ج٦ص١١٠
الوجه، وقيل : عليه أنّ انفهام تخصيصهم بعلوم لا يفهم من نفي إشهادهم خلقها والاعتضاد بهم قطعاً وهو ظاهر، وأما كونه إشارة إلى أنّ الشرف واستحقاق المتبوعية إنما يتحقق بالعلم فلا يجدي هنا، ويدفع بأنّ إحضار أحد عند مباشرة أمر عظيم والاستعانة به فيه إنما يكون لمن له من العلم والقدرة ما ليس لغيره والا فلا وجه لإحضاره دون غير فنفيه يقتضي نفي ذلك وهو ظاهر، وحتى لو آمنوا غاية لما قبله من الأمرين، والناس ما عدا المشركين، وضمير قولهيم للمشركين، وطمعا تعليل للالتفات المنهيّ عنه، وقوله : لا ينبغي تفسير لقوله : ما كنت فإن معنى ما كان لك كذا لا ينبغي وهو إشارة لتفسيره وارتباطه على هذا الوجه والمراد منه حينئذ أنه لا يحتاج في نصرة الدين إلى أحد، فسواء اتباعهم وعدمه، وقوله : لديني متعلق بأعتضد، فلا وجه لما قيل إنّ الاعتضاد إنما هو بإيمانهم بعد زوال ضلالهم فلا وجه لنفي الانبغاء فالأولى أن يقال : لا حاجة إلى إيمانهم لأني أعتضد لديني بغيره. قوله :( ويعضده قراءة من قرأ الخ ) والمعنى لا ينبغي لك ذلك فهو نهي له معنى، ووجه التأييد ظاهر، وقوله : على الأصل أي من أعمال اسم الفاعل وتنوينه، والتخفيف التسكين والاتباع بضم العين لاتباع الضاد وبفتحتين، وقوله : جمع عاضد من عضده بمعنى قوا. وأعانه فلا يكون استعارة.
قوله :( وإضافة الشركاء الخ ) أي على هذ الوجه وهو الظاهر فإضافة مبتدأ وعلى زعمهم
خبره وللتوبيخ تعليل لانتساب الخبر للمبتدأ، وهدّا بناء على ما في بعض النسخ من أو شفعاءكم وفي بعضها بالواو بدل أو وعليه فإذا جعل هذا كلاما عاماً للوجهين فإعرابه كذلك على هذا الوجه وأمّا على الوجه الأوّل فقوله : للتوبيخ خبر وعلى زعمهم قيد للمبتدأ لعدم الحاجة إلى إفادة أنّ الإضافة على زعمهم للتصريح به في النظم حينئذ، كذا قيل : ولا يخفى ما
فيه من الخلل وأنّ الظاهر أنه بيان للوجه الثاني، وأنه يجوز فيه أن يكون على زعمهم خبرا، وقوله : للتوبيخ قيد له، ويجوز أن يكون على زعمهم قيداً للمبتدأ وللتوبيخ خبره، ولو جعل راجعا لهما جاز فيه ذلك أيضا وإذا جعل خبراً فالإفادة فيه باعتبار قيده لأنه محط الفائدة فلا وجه لما ذكر. قوله :( والمراد ) أي بالشركاء ما عبد من دون الله وعلى هذا يعم المسيح وعزيرا والملائكة عليهم الصلاة والسلام فيحتاج إلى إخراجهم ص قوله : وجعلنا بينهم موبقا أو تأويله بأنّ الموبق حائل بينهم وإن لم يكونوا فيه جميعا وسيأتي ما يلائم هذا فلا يرد عليه أن التفسير الثاني أولى لاستغنائه عما ذكر فكان ينبغي تقديمه، وقوله : للإعانة بالنون ويجوز كونه بالمثلثة. قوله :( مهلكاً يشتركون فيه ) مهلكا بفتح الميم ويجوز كسر اللام وفتحها لأنّ فعله كضرب وعلم ومنع شذوذاً اسم مكان من الهلاك على أن وبق بمعنى هلك، وقال الثعالبي في فقه اللغة : إنه بمعنى البرزخ البعيد فوبق بمعنى هلك أيضا إذ المعنى جعلنا أمداً بعيداً يهلك فيه بالأشواط لفرط بعده، وعلى هذا فيجوز شموله للملائكة وعيسى وعزير عليهم الصلاة والسلام لأنهم في أعلى الجنان وأولئك في قعر جهنم، كما في الشكاف وقيل : معناه محبس وموعد وبين ظرف، وقوله : يشتركون فيه إشارة إلى أنّ معنى كونه بينهم أنهم مشتركون في الحلول فيه كما يقال : جعلت المال بين زيد وعمرو فكأنه ضمن معنى قسمت، وقوله : وهو النار أي جهنم لأنها تطلق على مكانها إطلاقاً شائعا وقيل إنه واد فيها. قوله :( أو عداوة ) بالنصب عطف على مهلكا فالموبق مصدر أطلق على سبب الهلاك مجازا وهو العداوة، كما أطلق التلف على البغض المؤدّي إليه لا على البغض مطلقاً حتى يتوهم أنه ليس بمجازاً لا معنى لقولك لا يكن بغضك بغضا والكلف مصدر كلف به إذا أولع به والمعنى لا يكن حبك حبا مفرطا يؤدّي إلى الولع والهيام، وبغضك بغضا مفرطا يجر إلى التلف، وقوله : اسم مكان أو مصدر لف ونشر مرتب ويجوز جعل الفوبق بمعنى الهلاك ومعنى كونه بينهم شموله لهم. قوله :( من وبق يوبق ) في ال!قاموس وبق كوعد ووجل وورث وبوقا ومويقا هلك، ومنه تعلم وجه ثبوت الواو في مضارعه، وقوله : وقيل الخ قائله الفراء والسيرافي والبين على هذا اسم بمعنى الوصلى كما يكون بمعنى الفراق لأنه من الأضداد وعلى هذا فهو مفعول أوّل لجعلنا


الصفحة التالية
Icon