله : ويوم القيامة، إلى أنه المراد بيوم نسير الجبال، لأنه يوم تضمحل فيه أمور الدنيا لأنه إذا زال ما ظاهره الثبات فغيره أولى، وعلى الوجه الأوّل المراد به ظاهره. قوله :( بادية ) أي ظاهرة ولا يخفى حسن ما فيه من الإبهام، ولذا فسره بقوله : برزت الخ، يعني أنها لزوال الجبال ظهرت كلها لزوال ما يسترها، ثم أشار بقوله : ليس عليها ما يسترها إلى أنه ليس المراد من بروزها زوال الجبال فقط، بل زوال ما عليها من الجبال والعمران والأشجار والبحار، وإنما ذكر الأوّل لاقتضاء ما قبله له فليس بيانا لما قبله لأنّ البروز الظهور بعد الخفاء كما قيل : وترى على بناء المجهول نائب فاعله الأرض، وقوله : وجمعناهم إلى الموقف بيان لمعناه وأنه يتعدى بإلى


الصفحة التالية
Icon